انتهى "العرس الديمقراطي" وبدأت أسئلة المقربين من رئيس مجلس الوزراء، السؤال الأساسي فيها: هل سيشكل المالكي حكومة اغلبية ، ام انه سيحتفظ بشعار حكومة شراكة وطنية ؟ وهو سؤال من مجموعة أسئلة مضحكة يحاول أصحابها سحب الواقع إلى مناطق الضباب.. لا الوضوح ، لأنها مثلا تضع شخصية المالكي حصرا في مواجهة بناء نظام سياسي حديث، هذه المواجهة.. المهم فيها الإصرار على وضع المالكي على كرسي رئاسة الوزراء، وقطع الطريق امام بناء حكومة فاعلة.. ليصبح "العرس الانتخابي" في النهاية مجرد اصلاح او ترميم لديكور قديم، فيما العراق يحتاج الآن إلى مؤسسات قوية ، لا بطل منقذ.. يحتاج إلى إرادة بناء وتغيير وشراكة من القوى السياسية والاجتماعية التي لها مصلحة في الاستقرار والتنمية ، لا في ترميم القديم ودفع البلاد إلى هاوية لا إفاقة منها.
فليس المهم هل ستشكل حكومة اغلبية ام حكومة شراكة، المهم هو الفريق الذي سيدير البلاد في الايام العصيبة القادمة ؟
ارجوا ألا يقول البعض إننا ضد العرس الديمقراطي، وفشلنا في توجيه الناخب ولهذا نحن نحقد على من حصدوا أعلى الاصوات ، ودعوني اسأل: أي صنف من أصناف الديموقراطية تتحدثون عنه ، وفي أي ديموقراطية لا يُطرد نائب قام بتوزيع اراضي الدولة على المواطنين باعتبارها منحة من رئيس الوزراء ستعاد اذا لم يتم انتخابه ؟ وكيف سمح لمرشحين أن يستخدموا المال العام في حملاتهم ؟ اي نوع من أنواع الديمقراطية التي تفتح خزائن الدولة امام الأقارب والأصحاب والمعارف من اجل ان يحصلوا على كرسي في البرلمان ، في أي ديموقراطية يكون النقاش حول حصة طائفة ما، والبحث عن مسببات تقصي الطوائف الأخرى؟
ماذا يريد البعض أن يقول حين يخرج على الناس مصرا على إن "الاقرب لائتلاف دولة القانون هو التحالف الوطني ، لانه قريبا من فكرنا واتجاهنا السياسي"، مثلما يصر النائب علي العلاق، الى ماذا يسعى علي الموسوي المستشار الاعلامي لرئيس مجلس الوزراء الذي أخبرنا امس صباحا بان "حوارات ومشاورات تجري حالياً حول ترتيبات تشكيل الشراكة"، ثم خرج علينا في المساء ليبشرنا من ان السيد المالكي " بدأ اتصالات لتشكيل حكومة الأغلبية السياسية " .
لا يا سادة ياكرام .. إن الأمر لا يمكن أن يسير على هذا النحو أبداً، لأن مظالم الناس اكبر من أي منصب، واهم من أي مسؤول أياً كانت الجماهير التي انتخبته – لأنها حتما انتخبته لا لشخصه وإنما للمشروع السياسي الذي قدمه – واليوم تخلى الجميع عن مشاريعهم، تخلوا عن تشكيل حكومة كفاءات مقابل حكومة محاصصة، وغضوا الطرف عن عصابات الجريمة المنظمة، بل أن البعض استخدمها لتحقيق مآرب خاصة، الناس انتخبت سياسيين وعدوا بتأسيس دولة المواطنة لكنهم اليوم يعانون من دولة المسؤولين وأقاربهم. لا يتصور السيد المستشار أن الناس ستأخذ بالبكاء والنواح على الشراكة الوطنية التي تفصل على مقاس دولة القانون، هل يتصور أننا ستخرج في تظاهرة للمطالبة بان يحافظ المالكي على وعده ويشكل حكومة أغلبية من أجل نعيش اربع سنوات عجاف جديدة؟
ماذا تنتظر الناس من دولة لا تبرع إلا في تضخيم رموز الحكم.. في نفختهم الكاذبة.. هذه دولة ماتت بشيخوختها، وأصغر "ثرثار" فيها ميت، وكل ما فيها لن يقدم لنا سوى الموت، هذه هي الخلاصة أيها السيد المستشار.
التغيير قام في العراق من أجل بناء دولة جديدة، إلا ان القائمين على الحكم لا يعرفون إلا هذه الدولة التي انتهت صلاحيتها.. يتعلقون بها، ويتصورون أنهم يستطيعون بخفة أن ينقلوا المفتاح من " قائد ضرورة" إلى " قائد مؤمن" و يتخيلون أن الشعب مجرد جمهور ينتظر " ثرثرات " سياسيه الساذجة، لينام بعدها مطمئنا راضيا بالمقسوم.
ايها العراقيون إما أن تصرون على صنع دولة جديدة تعبر بنا من مقبرة الماضي التي يريد لنا البعض العيش فيها ، إلى بر الحياة.. وإما سندفن مع هذه الدولة الميتة إلى الأبد.. لا حل وسطاً.. حكومات المحاصصة الطائفية والاقارب والاصحاب أكلتها "الارضة" ، ولم تعد صالحة للاستخدام الآمن.
ومازلنا نتأمل "شراكة" علي الموسوي
[post-views]
نشر في: 6 مايو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
ابو سجاد
نعم ياسيد علي ستبقى في مقبر ة الماضي مادام اعضاء التحالف اللاوطني مصرا على بقاء التحالف على ماهو وخصوصا ما يصرح به اعضاء كتلة المواطن فلا تغيير ولادولة كفاءات ولاتكنوقراط ولا دولة مؤسسات
خليلو...
اظننا سندفن ولكن الى حين ثم نبعث كالعنقاءوذلك حين يرحل من سبب لنا خيباتنا اسمع هذه الحكاية: جاء في الاساطير : اذا مات الملك في بلاد سرنديب( سيلان) وضع على عجلة قريبة من الارض مستلقيا على قفاه يسحب شعر راسه التراب من الارض وامراة بيدها مكنسة تحث تراب الار