على الصفحة الأولى من معظم صحف العالم الأسبوع الماضي صورة المواطن الكوري الجنوبي وهو يصفع رئيس وزراء بلاده متهما إياه بالتقصير في حادث غرق العبارة الذي راح ضحيته 138 شخصاً.. مع هذا الرقم تذكر أيها القارئ عدد ضحايا العمليات الإرهابية التي وقعت في مدن العراق خلال الايام الماضية، فقد اعلنت بعثة الأمم المتحدة ان عدد ضحايا العنف في العراق خلال شهر نيسان الماضي قد بلغوا 2291 بين قتيل وجريح، وأتمنى عليك ان تمسح من ذاكرتك هذا الرقم: "اكثر من مئة الف عراقي قتلوا منذ ان جلس نوري المالكي على كرسي رئاسة الوزراء" وقبل هذا التاريخ ربما سيفجعك الرقم القياسي الذي تحقق خلال ولاية ابراهيم الجعفري اكثر من "100"قتيل ترمى جثثهم كل يوم في الشوارع.. يرفض ساستنا الأشاوس ان يراهم الناس في لحظة ضعف بشري.. فكيف يمكن للقائد الاوحد ان يتلقى تأنيبا من مواطن فجع بابنه اومن ام فقدت اعز ما تملك، فما بالك اذا تجرأ المواطن وقرر ان يفعل شيئا من هذا القبيل مع حكيم الأمة ابراهيم الجعفري او مختار العصر نوري المالكي حتما، سيحاكم بتهمة 4 إرهاب وسيخرج الناطق باسم الداخلية ليعلن على الملأ الإنجاز الحكومي بالكشف عن خلية إرهابية تموّل من تركيا، وسيظهر المواطن ببدلة برتقالية ذليلا مرتجفا وهو يعترف بانه خطط لتفجير المنطقة الخضراء.
138 ضحايا العبارة وقفت كوريا الجنوبية من اكبر مسؤول إلى ابسط مواطن تذرف الدموع لأجلهم، فيما تخلى مسؤولونا عن إنقاذ مواطنين تحولت بيوتهم الى مقابر جماعية.
في الايام الماضية عاشت كوريا الجنوبية بأجمعها ملحمة بشرية في الدفاع عن قيمة الحياة، كان فيها المتضررون الغارقون في الظلام والمياه يعيشون الأمل بأن ساستهم ومسؤوليهم لا يمكن ان يتخلوا عنهم.
ما سر بلدان مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة والبرازيل التي كانت على قائمة الدول الاكثر فقرا؟ لقد قرر ساستها ان يبحثوا عن اسباب تفوق بلدان مثل اليابان وألمانيا، ولم يخرج على الناس مسؤول بسذاجة عبعوب فيقول ان طوكيو زرق ورق او ان سيئول افضل من بون.. اليوم دخل العامل الكوري الجنوبي تجاوز دخل مثيله في ألمانيا، ولن يمضي وقت قصير ليلحق بزميله الياباني.
السباق الجاد الآن بين كوريا الجنوبية وبلدان العالم على زيادة الدخل القومي، هل تعرفون ان حجم سوق الاسهم في سيئول يتجاوز الترليون دولار .. والموازنة تتجاوز هذاالرقم بمئات المليارات؟
في كوريا الجنوبية لايسمح لرئيس الوزراء باداء القسم امام الجمعية الوطنية مالم يقدم كشفا باسماء ابرز مستشاريه.. وفي بلاد مختار العصر لا أحد يدخل على رئيس الوزراءسوى اقاربه، ولا يقف وراءه الا احد أزواج بناته، الإضافة الوحيدة للديمقراطية ان تضع خمسة من افراد عائلتك على رأس قائمتك الانتخابية، هكذا نرفع شعار دولة القانون.
في السنوات الثلاثين الاخيرة انتقلت سنغافورة الى الازدهار، وكوريا الجنوبية إلى التفوق الصناعي والتجاري، والبرازيل تدخل قائمة الدول الغنية ورئيستها تضع رجلا فوق اخرى، في قمة الثماني الكبار، وحدها فقط بلاد خطيب الامة تزداد تقدما في سجلات البؤس والتخلف والدماء والانتهازية والتزوير والشعارات الكاذبة.. وحدها جمهورية مختار العصر تستبدل حروب التنمية بحروب الطائفة، والقتل على الهوية.
تطلّعت رئيسة البرازيل الى مئات الالاف من المتظاهرين ضد زيادة اسعار النقل العام وقالت لهم وهي تبتسم: يا له من مشهد رائع. إنكم ترفعون قيمة الديمقراطية في بلادنا..لم تُرسل قوات سوات، ولم تشتمهم في حديث الاربعاء، ولم تصف شعبها بالفقاعات.
انظروا الى صورة رئيس وزراء كوريا وهو يتلقى الصفعة..وتمعنوا في صورة رئيس وزرائنا، واسألوا اين نحن بعد أعوام من الكلام عن الرفاهية والسيادة والمستقبل المشرق، وحكومات الشراكة، والمحاصصة اللطيفة، وسيادة القانون؟
انسوا.. لا مقارنات.
من يجرؤ على صفع رئيس الوزراء؟
[post-views]
نشر في: 3 مايو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 3
ابو هبة
اخي علي حسين المحترم ، ان هذه الشعوب تعرف كيف تحاسب قادتها ، بعد صفعة الأب المفجوع ، اعتذر رئيس الوزراء ، واستقال بعدها واعتبرها مسؤولية الدولة وخطأها، هكذا يتعامل القادة الحقيقين ويتحملوا المسؤولية امام شعوبها ، لا كما تتعامل أنصاف الرجال والرعاع أمثال
ابو جعفر
نحن أمة دائماً ما تبحث عن شخص تجعل منه رمز أقرب إلى منزلة الملائكة!
ابو سجاد
استاذ علي انك تكلمت عن رئيس الوزراء ولم تعرج الى معاون المدرسة التي كانوا جزء من ركاب العبارة فيها طلابامن مدرسته فقد قام هذا الانسان الذي ينضح انسانية بشنق نفسه على احدى الاشجار لمجرد انه تصور نفسه سببا بهذا الحدث اسالك بالله هل سمعت يوما عربيا كان اومس