تقول النظريات الطبية ان وجبة الفطور هي اهم وجبة غذائية في اليوم فهي تمنح الفردالطاقة ليبدأ يومه الجديد بحيوية ونشاط ، لهذا السبب دخلت هذه الوجبة كفقرة هامة ضمن فترات الدوام الحكومي فالموظفون (خطية ) لم يعد بامكانهم تناول الفطور باسترخاء كما السابق لكي لايتخلفوا عن سباقهم اليومي وسط الازدحامات الخانقة للوصول الى دوائرهم قبل ان يدق الجرس ( بالنسبة للمعلمين والمدرسين ) وقبل ان يرفع موظف الاستعلامات مقطب الجبين عادة دفتر التواقيع او يمنع الموظفين من اداء البصمة الالكترونية بالنسبة للدوائر المتشبثة بركب الحضارة ..لهذا السبب ايضا صار يمكن ان تغلق بعض ابواب حجرات الموظفين لساعة او اكثر لأنهم ( يتناولون الفطور ) وفي احسن الأحوال صار يمكن ان ينسحب احد الموظفين او الموظفات خفية الى خارج الدائرة لتناول ( الباقلاء بالدهن ) بالنسبة للرجال و( شطائر الهمبرغر ) بالنسبة للنساء بينما يغطي زميله ظهر غيابه المكشوف و( يتفركع ) المراجع المسكين بانتظار ان تفتح له ابواب او نوافذ الموظفين لانجاز معاملته المؤجلة عدة مرات للحصول على التواقيع الثمينة للموظفين المعنيين ولابأس ان يساهم تأخر الموظف في تناول فطوره في تأخير المراجع ساعة اضافية وبالتالي تاخر انجاز معاملته وتاجيلها الى ايام اخرى ..
وجبة الفطور التي صارت ضريبة يدفعها مراجعو الدوائر تحولت ايضا الى وسيلة لتسهيل الأمور و( دهن الزراديم ) فمديرات المدارس اللواتي يخشين من بطش المشرفين التربويين لايدخرن وسعا في اعداد وجبة فطور دسمة لاستقبال المشرفين يساهم فيها الكادر التعليمي في المدرسة اما بالتبرعات المالية او بقدور ( الدولمة ) و( البرياني ) وبعد ان يتناولها المشرف التربوي ويثني على مهارة المعلمات في الطهي تضمن المديرة بقائها في السلطة (عفوا ) في حجرة الادارة وتضمن المعلمات رضى المديرة عنهن !!
اما اذا كان مدير دائرة ما ( زعلانا ) من موظف ما فليس اسهل من ارضائه بعدة ( اشياش من الكباب ) فالطريق الى قلب المدير ( معدته ) كما تقول النظريات الحديثة ..
في احد المستشفيات ، انتظر المراجعون واغلبهم من المرضى او ذويهم انفراج ازمتهم بفتح نافذة موظفات الحسابات لاتمام ملفات دخولهم الى المستشفى لكن ( وجبة الفطور ) ايضا وقفت عائقا بينهم وبين علاج امراضهم ولم تنفرج الأزمة الا بعد ان انهت الموظفات فطورهن واستمتعن بشرب الشاي وممارسة هواية ( القشب ) اليومية بينما تزاحم المراجعون بشكل مهين للحصول على ( خربشاتهن ) على ملفاتهم والغريب ان احداهن اعترضت بشدة على تعليقات المراجعين الناقدة ( للوضع ) وهددت باهمال ملفاتهم فاعتذروا صاغرين واستخدموا وسائل اللين والتوسل لارخاء ملامح وجهها المتجهمة وتيسير امورهم ..
بهذه الطريقة يتفاقم الروتين وتتضاعف معاناة المواطنين من التعامل مع دوائر الدولة ويخرج من لاحول له ولاقوة على النفاق و(دهن الزراديم ) مفلسا من سباق ( الشطارة ) فالشاطر في هذه الايام من يصل الى قلب المسؤول سواء عبر معدته او جيبه ويحصل على اشيائه بطرق مختصرة وبعيدة عن الطرق الرسمية الوعرة المتشابكة حتى ولو كان ذلك بواسطة ( وجبة فطور ) .
وجبـــة فطــور
[post-views]
نشر في: 19 مايو, 2014: 09:01 م