TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بلبل حاح

بلبل حاح

نشر في: 19 مايو, 2014: 09:01 م

الجيل القديم من العراقيين كانت العابه ، تعتمد على القوة العضلية والمهارة ، الألعاب القديمة الدعبل وبلبل حاح والمصارع الخشبية وخيال الفصم ، انقرضت ، بعد شيوع استخدام الألعاب الإلكترونية من قبل الأبناء والأحفاد ، ودخولها في معظم البيوت لتكون وسيلة "حضارية للتنافس" بين شخصين او فريقين.
أدوات الألعاب القديمة عادة ما تكون من البيئة ، فلا يضطر المتنافسون لشرائها من الأسواق ، فلعبة" بلبل حاح" تحتاج الى عصا بطول 70 سنتمترا ، يسمى الحاح وهو المضرب في ضرب البلبل عصا صغيرة لا يتجاوز طولها 15 سم ، وينقسم اللاعبون الى فريقين ، والفائز من يحصد اكثر النقاط ، يضرب رئيس الفريق الأول البلبل ، ويضع المضرب على حفرة صغيرة ، وفي حال مسك "البلبل" قبل سقوطه على الأرض ،يكون الخصم قد حقق "الشاكة " فيخسر الفريق المهاجم جميع نقاطه ، وتستمر اللعبة لحين الوصول الى العدد المتفق عليه من النقاط .
عملية تشكيل الحكومة الجديدة تكاد تقترب من لعبة بلبل حاح ، فالقوائم الانتخابية الراغبة الحصول على تمثيل في السلطة التنفيذية ستبدأ بحساب نقاطها طبقا للعرف السائد في توزيع المناصب والمواقع ، وقواعد اللعبة السياسية الخالية من "الشاكة " لان التوزيع يتم باعتماد الاستحقاق الانتخابي ، وتمثيل المكونات ، وعندما يتحقق الاتفاق،ترتفع الزعاريد والهلاهل احتفاء بانجاز تشكيل الحكومة برضا جميع الاطراف .
حساب النقاط استخدم في تشكيل الحكومات السابقة ، واللاعبون الاساسيون ، وضعوا لكل منصب استحقاقه من النقاط ، بمعنى اعتمدوا ما يعرف بـ "حساب العرب" في منح الوزارة السيادية او الخدمية لهذا الكيان وتلك الكتلة ، وصاحب الرصيد الكبير من النقاط سيحصل على حقائب وزارية اكثر من غيره ، وفي بعض الأحيان ، يتطلب الأمر استحداث مناصب جديدة حتى لايزعل القادة السياسيون ، ولاسيما ان الجميع لايؤمن اطلاقا بوجود معارضة في البرلمان تراقب الأداء التنفيذي ، وتحاسب المقصرين من الوزراء والمسؤولين المرشحين من كتلهم لشغل مناصبهم بغض النظر عن مؤهلاتهم وخبراتهم وقدرتهم على ادارة وزارتهم.
"الشاكة" في "لعبة بلبل حاح " توزيع المناصب والمواقع لا وجود لها، فكل طرف يحتفظ برصيده من النقاط ، ويزعم انه يمتلك شخصيات من نوع "التكنو قراط" ستحقق معجزات على صعيد التنمية الاقتصادية والبشرية ، وبعقولها الجبارة سيتجاوز العراق جميع أزماته وسيشهد في غضون العامين المقبلين من عمر الحكومة الجديدة طفرات نوعية في الإعمار والبناء .
أصحاب دعوة تشكيل حكومة الأغلبية السياسية اول من سن نظام النقاط في توزيع الوزارات ، ولاشك في ان تحقيق هدفهم يتطلب اقناع كتل اخرى للانضمام الى ائتلافهم ، مقابل ضمان حصولها على وزارة سيادية او خدمية ، واذا تعذر ذلك ، فلابد من منح رئيس الكتلة فيلا ضخمة في المنطقة الخضراء ، بوصفه سيكون مستشارا بلعبة بلبل حاح .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram