TOP

جريدة المدى > عام > ما تدورُ به الرياح...

ما تدورُ به الرياح...

نشر في: 17 مايو, 2014: 09:01 م

- 1 -القديسةُ ارتضتْ مداعباتِ شحاذي العشق اليوميوالتذّتْ بالحضور الفاجرِ لرعاع المقاهي،هكذا تسقطُ المدنْ. ما لنا وذهبُ الغروب؟لا صدْحةَ عندليب ولا شظيةَ ضوءٍ تفلق البابَ المُغْلَقْ.  شاقةٌ هي طرُقُ الرؤيا.من يستطيع الاحتفاظ بالجوهرة ويداهُ مجنون

- 1 -

القديسةُ ارتضتْ مداعباتِ شحاذي العشق اليومي
والتذّتْ بالحضور الفاجرِ لرعاع المقاهي،
هكذا تسقطُ المدنْ.

ما لنا وذهبُ الغروب؟
لا صدْحةَ عندليب
ولا شظيةَ ضوءٍ تفلق البابَ المُغْلَقْ.

 شاقةٌ هي طرُقُ الرؤيا.
من يستطيع الاحتفاظ بالجوهرة
ويداهُ مجنونتان بالقطاف؟

على وَهَمي أستند.  
البيوتُ أمامي تتعفّنُ فيها الشناعات
ولا أحدٌ انتبهَ
لموتِ الجمالِ مُهاناً في البهجه.

واقفة هي هناك تبتسم لضحكاتهم الشَرِهه.
أشذاءُ الملائكة فيها اختلطتْ
بروائحِ المنيِّ البائتْ...،
دقائقَ ويُكملون الخديعة!

أغمضتُ عينيّ لكي لا أرى
أُقنِعُ نفسي:
لا علاقة ليّ بالمصباح المكسور.

-2 -

أهذَرُ بالحبِّ إذنْ؟ أُغيّر الكلامَ أو أُعيدُهُ؟
أو أنني أبحثُ عن عذْرٍ لكي أنسلَّ؟
أكملي الرسومْ
هذا الذي استطعتُهُ،
الفرسان يرجعونَ بالحزنِ وبالقصصْ.

وها أنا تُفزعني الغِلْمةِ في النظرة،
 والكلامْ
مضطربٌ قرارُهُ كأنه يشي بما وراءَهُ..

يجول هذا الجسدُ الباذخُ بالرغبةِ،
ما يزالُ في غوايةٍ يدعو – يصدُّ،
لعبةٌ قديمةٌ.. فليتني
احترمتُ للناس الخطيئاتِ وليتَني
أدركتُ: أنني الساذجُ حدَّ أنْ
تُربكُني النغمةُ في الصوت وحدَّ أنْ
أمشي وراء جسدٍ ضيَّعَ روحَهُ
بين رموزٍ وتراتيل وبين قصص للنصفِ،
كم أضعتْ كي أُدركَ أن روحَ مَنْ أُحِبّْ
قد تلِفَتْ بقبلة الحوذي.
وكم تأخرّتْ لكي أُقلّبَ الياقوتةَ الحمراءَ؟
عفوَ حبّكِ القديمْ
اني أراه الجسدَ الورديَّ
يبعدُ باتجاه الغرف الخمس التي
كنتِ تضيئين بها.

أنتِ تريدين حضوراً بين بائعين جوّالينَ
بين جامعي قمامة الصحُفْ
عيونهمُ على
ثديَيْكِ، أحداقهُمُ ترسو على الفخذْينْ.

كم مرة حاولَ؟ أو كم مرةٍ...؟

خلّي الكلامُ. ذلك الممرُّ مربكٌ
في الانسجام بهجةُ الانثى وفي ضوضائهم لذائذٌ
فأكملي خديعةَ"العُبّاد"خُشَّعاً على يديكِ،
مثلما خدعتني!
 
القسم الثاني

- 1 -

الرياحُ الليلية تواصل عواءها على نافذتي
والفراش قَفْرٌ لم يشهدْ غيمةً ماطره
ولا برقاً يُبهجُ الفراغْ

أفكارُ الصمت تشغل ساعاتي:
أرتدي، أخلع، أمدُّ يدي للطبق.
أنظر، لا أرى...
هكذا يستقبلُ أُضحيتَهُ السريرْ.

وهكذا صُنِعَتْ من قبلُ النهايات.
وعليَّ فتحُ كوّةٍ لأتنفّس
ضاع ما قرأت.
والحلم يابسٌ كالخشب ولم يبق على السرير
غير ظلال حكايات تمنيّتُها أو سمعت.

ساعاتُ الرغبة تحمل وردَها مثل بائعاتٍ
في شارعٍ خالٍ.

ذلك هو، في الغرفة الثانية،
ينام على قطَعِ أشرعةٍ لمسافرين قدامى.
قتْلٌ هو اللافهمْ!

اسمع حوار العجلات والمجهول.
أدوّر في الغرفة مخلوقةً جائعه
أحداقي تسأل النهارات الرحمه
وتسأل المساءات  املاً
حتى تتوقف الاسئلة في الليل وأنام.

كم تبدو الآثام شهيّةً، تبدو الاقربَ للنجدة
وأنا المُمْسِكَة بناموسها
أنتظر جواباً آخر، لا تعيدوا قراءةَ النقوش!

- 2 -

دربُ سعادتي
مُرٌّ، تبدَّدَتْ
كل جهود الروح
هناك ظل الضوءُ، فوق الغصنِ العالي.
في آخر البيوت، غرفةٌ
مُغلَقةُ البابِ على أمرٍ
وفي الضباب بيتُها الخالي..

أجلسُ وحدي الآن.
مَنْ لوّثَ انفاسَكِ يا مريمُ؟
ما قال لكِ السيّدُ حينما خطوتْ؟
مكسورةٌ أماميَ السماءْ.

نظِّفْننَي يا عابدات النور من عشقي
لكي أكونَ نِدَّ مَنْ أتاحْ
للهَوَسِ الخفيِّ فرصةَ الظهورْ.

معذرةً، كنت تريدين بروقَ الحبِّ أنْ
تُبَعْثِرَ الفراشْ،
تُهِيجَ ما خلف الثياب من عوالم
أرقدَها الشتاءْ.

مُتَّسِخٌ
المرمرُ الأبيض للبلاطِ والمليكه
تمشي الى سقيفة العبدِ لكن تنالَ
رعشة الحياه.

يا رأفةَ النبيّ، هذه ترغبُ فيما
تمنعُ الوصايا،
أكلُّ هذا الحب لا يُسامحُ الخطايا؟

القسم الثالث

- 1 -

الحب واللحمُ تصافيا في الدم الكدر للاثنين.
هم غسلوا العرَقَ ويباساتِ الشَظَف
بما سرقوا من رحالةٍ متعبين غَفَوا
ويرتدون قمصاناً جديدةً بما
نالوهُ من هبات في طريق الحجّ..
 
بعضهم طيبون ربما،
حرموا من الترف وطراوة النعمة
التفوا حول الثـراء الذي وصل
والغرائز الحبيسة اربكت كلمات الثناء على الألسنة.

وهي، السلطانةُ العَطِشة لفوحٍ ذَكَري ؛
اجتذبها وَخَمُ البيوت الفقيرة والايقاعات
الخرقاء لمحترفي الشحاذة
هي تنتبه للنبض الناعم في أعضائهم الذكَريه
وهم يقدمون لها الخدماتْ...

تشقُّ طريقَها متلفِّتةً خشيةَ حدَقةٍ تلتمع.
الخوفُ صنوْ الفرح نادراً ما يُفارقُهُ
والخوفُ الأكبَرُ في الزحف الى المصباح الخافت.
ماذا تفعل؟

غادرَتِ البيتَ كما تغادر مقبره.
قريباً ستصل وعند ذاك المصباح
خافت الضوء في الزاوية الرطبة،
في إحدى الحُجَرِ الخمس آخر الزقاق،
سيسقط الجمال!

قبل أن تصل يمدّ اليها يدَيه
ذلك المتخفّي وراء الأعمده
ذلك الذي توّاً أكملَ الاحتراف.
لوذعيّ الأزقةَ الملتوية تحسَّسَ الحاجة المتخفية
ورأى علاماتِ الهجر..
هو متمعِّجاً يتشهّى يجيء
وهي نصَف مبتسمةٍ يستميلها الفحيح

يحتفل اليوم واحدٌ من باعة الأرصفه!

في واحدةٍ من تلك الحجر الخمس،
اليربوع الصحراوي يحرّك عنُقَهُ الدُبِقه،
فمه يلحس عنقَها الألِقَ الشذيّ،
لا تُحبّ منظرَه لكن تغمرها اللذه.
هكذا هي الجريمة، تُبهِجُنا غرائزُ مَنْ نكره.
بدايةُ المسخ هذه
وخاتمة الانحدارْ..

- 2 -

مَنْ تتفاداه الناس،
مخبولاً أو لصاً، يملكُ مالا أملك.
الحمقاءُ سفاهتُها مُخجلةٌ في غرف الفندقْ،
الخادمةُ المرتزِقة،
البائعةُ الجوّالةُ
وامرأةُ الحارسِ
والشحّاذةُ في باب المستشفى
والمهزولةُ تعمل عند الخياط...،
منتفخاتُ الأرحامِ،
شبعْنَ عناقاتٍ، جنساً وعرَفْنَ
الرعشةَ تسري في الزندين وبين الفخذينْ.
وأنا في دائرة النظر الصعبْ
والصمتِ الأصعبْ.
ليس سوى حجَرٍ وبرونزْ
وسوى علَفٍ
وسوى بضع ستائر هاطلةٍ
وسوى هذا الكون الفارغ حولي
وسوى كتبٍ، أوراق...،
هي تسْليةٌ قبل الموتْ!

القسم الرابع

- 1 -

يسقطُ من اضراسِهِ اللُعابْ،
كيف ارتضيتِ للجمالِ أن يرى؟
الشهوةُ الوحشية التي تهيّجتْ
زحزحتِ الحراشفَ السوداء فوقها ومسَّتْ
زندَكِ البضَّ، انتهت للصدر واستفزّت
الجدْبَ الذي اختفى.

مَنَحْتِهِ ما صُنْتِهِ؟
ثم أدارَ ظهرَهُ لكِ، اكتفى؟

الجسَدُ استجابَ لا تدرينْ
حتى إذا استفقتِ،
فرَّتْ تستغيثُ الروحُ لا تصدّق الأثَرْ!

اللومُ في غير مكانه،
سدىً تُريدُ الآنْ
ذؤابةً ترجعُ في شعاعها لذلك البيت،
لتلك الغرفة،
الستائر الهاطلةِ،
السرير باهت السِحْنة،
ذاك الرجل الشبَحْ
هناك في غرفتِهِ
فحيحُهُ، السُعَالُ، هذَيانُ الجسد المعطوبْ..،
يأتي إليها من خصاص البابْ،
وهي تصيحُ مثل من يغرقُ في الضبابُ:
"هذي يدي، هذي الذراع الضوءْ
طالعةٌ من الفراشِ ، لا أحَدْ.
يحرثُ سطحَ بيتيَ المطَرْ
وها أنا عاريةً ولا أحَدْ.
تزورني الوجوهُ من أمكنةِ شتى
وحين أفتحُ العينينِ، لا أحَدْ.

مهجورةٌ
سفينةٌ للنَهْبِ أو
للحرقِ أو لكي يَدَّفَّأوا بالخشب الثمين
كم الحياةُ صعبةٌ ولا طريقْ!
لكم وللرياح هذه السطورْ،
آخرُ ما يبق لنا، آخرُ ما أقولْ:

- 2 -

"رحمةً رحمةً نحن جرحى
وكلٌّ حياتُه منفى
وحيثُ نسيرُ السعادة تهربُ منّا.

وأنا كنتُ ساعتَها متأهِّلَةً للكمالْ
ورأيتُ الذي قد رأيتْ.
هذه محنتي
محنةُ آدم قبلي.
أيُّكمْ قادرٌ يصنع حلاّ؟

أنا لا استطيعْ،
الخطايا تصيرُ سمادَ فضائلنا
حين يستيقظ الجميعْ..

أنا واحدةٌ من ضحاياكُمُ
غرفتي فارغه
والسريرْ
ميّتٌ من زمانْ
وإلى جانبي كوبُ ماءْ
حصّتي حين أفتحُ عينيَّ ليلا!

كانت الريحُ أقوى من الحبِّ، كانتْ
مسمَّمةً بالكراهةِ،
تخبِطْ حيثُ تمرُّ وتُسقِطُ أيَّ انسجامْ.
الجمالْ
كان ينزف صمتاً
وأنا
كنتُ انظرُ منكسرة.

ليكُنْ. ستظلُّ باحدى النوافذ رعشةُ ضوءٍ
تقولُ: هنا العالَمُ حيٌّ
وناسٌ هنا ما تزال تعيشْ!

ليس لي أيُّ شيء. سلاماً وأمضي
ولكنْ أقولُ لكمْ:
إن هذي الوجوهَ اللطافَ تشوِّهُها
النظراتُ المساميرُ والكلماتُ الحجَرْ.
أصلحوا ما انكسرْ
ولتكنْ أهدأُ أصواتُكم حين يأتي
حديثُكُمُ الجائرُ عنّا
ارجئوا بعضَ رفضِكُمُ والكراهة وارتقبوا
رعشةَ حبٍّ تمرُّ بكم
سترون الحياةَ وتَذّكّرون الضحايا..

ولأولئك الواهناتِ من الرِقّة:
لا تبتئِسْنَ! الحياة تمر مروراً حزيناً بنا
تبدأ الصُفْرَةُ عمّا قريبٍ
وتسقط قبل القطافِ،
كما سقطَتْ من غصوني، الثمارْ.
وتُعِيدَنَّ في الغرف البارداتْ
ما تدورُ به الريحُ من قصصٍ في الزمانْ.
عالَمٌ نحنُ نعرفُهُ
عالمٌ ليس يعرفنا!"

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الأنواء الجوية: ارتفاع في درجات الحرارة الاسبوع الحالي

الكويت تنفي تدهور الحالة الصحية لسلمان الخالدي الذي تسلمته من العراق

ترامب: نريد 50% من ملكية تطبيق تيك توك

القوانين الجدلية على جدول أعمال البرلمان يوم غد الثلاثاء

هل أخطأ البرلمان بعدم حل نفسه مبكراً؟

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة

كوجيتو مساءلة الطغاة

علم القصة: الذكاء السردي

موسيقى الاحد: 14 رسالة عن الموسيقى العربية

تصورات مغلوطة في علم السرد غير الطبيعي

مقالات ذات صلة

السماء ليست حدودًا: قصة هوارد هيوز وجان هارلو
عام

السماء ليست حدودًا: قصة هوارد هيوز وجان هارلو

علي بدرفي مدينة تتلألأ أنوارها كما لو أنها ترفض النوم، وفي زمن حيث كانت النجومية فيها تعني الخلود، ولدت واحدة من أغرب وأعنف قصص الحب التي عرفتها هوليوود. هناك، في المكاتب الفاخرة واستوديوهات السينما...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram