اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > في غياب الخجل

في غياب الخجل

نشر في: 5 مايو, 2014: 09:01 م

كنا أطفالا حين سمعنا إطلاقة نارية أعقبها صراخ هستيري عند منتصف الليل اكتشفنا بعده انتحار جارنا بسبب تورطه بقضية اختلاس في دائرته الحكومية، ولأننا لم نكن نفهم معنى كلمة انتحار او اختلاس فقد قال لنا آباؤنا انه قتل نفسه خجلاً لتورطه في سرقة أموال الدولة... لم يطل البقاء بزوجته بعد ذلك إلا اياماً انتقلت بعدها مع اطفالها إلى محافظة اخرى وكان الخجل يطل من عينيها اكثر من الحزن كما قالت النسوة اللاتي ذهبن لتعزيتها.. ! بعد سنوات، سمعنا إطلاقات نارية وزغاريد ، سألنا عن سبب الاحتفال فعلمنا انه احد سكان الحي المجاور كان قد اتهم بقضية اختلاس كبرى في دائرته الحكومية وتمكن من "لملمة" القضية والخروج من السجن.. النسوة اللائي ذهبن لتهنئة زوجة المختلس "ببراءته" لاحظن ارتداءها "باوناً" ذهبياً جديداً يدل حجمه على غلاء ثمنه وحين سألنها عنه قالت بزهو ان زوجها جلبه لها من آخر "صفقة" قام بها بعد ان انقذ نفسه بشطارة.. بهذه الطريقة غاب الخجل مع عشرات القيم والمبادئ خلال تلك السنوات وصار المبدأ الجديد لأي شاطر " ان لم تستح فافعل ما شئت " ..
في انتخاباتنا التي عقدنا عليها آمالا كبيرة غاب الخجل ايضا حين سلكت بعض الكتل أساليبا رخيصة او خبيثة للترويج لنفسها وليس لبرنامجها الانتخابي وصارت الشطارة صفة لمن حصد اصواتا اكثر ولا يهم كيف تحقق ذلك رغم اننا جميعا ندرك مدى قذارة اللعبة ..
من ناحيتي ، لا انكر ألمي وربما يأسي بعد ظهور النتائج الاولية للانتخابات التي اعادت الكرة الى ملعب دولة القانون وجعلت رئيس الوزراء المنتهية ولايته لا يخجل من المطالبة بتشكيل حكومة أغلبية متناسيا وقوفه الى الضد من ذلك في الانتخابات السابقة واختطاف مقعد رئاسة الوزراء من تحت رئيس القائمة العراقية بالالتفاف على هذه الفقرة ..لهذا السبب قررت ان اجري استقصائي الخاص فأسأل شرائح متعددة ممن انتخبوا المالكي مجددا عن سبب انتخابهم له ..
بعضهم قال انه سيوزع لهم الأراضي كما وزع للفقراء من قبلهم وآخرون وجدوا فيه المنقذ من الإرهاب طالما لا يشاهدون الا قنواته ولا يستمعون الا الى بياناته الساخنة في القضاء على داعش وتحرير الأراضي العراقية من كل من يعادي المذهب والعقيدة ..اما القسم الاكبر من منتخبيه فهم خائفون من مجيء حاكم جديد ربما يمنح حظوة للآخر، او يسلبهم حقهم في الحكم  واذن فأبو اسراء ( احسن من غيره ) حتى لو مارس صنوف الكذب والخداع والمراوغة وسرقة المال العام وإحاطة نفسه بالأقارب والمنتفعين والمتزلفين ..و( اللي نعرفه احسن من اللي منعرفه ) ..
بهذه الطريقة يفكر المواطن العراقي البسيط دون ان يعلم انه انما يعمل على صناعة ديكتاتور آخر يزداد التصاقا بكرسي الحكم وابتعادا عن الشعب ، وحين يحتاج الى شعبه ليزيده التصاقا بمقعده المفضل فهو يدغدغ مشاعر الفقراء والبسطاء بالوعود ويطمئن المتعصبين للمذهبية والطائفية بالحفاظ على العقيدة بالنار والدم ، وهكذا ..يعاود المواطن صناعة الديكتاتور حين يغفر له أفعاله ويتوقع منه الأفضل للمرحلة المقبلة ليبرر خوفه من المجهول ..ولكن ، هل ننتظر الأفضل ممن غاب عنه الخجل سواء في أسلوب دعايته الانتخابية او بحرمان شرائح كاملة من الانتخاب وتزوير ما يمكن تزويره لكسب أصوات اكثر .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram