TOP

جريدة المدى > عام > أحمد المهنا.. بحثَ عن السلام في كل العواصم فوجده في المتنبي

أحمد المهنا.. بحثَ عن السلام في كل العواصم فوجده في المتنبي

نشر في: 5 مايو, 2014: 09:01 م

(1-2)نظّمت مؤسسة الحوار الإنساني بلندن أمسية احتفائية للكاتب والصحفي أحمد المهنا تثميناً  لدأبه وعطائه المتواصلين على مدى عقود عدة. وقد اشترك في هذه الأمسية ستة أدباء ومثقفين عراقيين وهم الكاتب خالد القشطيني، والشاعر فوزي كريم، والروائي عبدالله

(1-2)

نظّمت مؤسسة الحوار الإنساني بلندن أمسية احتفائية للكاتب والصحفي أحمد المهنا تثميناً  لدأبه وعطائه المتواصلين على مدى عقود عدة. وقد اشترك في هذه الأمسية ستة أدباء ومثقفين عراقيين وهم الكاتب خالد القشطيني، والشاعر فوزي كريم، والروائي عبدالله صخي، والشاعر عوّاد ناصر، والباحث غانم جواد وكاتب هذه السطور المتواضعة.
قبل أن نلج إلى المحاور الثلاثة التي ركّز عليها المُحتفى به لابد من الإشارة إلى أن أحمد المهنا قد جاء إلى الصحافة من عالَم اللغة العربية التي درسها في الجامعة المستنصرية وتفوق فيها على أقرانه، وكان من المفترض أن يواصل دراسته العليا ويتعمّق في هذا الاختصاص الذي أحبّه وتفوّق فيه. غير أن الظروف السياسية لم تكن تسمح بذلك فشدّ الرحال إلى بيروت عام 1979، ثم تنقّل بين دمشق ونيقوسيا ولندن وعمل في عدة صحف وقنوات فضائية قبل أن يقفل راجعاً إلى العراق عام 2004 وينغمس في العمل في أكثر من صحيفة كـ "المدى" التي كان يكتب فيها عموده اليومي "أحاديث شفوية" ثم صحيفة "العالم" التي رأس تحريرها وخلق منها أنموذجاً متحرراً يحترم ذهنية الإنسان العراقي الذي بدأ يتذوق طعم الحرية بعد ثلاثة عقود ونصف العقد من الاستبداد، ومصادرة الحريات الخاصة والعامة. أصدر المهنا كتابين الأول يحمل عنوان "الإنسان والفكرة" والثاني هو "الأمر رقم واحد" وهما أقل بكثير من الجهد الثقافي الذي يبذله على الأصعدة الفكرية والثقافية والصحفية.
باب الاضطرارات
ارتأى المهنا أن يسلّط الضوء على ثلاث مقالات كان قد كتبها في الشهر الثاني من عام 2012 ، حيث حمل المقال الأول عنوان "على بساط الريح" موضحاً فيه أن سبب مغادرته العراق عام 1979 هو هيمنة النظام الشمولي على بلد النخل ولجوئه إلى بلد الأرز الذي بدت فيه الحرب الأهلية "برداً وسلاما" على الفارين من جحيم الدكتاتور الذي بدأ يتغول على البلاد والعباد ولا يجد حرجاً في أن ينهش خاصرة هذه الدولة الجارة أو تلك، أجنبية كانت أم عربية. تتمحور  مادة هذا المقال على الفرق بين صحافة المعلومات وصحافة الرأي،والفرق الكبير ما بين الصحافتين متخذاً من صحيفتي "السفير" و "النهار" اللبنانيتين مثالاً حيث تمثل الأولى "ناراً كبرى" بينما تمثل الثانية "رصانة كبرى". ولعل الفرق الرئيسي الذي لمسه المهنا بين صحافتنا العراقية المؤدجلة أنها تكبِّر الأشياء عشرات المرات، أما الصحافة الحرة الديمقراطية فإنها تصور الأشياء بحجمها الطبيعي الذي يحترم عقلية القارئ.
يكشف المهنا في هذا المقال عن السبب الذي دفعه لمغادرة بيروت إلى دمشق عام 1981 لكن السوريين شقّوا منظمة فتح عام 1983 فتعذر عليه البقاء بدمشق لذلك يمّم وجهه شطر نيقوسيا. لم يتخلص من العمل مع المنظمات الفلسطينية التي تبدو مثل قدر يلاحق المثقفين العراقيين أينما حلّوا أو ارتحلوا حيث تعرّف على مجموعة منشقة من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة وعمل لمصلحتها حيث كان يدبّج لهم البيانات الساخنة خلافاً لطبعه الهادئ "فيرتد ذلك على معدته اختناقاً بالغازات، وعلى أعصابه اكتنازاً بالتوترات". وكان هذا العمل من باب الاضطرارات لا من صحافة المعلومات، وقد حمد الله أنها كانت آخر عهده بهذا النوع من الاضطرارات.
الشغف بالمهنة
يتمحور المقال الثاني على كلمتين لا غير وهما " الإثارة والرتابة" فالمهنا مدفوع بهاجس العمل ومنقطع إليه على الرغم من كل المتاعب التي يحصدها في نهاية النهار. فحينما يبدأ العمل تتقد في داخله 100 شمعة، وحينما ينتهي من عمله يعود بشمعة واحدة مضاءة. يصف المهنا مشقة عمله اليومي ورتابته في بعض الأحيان حينما يتوجب عليه أن يملأ كل يوم ثلاث صفحات فارغة بالأخبار والتقارير والصور. إذاً، ثمة صراع يعيشه المهنا بين الرتابة والإثارة، وبين الموت والتجدد، ونصيحته الأولى والأخيرة ألا يسقط الكاتب في خانق الاعتياد الذي ينقضّ على الروح ويقضي عليها تماماً. يرى المهنا "أن لكل مادة صحفية روحاً ما، وأن مهمة الصحفي هي اكتشافها، وعرضها بطريقة يستشعرها المتلقي". غير أن هذا الاكتشاف لا يتم ما لم يكن الصحفي شغوفاً بمهنته، محباً لها، ومنقطعاً إليها كليا. ثم يخلص المهنا إلى القول بأن الشغف هو صنو الإعلام الحر الذي نهفو إليه، وهو يولد، أولاً وأخيراً، من رحم الإثارة، لكنه يتلاشى ويموت كلياً إذا ولج دروب الرتابة ومتاهاتها المؤسية.
ذكرَ المهنا "بأن زميلة مخلصة له نبهته من أجل سلامته النفسية في وسط يتوجس من الهمّة والجدية، إلى ضرورة الاقتصاد في إظهار مهارته! وهي دعوة لأن يعمل ليعيش في حين أن المطلوب من الصحفي أن يعيش ليعمل. فالصحافة طريقة حياة. لكنه كان ينسى تلك النصيحة فيرتكب الحماسة في ذلك الوسط المحكوم بالرتابة". ثم يختم مقاله الجميل بالقول: " إن الصحافة الحقة هي ابنة الحرية. وبغياب ملكوت الحرية تغيب عنها الفرحة. وكل عمل بشري من دون مسرّة دليل غربة وطريق وحشة. وباطل ثم باطل كل جهد وكل كدّ يسبب التعاسة"!
الإعلام الحرَ
لم يخرج مقال المهنا الثالث عن إطار صحافة المعلومات وصحافة الرأي، فهو يرى "أن صحافة المعلومات تقدم خدمة الحقيقة إلى المتلقي وتحترم عقليته أما صحافة الرأي، أي صحافة الحزب أو الحكومة، فمهمتها ترويج عقيدة أو فكرة، وهدفها إقناع المتلقي. الأولى تشتغل عند القارئ، والثانية تشتغل بالقارئ. صحافة المعلومات تعرض الحياة، ولك أن تتفكر وتتدبر معها أمورك بنفسك. وصحافة الرأي تقدم الفكرة أو العقيدة لتكون وسادتك الخالية من هم التفكير والتدبير".
يخلص المهنا إلى القول بأن صحافة المعلومات هي الاسم الآخر للإعلام الحر الذي مازال بيننا وبينه الكثير من المشقّات والأهوال. وعلى الصحفي الناجح أن يقدّم الحقيقة للناس وأن يقول ما يعتقد بصحته فقط.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الأنواء الجوية: ارتفاع في درجات الحرارة الاسبوع الحالي

الكويت تنفي تدهور الحالة الصحية لسلمان الخالدي الذي تسلمته من العراق

ترامب: نريد 50% من ملكية تطبيق تيك توك

القوانين الجدلية على جدول أعمال البرلمان يوم غد الثلاثاء

هل أخطأ البرلمان بعدم حل نفسه مبكراً؟

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة

كوجيتو مساءلة الطغاة

علم القصة: الذكاء السردي

موسيقى الاحد: 14 رسالة عن الموسيقى العربية

تصورات مغلوطة في علم السرد غير الطبيعي

مقالات ذات صلة

السماء ليست حدودًا: قصة هوارد هيوز وجان هارلو
عام

السماء ليست حدودًا: قصة هوارد هيوز وجان هارلو

علي بدرفي مدينة تتلألأ أنوارها كما لو أنها ترفض النوم، وفي زمن حيث كانت النجومية فيها تعني الخلود، ولدت واحدة من أغرب وأعنف قصص الحب التي عرفتها هوليوود. هناك، في المكاتب الفاخرة واستوديوهات السينما...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram