TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عودة هبل

عودة هبل

نشر في: 17 مايو, 2014: 09:01 م

اطراف التحالف الوطني بحصولها على الكتلة الاكبر في البرلمان المقبل ، ستكلف  بتشكيل الحكومة المقبلة ، بطرح مرشح مقبول من الجميع  ، قادة التحالف المعروف عنهم بان قلوبهم عامرة بالايمان ، ولديهم القدرة على التمييز بين الحق والباطل ، بوصفهم ينتمون الى احزاب وقوى وتيارات دينية ، ورفعوا شعار التغيير قبل اجراء الانتخابات ،تقع على عاتقهم مسؤولية منع عودة  الصنم "هبل"  ليتصدر المشهد العراقي ، ليفرض على عباد الله تقديم الطاعة والولاء لصفاته المقدسة ومزاعمه بحصوله على الخلود في البقاء بالمنصب .
محاولة اعادة الصنمية الى الحياة العراقية من جديد  ستجعل القوائم الانتخابية صاحبةشعار اجراء تغيير جذري في المرحلة المقبلة تواجه امتحانا عسيرا ، قد يكون ثمنه فقدانها ثقة ناخبيها وقواعدها الشعبية، ولاسيما انها حصلت على اصواتهم بشعارها الجديد،بتحطيم جميع الاصنام وتهديم معابدهم وملاحقة الكهنة المختصين  باضفاء طابع القداسة على صنم مصنوع  من الطين والتبن ، واقناع الناس  بتقديم  القرابين  ليشفع لهم الصنم الاكبر  عندما يحل موعد الدخول الى العالم السفلي.
علاقة العراقيين القدماء مع  الاصنام تمتد الى عصور ما قبل التاريخ ،وكانت  تخضع لحسابات السلطة الحاكمة ونشاط  الكهنة ،واساليبهم  بالترهيب والترغيب ،  وعندما تضطرب الاوضاع وتحل الكوارث ، سواء بتهديد خارجي او داخلي ، تبرز حالة التمرد ، ويقال ان السومريين القدماء التهموا الاصنام المصنوعة من التمر وتركوا الاخرى من الطين والتبن ، في المعابد الكبيرة ، تسمع تراتيل كبار الكهنة لدفع المخاطر والحفاظ على مقدسات ديانتهم .
"هبل "وغيره من الاصنام  في مراحل تاريخية مرت بها المنطقة العربية ، تم استنساخهم بهيئة بشر،  فاصحاب الجلالة والسيادة والسمو بمكوثهم الطويل على العرش  عشرات السنين نماذج بشرية لاصنام فقدت الحواس ، وانشغلت في ترتيب اوضاع الدولة لتكون بحوزة الابناء والاحفاد ، وتعاملت مع الديمقراطية  بوصفها من الكبائر ، فاجبرت  شعبها على تناول مضادات حيوية ولقاحات خشية انتشار الوباء الخطير ، والعراقيون يحمدون الله على ديمقراطيتهم الفتية ، جربوها منذ سنوات واكتشفوا انها تخدم مصالحهم ، فاقبلواعليها لانها الخيار الوحيد للقضاء على اخر صنم من نسل هبل ، لكن الرغبة في ترسيخ وتوطيد ديمقراطيتهم ،تصطدم في اغلب الاحيان ، بتقمص شخصيات الكهنة من بعض السياسيين، الذين يسعون الى اعادة الصنم ، ليضمنوا العيش الرغيد في ظله ، والحصول على مكاسب شخصية وحزبية ، او في اقل تقدير على منصب  مستشار الصنم للشؤون الامنية.
مفاوضات تشكيل الحكومة ستكشف عن صنفين من السياسيين الاول  يسعى لاعادة الاصنام ، والاخر يطالب بازالتهم من الحياة السياسية ، اما الصنف الثالث ، فهو صوت العراقيين الرافض لعودة  الصنمية بكل اشكالها واحجامها واسمائها سواء صنعت من الصخر او الطين والتين او التمر ، ومن يصر على  فرض صنمه ليعبده الآخرون ، عليه ان يتذكر مصير الأصنام على مدى التاريخ .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram