في السابعة من عمره ، يقع صبي نيويوركي في حب فتاة صغيرة حين تمنحه شبه ابتسامة قبل صعودها الى الحافلة ثم تختفي من حياته الى الأبد ..هذه هي القصة الأولى من المجموعة القصصية التي أصدرها مؤخرا الكاتب الأمريكي نيكولاس كينيدي وقام بيرنار كوهين بترجمتها الى
في السابعة من عمره ، يقع صبي نيويوركي في حب فتاة صغيرة حين تمنحه شبه ابتسامة قبل صعودها الى الحافلة ثم تختفي من حياته الى الأبد ..هذه هي القصة الأولى من المجموعة القصصية التي أصدرها مؤخرا الكاتب الأمريكي نيكولاس كينيدي وقام بيرنار كوهين بترجمتها الى اللغة الفرنسية ..
ولاتحدد هذه القصة كمثيلاتها الأخريات زمنا معينا كما انها تنتظر باستمرار مستقبلا غير محدد ..ففي جميع تلك القصص سنجد أشخاصا يقيمون حياتهم باحثين باستمرار عما لايمكنهم امتلاكه ورافضين ماهم عليه ، كما يبرز سؤال مأساوي باستمرار يصدر من أعماق الشخصيات عما يرغبون بفعله حقا والى أين يريدون الذهاب ؟..........
في قصص دولغاس نجد دائما شخصيات تمتلك كل المؤهلات التي تحقق لهم السعادة كالوظيفة الجيدة والمال والحياة الزوجية احيانا ، لكنها وبعد ان تحصل على الحياة التي تريدها يحاصرها شعور بالفراغ فيبدأ الضغط النفسي والخلافات الزوجية واللجوء الى العنف احيانا ..وتتراوح أعمار هذه الشخصيات بين 40-60 عاما واغلبهم يحاولون إعادة تشكيل حياتهم بعد فترة قصيرة من وقوعهم في قصص حب جديدة حيث تسود النشوة والشعور من جديد بان يكون المرء محبوبا وهذه المشاعر تطغي على كل شيء آخر رغم ان الشريك الجديد لايكون مثاليا بالضرورة كما يتصورون ..
تحمل المجموعة القصصية عنوان ( الهمس في آذان النساء ) ويوحي هذا العنوان للقارئ بأنه سيكون أمام قصص مغرقة في العاطفة لكن الكاتب يذر الرماد في العيون اذ نجد على العكس قصصا واقعية يلازمها سؤال ملح واحد :" الى أين نحن ذاهبون ؟"
ففي احدى القصص يسأل سائق سيارة أجرة راكبا كان قد غادر عائلته وعمله توا : " الى أين تنوي الذهاب ؟" فيجيبه :" انه السؤال الذي اطرحه على نفسي طوال حياتي !!"...ومن قصة الى اخرى ومن جيل الى جيل ينتقل الشعور بالضيق والملل والحيرة ..أما القصة الأخيرة التي تحمل عنوان( قصة عيد الميلاد ) فتختلف الى حد ما بتقديمها قصة امرأة يهجرها زوجها لكنها لاتكتفي بالتساؤل بل تقول بنبرة امل : " مازال دائما هناك وقت لإعطاء معنى للحياة والشعور بها ..."
ويعد الروائي دوغلاس كينيدي من اشهر الروائيين في الولايات المتحدة وقد ترجمت أعماله الى اكثر من أربعين لغة لكنه حقق شهرته الحقيقية في أوروبا وليس في امريكا حيث لفظه الناشرون بعد انتقاده سياسة المحافظين وأسلوب جورج بوش في التعامل.مع أحداث الحادي عشر من أيلول ...واعتاد كينيدي على ممارسة طقوس معينة في الكتابة كالاستيقاظ في السادسة صباحا واحتساء الكثير من القهوة ثم كتابة 500 كلمة يوميا فقط مستندا الى قاعدة روائية تقول ان على الروائي اتباع ثلاث قواعد أساسية في الكتابة ليصبح كاتبا جيدا منها كتابة 500 كلمة في اليوم وهذا يعني ان بإمكانه إنجاز كتاب واحد كل عام ..ويشعر كينيدي بقلق دائم لكنه يعتبر الخوف والقلق مسالة مهمة بالنسبة للإبداع ، فمن لايشعر بهما لايمكنه تقديم إنجاز جيد ..ويشعر كينيدي بالألم لعدم اهتمام الناشرين الأمريكيين به رغم ماحققه من نجاح في أوروبا كما انه لم يتناول في رواياته وقصصه الا مواضيع الحياة الامريكية عدا روايته ( سيدة الخامس ) التي تعرضت لنمط الحياة الأوروبية..ويعتقد كينيدي ان الرواية الامريكية منفتحة جدا لكن امريكا ذاتها منغلقة على نفسها وسكانها لايحبون الخروج عن اطار حياتهم ..ويهتم كينيدي بالكتابة عن الحياة العصرية والفراغ الذي تخلفه كما يهتم بموضوع فقدان الأمل الذي خلفته الحياة العصرية ..وفي كل أعماله نجد أسئلة تحتاج الى أجوبة عن فائدة حياتنا وأفعالنا فيها كما نجد فيها تناولا لقضايا اجتماعية هامة كالطلاق والتفكك الأسري فالأسرة تهم كينيدي اكثر من غيرها لأنها الفئة الأكثر تعرضا للهزات والأزمات والتي تصلح بدورها لأن تكون رواية ناجحة ...
ويرى كينيدي ان مهمة الكاتب في أيامنا هذه مزدوجة فهو يكتب ويروي قصصا للقراء لكن عليه ان يضع التوتر في هذه القصص وان ينتقد المجتمع الذي يعيش فيه ليمكنه التعبير بصدق عن الضغوط الموجودة فيه.