تخيّلوا ماذا سيحدث لو ان المالكي قرّر قبل الانتخابات البرلمانية تأسيس تيار مدني يكون بديلا عن ائتلاف دولة القانون؟
الإجابة لا تحتاج مني ومنك أن نكون باحثين في شؤون الأحزاب، كما لا تحتاج لتفكير طويل ولا ضرب اخماس في أسداس، من المؤكد ان جميع اعضاء دولة القانون ممن يشتمون الدولة المدنية ومعها العلمانية ليل نهار ويتعوذون بالشيطان حين يأتي اسم الليبرالية أمامهم، سيتجهون حتما إلى حزب المالكي الجديد طمعا في الحفاظ على مقعد البرلمان.
هذه الكلمات لا اريد منها الانتقاص من أفكار احد.. ولا الحديث عن مبادئ الأحزاب الحالية.. ولكنني منذ سنوات ارصد حالة الكثير من المشتغلين بحقل السياسة، فأجد أن الكثير منهم يدخل الحزب الفلاني، أو يصبح عضوا ناشطا في ائتلاف سياسي، ليس بهدف ممارسة العمل السياسي، وإنما لرعاية مصالحه الخاصة، والبحث عن غطاء يؤمن له المنصب والامتيازات ودعونا ننعش الذاكرة باسماء تعيش بيننا اليوم، تقلبت على اكثر من جنب دون أن تؤمن بمبادئ وأهداف اي من الاحزاب التي انتمت اليها.
في العام 2009 حين قرر المالكي تشكيل ائتلاف دولة القانون، كنا نسمع جميع أعضاء دولة القانون يتحدثون عن المواطنة ودولة الحريات التي يكون القانون فيها هو الأساس.. لكن ما ان جلس المالكي على كرسي الحكم، حتى اعلن غزوته المباركة ضد القوى المدنية رافعا راية النصر على الأحزاب العلمانية والماركسية. عندها انطلقت سهام قناصة ائتلاف دولة القانون ضد كل ما له علاقة بالليبرالية والدولة المدنية.. فشاهدنا كيف خرج العديد منهم يحملون لافتات: "لا نريد ليبراليين قادمين من الغرب ليحكمونا"، بل ذهب البعض منهم إلى اتهام دعاة الدولة المدنية بأنهم مدعومون من جهات أجنبية ولديهم أجندات أجنبية.
اكتب هذه الكلمات بعد ان كتب لي احد القراء رسالة يقول فيها ان ائتلاف دولة القانون حصل على النسبة الاكبر من المقاعد في محافظة ذي قار، ويضيف القارئ بلهجة منتشية ان التيار المدني الذي صدعتم رؤوسنا به لم يستطع الحصول على مقعد واحد ، فيما يخبرنا عضو ائتلاف دولة القانون في كربلاء ، عمران الكركوشي من أن "حسين احمد المالكي وياسر المالكي حصدا اعلى الاصوات في المحافظة.
في مقابل هذه الاخبار " الحماسية " قرات امس ما كتبته مرشح التيار المدني في ذي قار هيفاء الامين على صفحتها في الفيسبوك حيث تقول : " قبل ان تعلن المفوضية النتائج النهائية، احببت ان اكتب لكم ، لان المؤشرات تدل على عدم حصولي على الأصوات المؤهلة، بدءا .. أهنيء من فاز بثقة الشعب الحقيقية. اقول الحقيقية كي أميزه عمن فاز باستغلال ضعف الناس وحاجتهم وقلة حيلتهم، وخرق القانون والقواعد الانتخابية الأخلاقية المعتمدة عالميا.
أقول لمن فازوا بثقة الناس الحقيقية، انتبهوا فان البناء على ما مضى مشكلة كبيرة، فالماضي البرلماني والحكومي ليس مدعاة للفخر بما احتوى ، فاستمعوا للشعب وتنازلوا ان لم تستطيعوا أداء المهمة الجسيمة ، وفكروا ان خلاصنا جميعا في قيام الدولة المدنية، اما انتم بنات و أبناء ذي قار يامن حلمتم بالمدنية، وان يكون لكم من يمثلكم في البرلمان ، وقد تمنيتم لدرجة اليقين أني فائزة بالمقعد، ولم تستطيعوا تخيل عدم الفوز .. أقول لكم وانتم غاضبون وربما محبطون .. ان كل هذه المشاعر من حقكم الآن، ولكنها ليست من حقكم غداً.
غداً علينا ان نتذكر ان الحياة المدنية لن يصنعها صعود هيفاء الأمين الى البرلمان بسحر ساحر ، بل هي كانت ستكون خطوة وعملا مضنيا.
رسالة هيفاء الامين تجعلنا نتساءل: لماذا ينبت التغيير في بلدان العالم ورودا للبهجة والإقبال على الحياة، بينما تحوّل في بلادنا إلى سحب من الكآبة والخوف من المستقبل المجهول؟
اطلع على الارقام التي حصل عليها " ابو رحاب " في كربلاء واسترجع كلمات هيفاء الامين، وهي تحلم بجمهورية العدل والقانون والمساواة.. فأجد إننا اليوم نعيش في بلاد توشك أن تصبح اسما بلا مسمى.. بلاد في حاجة إلى إنقاذ، ولن ينقذها إلا استعادة حلم العراقيين بدولة المواطن، لا جمهورية الطوائف التي يرفع شعارها هذه الأيام اصحاب الارقام الذهبية في الانتخابات.
حلم هيفاء الامين
[post-views]
نشر في: 11 مايو, 2014: 09:01 م