TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الملف السوري بين طهران والرياض

الملف السوري بين طهران والرياض

نشر في: 17 مايو, 2014: 09:01 م

 بالتأكيد كانت الدعوة السعودية المفتوحة لوزير الخارجية الإيراني لزيارة الرياض مفاجئة، واعتبرها البعض تعبيراً عن تغيرات في موازين القوى في المنطقة، ابتداءً بتقدم قوات النظام السوري ضد معارضي الرئيس الأسد، مروراً بمؤشرات لإمكانية عودة نوري المالكي لولاية ثالثة، وليس انتهاءً بقدرة حزب الله على عرقلة انتخاب رئيس جديد للبنان، ويأمل كثيرون أن تؤدي الزيارة إن تمت إلى انفراج سياسي "مذهبي"، يتردد صداه في المنطقة التي تسودها الفوضى من أقصاها إلى أقصاها منذ سنوات، غير أن إطلالة على بعض التفاصيل ستقود المراقب حتما إلى مربع الشك، في النتائج المنتظرة من الزيارة التي رفضتها الرياض عدة مرات، وعادت اليوم لتتبناها.
كثيرة هي الملفات العالقة بين "القيادتين المذهبيتين المتنافرتين" في العالم الإسلامي، لكن عنوانها الأبرز اليوم هو الملف السوري، الذي لم يعد سراً أن الطرفين خاضا حرباً ولو بالوكالة للفوز فيه، فهل يبدو ممكناً إغلاق هذا الملف بحسب الوصفة اللبنانية "لا غالب ولا مغلوب"، وهل تتراجع السعودية عن موقفها الداعي لإنهاء حكم الرئيس الأسد، أم تتوقف طهران عن دعم حليفها الذي يوفر لها كل فرص التمدد، ليصل نفوذها إلى شواطئ المتوسط في استعادة لتاريخ فارسي قديم، وهل يمكن لعبارات المجاملة الدبلوماسية اختراق الصراع المذهبي "المبدئي"، لتصب الماء البارد على الحريق المشتعل في المنطقة منذ سنوات؟
الواضح حتى اللحظة أن لعبة عض أصابع ستحتدم، ولكن بلغة دبلوماسية تغطي غبار المعارك، فالقوى الفاعلة في السياسة الإيرانية تتمسك بمواقفها، وتطالب السعوديين بالتغيير بناء على المستجدات على الأرض، والتي ينبغي القول إن طهران فرضتها، غير أن الرياض تعتبر أن  التدخل الإيراني السافر في سوريا كان ضد سياستها تحديداً، خصوصاً وأنها حسمت مبكراً أزمة البحرين لصالحها، ولاتزال تخوض معركتها مع الحوثيين في اليمن، وهم يتمتعون بدعم بتأييد إيران ودعمها، وغني عن القول إن سوريا هي بيضة القبان، وهي درة تاج الإمبراطورية الفارسية التي يصعب إن لم يكن مستحيلاً التخلي عنها.
لا ترى السعودية اليوم أنها خسرت معركتها في سوريا، ولا تؤمن أن الأسد انتصر أو بات قاب قوسين أو أدنى من النصر المؤزر، وهي لن تقبل بذلك باعتبار أنه ضد كل توجهاتها الاستراتيجية، المبنية على اعتبار سوريا الطبيعية امتداداً للجزيرة العربية، لم يتحقق بسبب نشوء دولتي العراق والأردن بعد الحرب العالمية الأولى، وربما تكون الفرصة مواتية لتعديل حدود سايكس بيكو، خصوصا بعد أن أسفرت أحداث "الربيع العربي" عن كسر هذه الحدود، لتسودها حالة سيولة يتنقل فيها المقاتلون بحرية، غير أن المؤكد أن القوى الدولية التي رسمت تلك الحدود، لم تصل إلى قناعة بعدم جدواها، وربما كانت حريصة عليها في إطار منع قيام دولة كبرى، بينما الأفضل عندها تفتيت الدول القائمة، حتى الصغيرة منها.
على الأرض يتحرك معارضو إيران، تركيا تدخلت مباشرة في معركة كسب شمالاً، والسعودية لن تسمح بانتصار حاسم للأسد في الجنوب، وإيران تكثف دعمها للأسد بكل الوسائل، وهي وإن كانت تلجأ للغة ناعمة مع السعودية، فإنها تستخدم القبضة الحديدية للتعامل الفعلي معها، ومن ذلك إصرارها أن يكون للأسد دور في مستقبل سوريا، رغم اعترافها بضرورة حكم الأكثرية وهو ما يعزز موقفها في العراق حيث الأغلبية شيعية، وإذ يتذاكى الإيرانيون، فإن تصلب السعوديين كفيل بإفشال أي تقارب سعودي إيراني في الملف السوري، المبني على التعصب المذهبي قبل سواه، ولا بأس أن يدفع السوريون المزيد من الدم، حتى ينضج حل ما زال بعيد المنال.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram