TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > دولة الكرد بين التاريخ والواقع

دولة الكرد بين التاريخ والواقع

نشر في: 19 مايو, 2014: 09:01 م

 يطرح المتشددون والمتعصبون من أبناء القوميات العربية والفارسية والتركية سؤالاً استنكارياً، كلما جاء الحديث عن الطموح القومي الكردي ببناء دولة تلم شعث هذه الأمة، المقسمة بين أربع دول يتم التعامل معها فيها على أساس أنها الأدنى، ويتمحور السؤال حول التاريخ، ويطرحه المتعصبون بثقة مبالغ فيها دون انتظار للجواب، وهو متى كان للكرد دولة ليطالبوا اليوم باستعادتها، ولو كلّف واحد منهم نفسه عناء القليل من البحث، لاكتشف أنه في أرض كردستان انبثقت دول وأمبراطوريات، منها السوئيون التي وصل نفوذها إلى منطقة أور، واللولوييون خاصة في سهل زهاو وشارزور، ودولة الكوتيين الذين حكموا مناطق وسط العراق مئة سنة، وأسس الكاشيون في منتصف الألفية الثانية قبل الميلاد دولة قوية وحكموا كردستان كما حكموا الدولة البابلية قبل الميلاد بألف وخمسمائة سنة، وخلفوا وراءهم آثاراً عظيمة، دون أن ننسى إمارة السورانيين التي حكمتها امرأة، وضمت أربيل والموصل وكركوك، والبهدانيين وإمارة بابان.
يحدثنا التاريخ أنه مع بدء الفتوحات الإسلامية، أصبح موطن الكرد مسرحاً للاحداث والمتغيرات الكبيرة، ومنذ السنة السادسة عشرة للهجرة، تعرف سكان كردستان في مناطق جلولاء وحلوان وكرمنشاه وموطن اللوريين على الدين الجديد، وفي سنة 35 للهجرة أصبحت معظم أراضي كردستان تحت راية الإسلام، وتقبل الكرد هذا الدين الجديد، وفي عهد الدولة الأموية تحولت مناطق كردستان إلى معقل للخوارج، وفي العهد العباسي ظهرت بوادر السلطة السياسية للكرد في مناطقهم، وفي بداية القرن الرابع الهجري العاشر للميلاد برزت سلطات كردية على هيئة إمارات ودويلات، منها إمارة عيشاني وإمارة روادي وإمارة شدادي وإمارة حسنويهي وإمارة مرواني وإمارة عنازي ثم هزباني.
قبل الإسلام كما ينبغي التذكير، لم تكن هناك دولة عربية، كان ثمة إمارات أقواها وأبرزها تابعة للفرس أو الرومان، وكانت هناك قبائل تعتبر كل منها نفسها دولة قائمة بذاتها، شهدت المنطقة بروز دول وحضارات، لكنها لم تكن عربية بالمعنى المتعارف عليه اليوم، ومن أبرزها دولة الأنباط في جنوب الأردن، وقد امتد نفوذها إلى مناطق بعيدة عن البتراء عاصمتها الوردية، وعندما بنى الإسلام دولته لم يعترف لحظة واحدة بالقومية، فالكل مسلمون وسواسية، باستثناء فترة الأمويين التي برز فيها العنصر العربي ثم تلاشى عند العباسيين، ومن بعدهم في دولة الخلافة العثمانية، وعلى الأطراف نشأت دول بمعزل عن القومية، حيث ادعت أحقيتها بالخلافة، كالفاطميين في مصر والأمويين في الأندلس، وإذا كان للقومية محل في الإسلام فلنتذكر الدولة الايوبية، لنعترف بأنها كانت دولة كردية.
في الوقت الراهن يدور الحديث عن خيار كرد العراق الاستقلالي، ويدرك المالكي والذين معه وحتى من هم ضده من القومجيين، أن الكرد قادرون على تحقيق استقلالهم، ومستعدون للتضحية ببعض المكاسب المالية لتحقيق طموحهم القومي، فهم بنوا خلال السنوات الماضية اقتصاداً قادرا على الاستقلال، بينما تلهت حكومة المركز بما نعرف ومالانعرف، ولم يتقدم اقتصاد العراق خطوة إلى الأمام، إن لم نقل إنه تراجع خطوات، في الإقليم اليوم تم استكمال مد خط أنابيب للنفط إلى تركيا، وهو من الناحية النظرية قادر على أن يوفر لهم الاكتفاء الذاتي، ولن يكون مستحيلاً عليهم إثبات أحقيتهم التاريخية ببناء دولتهم المستقلة، من بين معطيات أخرى متوفرة بين أيديهم دون شك.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram