في احد أحياء الكرخ انطلقت مساء يوم الجمعة الماضي الأهازيج والهلاهل مع اطلاق النار في الهواء ، احتفاء بفوز مرشح عن ائتلاف دولة القانون ، وضمان وصوله الى البرلمان المقبل ، المرشح صاحب الحظ السعيد ، أقام وليمة كبيرة لعشرات الأشخاص يمثلون قاعدته الشعبية ، وعلى مدى اكثر من ساعة طبع قبلاته على "وجنات الجماهير" ، للتعبير عن امتنانه بصدقهم ووفائهم والتزامهم بوعودهم، في التصويت لصالحه ، وتحقيق حلم تمثيل العشيرة في المجلس النيابي .
الاحتفال المبكر جدا بالفوز قبل إعلان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات النتائج ، المصحوب بإطلاق النار ، جعل أهالي الحي يعيشون ساعات رعب ، وانتابهم القلق لتصورهم بان اشتباكات مسلحة اندلعت في المنطقة ، لان أصوات الرصاص طغت على الزغاريد وأهازيج "ها اخوتي ها " ثم تبدد الخوف ، وارتاحت النفوس عندما مرت الزفة في شوارع الحي ، بموكب يضم عددا من المركبات ذات الدفع الرباعي تحمل صورة المرشح.
في انتخابات العام 2010 اعتمدت المفوضية إعلان ما تفرزه عملية العد والفرز من نتائج ، عبر موقعها الإلكتروني ، فوفرت للقوائم فرصة حساب أصواتها ، فيما انشغل الإعلاميون في ذلك الوقت بمتابعة رصيد " شخصيات سياسية مهمة" من الأصوات لم تتجاوز الرقم عشرة ، تعود الى عناصر حمايتهم وأفراد الأسرة ، وبعض المرشحين حصل على صوتين فقط، فكانت فضيحة بجلاجل ودليلا على الإفلاس السياسي، ولكن النظام الانتخابي منحهم مقاعد في مجلس النواب ، وشغلوا رئاسة لجان نيابية .
المفوضية الحالية بإصرارها وحرصها على إعلان النتائج في موعد محدد وبعد إنجاز عملية العد والفرز والنظر في الطعون والشكاوى ، يبدو موقفها معبرا عن تعاطفها مع المرشحين الفاشلين ، فهي لا تريد ان تكون سببا في إحراج شخصيات لطالما عرفت بصوتها الصاخب في المشهد السياسي، وادعت امتلاكها قاعدة "جماهيرية واسعة" وانها ستحصد معظم أصوات الناخبين لإيمانهم بان المرشح " ابو عشرين" صوتا سيحقق منجزات ثورية لم يشهدها تاريخ العراق الحديث.
استنادا الى معلومات غير رسمية حول نتائج الانتخابات تشير الى فوز مرشحين جدد ، وفشل آخرين من أعضاء مجلس النواب الحالي ، ستشهد المدن العراقية قبل إعلان النتائج رسميا تنظيم حفلات الفوز ، اما الفاشلون فسينصبون" الجوادر" في المنطقة الخضراء، لإقامة مجالس عزاء لتأبين مستقبلهم السياسي وتقبل التعازي من زملائهم لفقدان فرص تجديد عضويتهم في البرلمان الجديد وليس من المستبعد ان يعلن "صاحب العزاء" عبر بيان، اعتزاله العمل السياسي والتوجه الى كتابة مذكراته ، يسرد فيها تفاصيل تجربته البرلمانية على مدى دورتين متتاليتين ، ودوره في نزع فتيل الأزمات ،وإطفاء نيران الخلاف السياسي، وسيوجه في مذكراته اتهاماته الى اطراف خارجية لتنفيذها مخططا تآمريا كان وراء فشله في الاحتفاظ بمقعده النيابي ، وحرمانه من تنظيم زفة فوزه قبل إعلان النتائج .