لم تتبين بعد الحجوم النهائية للتكتلات في المجلس النيابي الجديد، رغم أن ائتلاف السيد المالكي سيحافظ على صفة الأكبر، وغير القادر منفرداً على تشكيل الحكومة، ما دفعه للتراجع عن نغمة "الأغلبية" معلناً فتح أبواب الحوار مع كل الأطراف السياسية، والمتوقع بعد انتهاء حسابات المفوضية أن يتمكن مع حلفائه من تجميع ما يقرب من 100 مقعد، حيث سيكون في حال تمسكه بالموقع، مُجبراً على السعي لتحالفات شيعية وكردية وسُنية واسعة، ليكون ممكناً انتخاب الرئاسات الثلاث وليس من الدورة الأولى بالتأكيد.
التحالفات المطلوبة ليست سهلة، إن واصل الحكيم والصدر وعلاوي والبرزاني والنجيفي الثبات على مواقفهم، الرافضة لمنح المالكي ولاية ثالثة بعد فشل تجربتهم في التعاون معه في ولايته الثانية، التي انفرد خلالها باتخاذ القرارات مُتعالياً على الجميع بمن فيهم أقرب حلفائه، ولسنا معنيين بالثقة الفائضة عن الحاجة في إعلانه قدرته على تشكيل الحكومة العتيدة، رغم القناعة بأنه سيحاول استمالة بعض السُنة على حساب الاستحقاق الكردي في منصب رئيس الجمهورية، فالمهم هنا ما سيتمخض عن نتائج اجتماعات التحالف الشيعي، الذي يمكن للصدر والحكيم أن يعيدا فيه خلط الأوراق وهما يملكان القدرة على ذلك، إلا في حال تدخل المرجعية لصالح مختار العصر، وهو أمر يبدو مستبعداً حتى الآن، وإذ يتحدث البعض عن انحصار التنافس بين ائتلافي المالكي والحكيم، فإن المؤكد أن التيار الصدري سيظل رقماً صعباً، خصوصاً في حال تحالفه مع الحكيم لمنع المختار من ولاية ثالثة، يدعو فيها لحكومة الأغلبية السياسية، بينما يدعو الحكيم لشراكة الأقوياء، وبما يعني التحالف مع أطراف فاعلة في الجانبين الكردي والسُني، رغم توقع البعض أن انقسام القوى السُنية، والكردية إلى حد ما، سيكون عائقاً أمام هذه الخطوة.
قد يكمن الحل في اختيار بديل للمالكي من حزبه، والطامحون لذلك كثيرون، وعلى واحد منهم اجتياز العقبات المحلية والإقليمية والدولية، لمنع انتقال كتلته إلى صفوف المعارضة، وقيامها بدور معطل للتشريعات المطلوبة، على سبيل المناكفة التي تأخذ الطابع الشخصي قبل الحزبي والوطني، لكن ذلك كله لن يتم بمعزل عن التأثيرات الإقليمية والدولية، فنتائج الانتخابات تكرس حالة الاستقطاب والعداء بين أطراف العملية السياسية، ما يعني استدعاء الاستقطابات الخارجية، التي لن تكون أبداً في مصلحة العراق والعراقيين، وقبل الوصول لذلك سيظل المالكي يراهن على استقطاب الاتحاد الوطني الكردستاني وجماعة صالح المطلك لتشكيل حكومة الأغلبية، لكن الكثيرين يرون بأنها ستكون تحالفات غير فاعلة، ولا تمثل المكونات التي يفترض أن تمثلها، وفي الأثناء سيسعى لتوظيف الأزمات التي يفتعلها مع مسعود البرزاني، وتلك الناجمة عن حرب الأنبار، وهو يظن أن مزاعمه بالدفاع عن العرب ضد الأطماع الكردية، ودفاعه عن المذهب وهو يواصل معركة الحسين ضد يزيد، ستمنحه الصفة التي يفتقدها، وهي رجل الدولة الذي يحتاجه العراقيون، بعد أن باتت دولتهم في مهب ريح التقسيم كنتيجة لنخر الفساد لكل أركانها، قد تنطلي هذه المزاعم على البعض داخل الشارع الشيعي، لكن المرجعية حسمت الأمر بوقوفها مع مصلحة العراقيين في التغيير، الذي يرفضه المالكي قطعياً مع أنه في الظاهر يدعو إليه.
في ظاهر الأمر أن طهران نفضت يدها من المالكي، وهي غير مستعدة للانخراط في معركة جديدة تنضاف إلى أعبائها في معركتها السورية، وليس بعيداً انها ستوافق على أي زعيم شيعي يحفظ للطائفة وحدتها، كما أن واشنطن تنأى بنفسها عن الدخول في معركة تبدو محلية بامتياز، وهي واثقة أن أي رئيس وزراء جديد سيحافظ على خصوصية العلاقة معها، ومع كل هذه المعطيات، هل يمكن القول إن فوز المالكي بالعدد الأكبر من المقاعد سيكون بطعم الهزيمة؟
فوز بطعم الهزيمة
[post-views]
نشر في: 2 مايو, 2014: 09:01 م