TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تحالف المطالبين بالاصلاح

تحالف المطالبين بالاصلاح

نشر في: 17 مايو, 2014: 09:01 م

سياسي شيعي بارز يهمس في اذني: "الجميع يشعرون بحاجة لاصلاح وتغيير، لكن نجاح الامر يتطلب تنازلات صعبة! واذا حصل ذلك فسيكون الامر ولادة سياسية جديدة للعراق، امام انفسنا، وامام العالم كله".
تشكيل حكومة ٢٠١٤ ليس مجرد تأليف وزارات وتوزيع مناصب وعطايا. ومشكلة انصار رئيس الحكومة المنتهية ولايته، انهم يفكرون حتى هذه اللحظة، بأن الخصوم يمكن شراء دعمهم بالعطايا ذاتها. لكن هذا لا يشمل مواقف الاطراف الكبرى التي خاضت اقوى المواجهات مع نهج الحاج ابي اسراء.
ان على طاولة رابع برلمان عراقي بعد سقوط صدام حسين (وانا هنا احتسب الجمعية الوطنية التي كتبت الدستور)، مجموعة تساؤلات مصيرية، ليس تشكيل الحكومة سوى اهون اجاباتها.
فأولا سنختبر بوضوح اكبر، حجم قدرات تحالف القوى المطالبة بالاصلاح، وهو تشكيل ظل متماسكا طيلة العامين الماضيين. فحين التأم شمل هذه الاطراف في اربيل، قال كثيرون انه مجرد تجمع للناقمين على المالكي، وسرعان ما سينفرط عقده. لكن نحو ٢٤ شهرا تمر على لقاء اربيل (اعتقد ان ذكراه الثانية تحل غدا ١٩ ايار)، تثبت مدى جدية تعبيره عن موقف احتجاجي عميق، عبر عشرات المناسبات داخل البرلمان وخارجه، وبات بوسعنا اليوم الحديث عن نحو ٢٠٠ نائب منخرطين بشكل مباشر في قوى هذا التقارب السياسي العابر للطوائف، والمؤهلين لادارة اقوى المفاوضات في الداخل، ومع الخارج.
وثانيا، سيكون التعبير الصريح عن هذا التقارب والتكتل النيابي المطالب بالاصلاح، رسالة كبيرة تكشف لنا ان إحياء التسويات ومسار التهدئة، ليس وهماً رومنطيقياً، بل قناعة بجدوى السياسة في بلد اكلته حروب لا تحصى، وأثقلت كاهله هزائم لا تعد. اذ سيجتمع الفرقاء ليبرهنوا لنا ان في وسع ملايين العراقيين تخفيف انقسامهم، وتقليص اسباب الموت. وان العراقي ليس "فقاعة" نخضعها بسلاح من واشنطن او طهران. وان فن السياسة هدفه صوغ تنازلات صعبة محسوبة بدقة، لتهدئة الخواطر وتخفيف الازمات وتقليل الموت والفشل.
وسيعني هذا التقارب النيابي ثالثا، ان نظامنا السياسي مزود بضمانات لكبح اي مسار مجنون، ينحرف بالبلاد نحو اللاجدوى الدامية.. وان العودة للاستبداد حلم توقيته خاطئ، وان الديمقراطية قادرة على تصحيح زلاتها وتخفيف تداعياتها.
وفي هذا الاطار فان تصميم هذه الكتلة العابرة للطوائف، لمشروع تصحيح وانقاذ داخلي، سيوجه رسالة قوية، مفادها ان التنوع والتعدد السياسي، لن يبقى نقطة ضعف وفجوات وفراغ قوة، تتسلل عبره الارادات الاقليمية والدولية، للتلاعب بالمصائر. بل ان في وسع الاطراف الرئيسية ان تخلق من هذا التنوع، توحدا بالحد الادنى الضروري، يمثل موقفنا كجماعة بشرية تمتلك مصالح عليا مشتركة، وقادرة على تفاوض معمق مع الخارج، هدفه وضع حد لكوننا مجرد ميدان معركة، قد تشتهي ايران وخصومها في المنطقة وحسب الحاجة، استخدامه لتعديل موازين قوى، والتعامل معنا كطرف غير متماسك.
لقد تعودت احزاب كثيرة تقديم تنازلات للخارج، مقابل انتصار على الخصوم في الداخل. وكانت هذه وصفة خراب طيلة ١١ عاما مضت. والجميع بما فيهم المالكي، ادركوا ان هذا المسار لن يؤدي بنا الى اي استقرار. ولذلك فان تشكيل الحكومة سيقول لنا الى اي حد سيمكن قلب المعادلة، عبر وثوق اكبر بمزايا الجغرافيا السياسية، واستعداد القوى المطالبة بالاصلاح، لتقديم تنازلات للداخل مقابل تقوية موقفنا التفاوضي مع الخارج، الذي لايزال يشتهي الاحتفاظ بنا كساحة لتصفية الحسابات الاقليمية.
سياسي شيعي بارز يهمس في اذني: "الجميع يشعرون بحاجة لاصلاح وانقاذ، لكن نجاح الامر يتطلب تنازلات صعبة! واذا حصل ذلك فسيكون الامر ولادة سياسية جديدة للعراق، امام انفسنا، وامام العالم كله".
اننا اذن لسنا امام توزيع للوزارات والعطايا، بل سنحدد ما اذا كنا ننتظر "ولادة الاصلاح" او موتاً مؤلما لمعنى السياسة، في منطقة لا تشبع من الموت.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. محمد عباس

    اعتقد اذا لم تتحقق هذه الامنية في التغير والاصلاح وسقط الشركاء في فخ الاغراء والمناصب وضربوا عرض الحائط توجيهات المرجعية فاقرا على العراق السلام وتترك الكتابة بدون رجعة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram