TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > فــــارزة: الآخرون يضمدون جراحنا

فــــارزة: الآخرون يضمدون جراحنا

نشر في: 22 نوفمبر, 2009: 08:44 م

ابتسام عبدالله بادرة من صحيفة عالمية مثل التايمز، أثارت إعجابي، بل فاجأتني صباح يوم الأحد، الماضي، عندما فتحت موقع التايمز على شبكة الانترنت لأجد في صفحتها الأولى اعلانا ملوناً يحمل صورة طفل عراقي وتحتها عبارة الصنداي تايمز: أطفال العراق، مناشدة بمناسبة الكريسمس.
 وعندما انتقلت من الصفحة الأولى إلى تفصيلات الموضوع، أدركت أن صحيفة التايمز تدعو إلى حملة تبرع من أجل تقديم المساعدة لمعالجة الاطفال العراقيين الذين يعانون شتى الإصابات بسبب أعمال العنف، وأصبح مستقبلهم غير واضح، وحاضرهم موجع وموحش. وتساءلت في تلك اللحظة،لماذا لم تنطلق حملة أو مبادرة مماثلة من العراق عبر جهة مسؤولة عن الطفولة مثلاً أو منظمة ما؟ لماذا لم نفكر بهم والتخفيف عن آلامهم بالعمل وليس بالكلام ومئات الكلمات. أطفال مشوهون أسدل ستار أسود أمامهم ليفصل بين ماضيهم ومستقبلهم. وتتفق التقارير أن عدة الوف من الأطفال في العراق، ضحايا آثار تداعيات الأحداث وعنفها والتي شملت أغلب المدن في الأعوام السابقة.. ولكل حالة من تلك الحالات خصوصيتها ولكن العامل المشترك بينها هو أن أولئك الألوف فقد الأمل في مستقبلهم. ونعود إلى التايمز التي أفردت مساحة كبيرة لمبادرتها الإنسانية مع نشر صور عديدة للأطفال المشوهين وأفلام (فيديو) أيضاً، تروي جزءاً من تلك الكوابيس المريعة التي مروّا بها، وتركت آثارها عليهم. فالطفل حسين واحد من 8000 آخرين، أصيب بتشوهات وعبد الله 9 أعوام عاود السير على قدميه بعد العلاج والطفلة شمس كريم التي نالت قنبلة شريرة من عينيها اللتين تحولتا إلى فتحتين معتمتين. وعندما نشرت التايمز قصة شمس، انهالت التبرعات عليها من قرائها وتغير مصيرها بل حياتها إثر علاجها في لندن.شمس وسواها، لم يكن يخطر ببالها أن الحياة قد تتغير في لحظة ما، خارج حساب المشاعر والاحاسيس، لحظة سوداء تقتل الحياة عندما تنفجر من خلالها قنبلة ما في مكان ما. وقد انفجرت في العراق مئات القنابل ومئات السيارات، وضجت البيانات بكلمات المواساة لمن تضرر ولمن خسر، ولكن قلة منا فكر حقاً في عمل ما لمساعدة تلك الأسر التي فقدت جزءاً أو أجزاء منها، وبادر إلى دعوة ما من أجلهم. وعندما أتحدث عن هذا الأمر لا أريد إلقاء اللوم على الآخرين، لأننا في العراق، وكما يبدو قد أثخنا بالجراح، وأننا لكثرة ما بكينا ودخلنا في دوائر الكآبة والأحزان، أو أنها قد أحاطت بنا عنوة، غدت الأحداث المأساوية في حياتنا أموراً عادية تتكرر يومياً منذ أعوام، بحيث لم نعد نتوقف طويلاً إزاءها، بل يكاد بعضنا لا يواصل سماع الخبر من محطة ما حتى نهايته، لأنه يعرف تفاصيله مسبقاً، أو أنه مشغول بأمر آخر، أو ربما لأن مشاعرنا قد تكلست مع الأعوام، كما حدث سابقاً في أيام حرب الثمانينيات عندما اعتادت العائلة تناول الطعام مع برنامج "صور من المعركة" وأمامهم مشاهد المعارك وجثث الشهداء ودماؤهم:اعلان الصنداي تايمز جعلني اتساءل:هل نترك للآخرين تضميد جراحنا؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram