صدر حديثا عدد جديد من مجلة الكوفة وهي مجلة دولية محكمة تصدر عن جامعة الكوفة، وهو الأول من السنة الثالثة، وفيه تمضي مجلةُ الكوفة قدماً في أن تجمعَ في ضوءٍ واحدٍ ذي أطيافٍ متنوعة: المعرفي والتاريخي، التوثيقي والسيّري، الفلسفي والأدبي. يجمعُ بحوث هذا ال
صدر حديثا عدد جديد من مجلة الكوفة وهي مجلة دولية محكمة تصدر عن جامعة الكوفة، وهو الأول من السنة الثالثة، وفيه تمضي مجلةُ الكوفة قدماً في أن تجمعَ في ضوءٍ واحدٍ ذي أطيافٍ متنوعة: المعرفي والتاريخي، التوثيقي والسيّري، الفلسفي والأدبي. يجمعُ بحوث هذا العدد تنوّعها.
في هذا العدد يواصل الدكتور عبد الجبار الرفاعي في بحث بعنوان "حسين نصر: الجسد للغرب – الروح للشرق" تقديم الفكر الإيراني المعاصر، وهذا المرة من خلال سيد حسين نصر ممثلاً لتوجه آخر في الفكر الديني، من بين أربعة توجهات كان قد فرزها الرفاعي في أعداد سابقة من هذه المجلة،.
"لقد ذهب الاتحاد السوفيتي وبقي الفاتيكان"، عبارة تقع في لبّ بحث الأستاذ عزّ الدين عناية "الكنيسة الكاثوليكية وحقوق الإنسان"، وتجيء ردّاً على سخرية أطلقها ستالين يوماً ضد الكنيسة.
ولكتابة السيرة الذاتية، نوعاً وتجربة، حضور في هذا العدد بقلم الدكتور لؤي حمزة عباس: "كتابة السيرة الذاتية: المقاصد والتقنيات".. ولاشك في أن البحث العلمي في هذا الخصوص لا يفتقر إلى التخييل، لاسيما أن الكاتب (وهو قاص) والنصوص التي يشتغل عليها يجولون في حقل التخييل جميعاً. غير أن استقصاء تقنيات السيرة الذاتية يحتاج إلى استقراء وحشد أدلة، واستخلاص نماذج. التخييل والعلمي في حقل واحدة: الكتابة. ويبدو أن لهذا صلة داخلية ببحث الدكتور علي الصالح المولى "محارق الكتاب: بحث في استهداف الذاكرة (مقاربة تحليلية تصنيفية)،
وفي بحث علمي أكاديمي بعنوان "فرقة الإباضية بين مخطوط "رسالة الفرق" وبعض كتب الفرق والملل والنحل" يستقصي الباحث زهيّر تغلاّت، في سبيل التنقيب عن الحق والصواب، فرق الإباضية كما جاءت في رسالة الفرق لأبي عمرو عثمان بن خليفة المارغني السوفي مقارنة بما ورد في بعض كتب الفرق والملل والنحل القديمة.
يمتاز بحث الدكتور نصير الكعبي "لوح الكتابة المسيحية – العربية: في تنقيبات الحيرة للموسم 2010 – 2011" عن غيره من بحوث ودراسات أنه اعتمد المكتشفات المادية الحديثة التي عثر عليها خلال البعثة التنقيبية في الموسم 2010 – 2011، بينما اعتمدت تلك البحوث والدراسات الأخرى المصادر الأدبية بصنفيها الإسلامي والسرياني. ويستعرض البحث الجهود الأجنبية والمحلية، التي كانت قد بدأت في العام 1931 وتوقفت في العام 1986، ثم استؤنفت في العام 2007.
يتناول عبد الرحمن بوعلي موضوع "التناص" Intertexteو"التناصية" Intertextualité وهما من المفاهيم والمصطلحات الأساسية التي ظهرت في إطار هذه التبدلات، وشغلت الكثير من نقاد ومنظري الحداثة وأقضت مضجعهم حتى استوت على ساقها. فالتناص مفهوم حديث قديم، لكنه - بالنظر إلى تحديده المفهومي- مفهوم جد حديث. ولكي تتضح التطورات التي شهدها المفهوم تناول البحث جهود المنظرين المعاصرين له، وكيف أنه أصبح من المفاهيم الأساسية في النظرية الأدبية المعاصرة. ونرتحل مع الدكتور أحمد عويّز في بحثه "نظام المماثلة "النسق المركزي" في العقل التأويلي الغربي: مقاربة معرفية"، رحلة معرفية تدقيقية تتبع قيام نظام معرفي في العقل التأويلي الغربي أسهم في صياغة نظرته للوجود والعالم وأشيائه بناءً على جملة من اللحظات المعرفية. ويبني البحث مقاربته على أساس الربط بين نظرية المعرفة التي أسست التصور الغربي، ونظرية التأويل التي حملته رؤية للوجود من جهة أخرى.
أما ختام العدد، فهو بعنوان "عمارة التفكيك تكتب العالم" للدكتور المهندس أسعد الأسدي. إن العمارة مثلها مثل الكتابة يصيبها التحول والتجديد، تقرأ ما حولها، فهي نصّ أيضاً، تهشم قواعده، وتعيد تركيبها في ضوء جديد يتعدى الشكل إلى العقل نفسه الذي يبلغ حدود الوهم. فلم يعد عملنا تجهيز الحقيقة، بل اختراع الوهم. إن الشكل المعماري يتكسر ويرتبك، يتشتت ويتقشر ويتلوى، فيربك صورتنا المألوفة عن الأبنية، بل يربك أيضاً عاداتنا الإدراكية.