اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > المالكي بين الصين وعصا البشير

المالكي بين الصين وعصا البشير

نشر في: 18 مايو, 2014: 09:01 م

يكتب  الشيخ جلال الحنفي أن الشعوب العربية تنطق "الرز"،  لكن العراقيين وحدهم يسمونه "التمن" وهي كلمة صينية. بعد ثورة 14 تموز 1958 يرسل عبد الكريم قاسم الشيخ الحنفي ليكون أول أستاذ للغة العربية في جامعة صينية، لكن بعد انقلاب شباط 63 تستدعي وزارة التربية الحنفي ليعود الى بغداد. وعندما تستشيره الصين في أن يرسل بديلاً عنه يرشح لهم هادي العلوي مكانه وكان قبلهم ذهب اليها الروائي الكبير غائب طعمة فرمان هاربا من ملاحقة السلطات الملكية فاحتضنه اهل الصين وعينوه مترجما، يقول اهل الصين "كل العالم عميانٌ إلا العراقيين فهم عور". ظلت الصين وما زالت تحمل ودا خاصا للعراقيين، وفيما العراق واهله يتجهون بأنظارهم غربا.
 تقدم الصين كل يوم دروسا جديدة للعالم، فقد تمكنت  من توجيه اكثر من مليار انسان نحو استراتيجية اقتصادية ودولية أذهلت الجميع،  لم تعد  الشيوعية إلزاماً في الصين ولكنها تجربة في محاولة إيجاد الرغيف الواحد على مائدة أكثر من خمسة أفراد في بلد يتجاوز المليار نسمة، فمارست التطوير وتعديل المسارات،  حتى وصل الأمر أنه يندر وجود منزل في العالم لا توجد فيه قطعة صنعت في الصين. أراد  "دنغ كسياو بنغ" وهو يبني الصين الحديثة  أن يفيد من تجربة دول مثل اليابان وسنغافورة وكوريا الجنوبية. سافر إلى طوكيو والمدن الأخرى، وزار الشركات الكبرى  وفي النهاية اكتشف أن  هناك روابط بين اليابانيين والصينيين  إنهم شعوب  يحبون العمل والنظام أكثر من أي شعب آخر في العالم.. أدرك الزعماء الصينيون ان التنمية هي  فرصتهم الوحيدة، فتبنوا مبدأ العمل المتواصل ريثما يلحقون بركب الدول. لكن المعجزة الصينية  لم تتحقق نتيجة عمل قلة متربعة على القمة، بل إن الشعب الصيني  كله شارك في العزم والتصميم لإثبات قدرته على النجاح. ليست أسطورة أو خرافة أن الصينيين  يعملون كفريق أو شركة واحدة،  فلكل فرد دوره المحدد ومكانه الدقيق والمناسب. يقول توماس فريدمان: "ان المشكلة التي تقلق الامريكان، انهم يواجهون شعبا من المهرة والحرفيين، لا يتنقلون من عمل إلى آخر ولا يتغيبون إلا في حالة الطوارئ القصوى".
 قبل ثلاثة عقود كانت الصين مجرد شعب  يحرث الحقول بحثا عن الأرز. والآن تخفق المشاريع الاقتصادية الكبرى  في أوروبا وأميركا وتزدهر في شنغهاي وبكين.
تحولت الصين خلال العقود الأخيرة من بيوت بسيطة إلى مدن تضاهي نيويورك وباريس ومن دولة تسبح في شوارعها الدراجات الهوائية، إلى بلد يسعى لشراء جنرال موتورز. إنها حكمة العصر الحديث. لقد بدأ العصر الصيني  في البزوغ، في الوقت الذي يتراجع فيه العصر الغربي،  سيذهل القارئ حين يعرف  أن 70% من أشهر الماركات العالمية  تصنع في مدن نائية في الصين.
 اكتب عن الصين  التي  لايريد العراق ان  يستلهم تجربتها في النمو، ويصر على اقامة شراكة استثمارية مع السودان ففي خبر طريف  تناقلته وسائل الاعلام امس ابدى السيد نوري المالكي عن رغبته في تطوير العلاقات الثنائية بين العراق والسودان في مجالات الطاقة والاستثمار، الخبر يكشف حتما ان الوضع في العراق برغم القتامة والخراب.. ومعارك داحس والغبراء حول نتائج الانتخابات.. فان بعض المسؤولين والساسة يعمدون مشكورين على ترطيب الاجواء واشاعة روح النكتة والطرافة. ربما نختلف او نتفق مع السيد رئيس  مجلس الوزراء، لكن علينا ونحن نقرأ هذه "اللفتة" الاستثمارية ان نؤمن بان الرجل تعرض من جانبنا الى ظلم كبير، حين تركناه وحده يدفع باتجاه ان يُصدر السودان تجربته في الاستثمار والطاقة للعراق.
كنت اتمنى على السيد المالكي ان يترك الشراكة الاستثمارية مع العاصمة العظمى الخرطوم ويحاول الاستفادة من  تجربة عمر البشير في رفع العصا بوجه شعبه.
وانا أتابع كوميديا الشراكة الستراتيجية مع السودان، لم أجد غير سؤال واحد طرحتُه منذ عدة أشهر، وما زلت ابحث عن اجابته: لماذا يتصرف البعض معنا وكأننا شعب خارج من الكهوف؟ لماذا يريد المالكي فرض عالمه الوهمي علينا، فيستبدل تجارب دول  مهمة مثل سنغافورة والصين وكوريا الجنوبية  ، برحلة الى السودان، شبيهة بالرحلة التاريخية الى جزر القمر التي طالبنا بها من قبل الحاج صلاح عبد الرزاق ؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 5

  1. سعد

    يريد يحول مياه النيل الى دجلة والفراات باستخدام عصا البشير او يستورد ترب حديثه من طين النيل الازرق.

  2. نشأت المندوي

    شكرا على مقالتك لكنك نسيت اننا شعب يعشق الدين وكما تعرف اان الدين يجمد العقل ويمسخ التفكير ويشوه الحقائق واذا اردنا الالتحاق بالصي علينا ان نبعد الدين ساعتها ننطلق للاامام

  3. الشمري فاروق

    الاخ العزيز ابو حسين لا تنزعج من ذلك فالمالكي والبشير كلاهما من معدن واحد ذاك يرفع عصاه بوجه السودانيين والمالكي يرفع سبابته بوجوهنا..... ويشتركون بتقنين التخلف والعودة الى القرون الوسطى وكره التقدم والديمقراطيه... وحب الدكتاتوريه وتقنينها....وصدق من ق

  4. ابو اثير

    سيدي الكريم .المثل العراقي يقول أنالطيور تقع على أشكالها وهو مثل تعلمناه منذ الصغر والسلطان يبدوا أراد أن يتعلم من تجربة السلطان البشير مهارة البقاء في السلطة لأكثر من ثلاث دورات في السلطة والحكم والاستفادة من خبرات البشير في أبعاد حلفاء الأمس ورميهم في ا

  5. داخل السومري

    كل شعوب الارض نزلت من فوق الشجره الا الشعب السوداني فهو لا يزال يعيش فوق الشجره.

يحدث الآن

"الأبنية متدهورة".. سجون العراق تعاني اكتظاظاً يفوق 300% من الطاقة الاستيعابية

اجتماع هام لديكو لحسم صفقة جديدة لبرشلونة

العمليات المشتركة تكشف تفاصيل هجوم "الفصائل" على قاعدة عين الأسد

السجن 15 سنة بحق مدان أطلق النار على مفرزة أمنية

آفة تتفاقم.. الداخلية تعلن القبض على (31) متسولاً في بغداد

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي.. في المنطق القانوني

العمودالثامن: درس تشرين ودرس بنغلاديش

 علي حسين ما هو الفارق بين ما جرى في تشرين عام 2019 في بغداد والمحافظات.. وما جرى في البلاد الفقيرة بنغلاديش خلال الأيام الماضية؟ في العراق جرى قتل أكثر من 700 شاب.. وجرح...
علي حسين

متى تتكلم الأغلبية الصامتة؟ وماذا بعد قانون الأحوال الشخصية؟

د.غادة العاملي يثار جدل واسع حول تعديل قانون الاحوال الشخصية وخطورة التداعيات الاجتماعية التي تسبب بها، ويبدو من السجالات والمناظرات والندوات التي ترافق النقاشات المرتبطة بقانون الاحوال الشخصية، ان حزمة قوانين اخرى تنتظر التمرير...
د.غادة العاملي

عشر أفكار حول تطييف قانون الأحوال الشخصية

علي المدن لا أحد يعلم على وجه الدقة انطباعات العراقيين حول مقترح تطييف قانون أحوالهم الشخصية، وأنا شخصيا لم أقرأ حتى الآن أي أستطلاع للرأي العام حول هذا الموضوع المعقد، وعليه؛ ستبقى مسألة مقاومتهم...
علي المدن

في مواكبة الـ (المدى)..

لاهاي عبد الحسين يوافق الاحتفال بالذكرى الحادية والعشرين لانطلاق "المدى" كمشروع ثقافي واعلامي وطني مسؤول مع الضجة التي أحدثها تقديم مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية المرقم 188 لسنة 1959 في مجلس النواب العراقي. هذا...
لاهاي عبد الحسين
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram