TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سواء كان المالكي ٧٠ ام ٩٠

سواء كان المالكي ٧٠ ام ٩٠

نشر في: 19 مايو, 2014: 09:01 م

الاطراف التي ظلت تعتقد طوال عامين، انها تمتلك الارادة الكافية لاجراء تغيير سياسي وتطبيق مشروع اصلاحي في البلاد، ستتمكن من المضي في ذلك سواء حصل ائتلاف نوري المالكي على سبعين مقعدا (كما كان يقدر بعضهم) او اثنين وتسعين كما كشفت المفوضية خلال اعلان النتائج امس.
اما من يردد احاديث مفادها ان التغيير سيكون صعبا بعد ان حصل المالكي على عشرين مقعد اضافي مقارنة بالتقديرات التي كانت سائدة، فإن هذا النوع من الساسة، كان سيقول الكلمة ذاتها حتى لو حصل المالكي على ستين مقعدا. وسيردد حينها ان ضغط الخارج كبير، وأن من الممكن للمالكي استغلال نفوذه الحكومي، وتحريك اوراق وقضايا، واجبار المتعطشين للسلطة، على دعم ولايته الثالثة، وان القضية صعبة.
نعم ان القضية صعبة ومعقدة، ولذلك احتاجت خلال العامين الماضيين، مواقف صعبة ومغامرة، ولم يكن من السهل على مسعود بارزاني ان يختار مواجهة المالكي ويدعو لاجتماع سحب الثقة. كما لم يكن من السهل على مقتدى الصدر ان "يخرق الاجماع" وينضم الى الاجتماع في اربيل. ولم يكن طوال تلك الفترة من السهل على كل المطالبين بالتغيير، ان يواجهوا تهم العمالة لقطر وغير قطر، وتهم "شق الصفوف"، وتهم "شخصنة الازمة"، لكن نوع المشكلة وخطورتها، دفعت الكثير من الشجعان الى المغامرة، والوقوف بوجه فريق المالكي الذي استولى على ملفات المال والطاقة، والجيش والامن، وصار قادرا بمفرده على تكميم الافواه واغلاق محطات التلفزة، واللعب بمذكرات الاعتقال، ثم منع ابرز معارضيه من خوض الانتخابات، وتوزيع نصف مليون قطعة ارض سكنية "غير مفروزة" لاقناع الجمهور المسكين بأنه ليس حاكما فاشلا.
قصة هذا الموسم العراقي هي: هل يوجد ما يكفي من العقلاء لخلع السلطان المتعسف الذي لم ينجح لا بالبطش ولا بالسياسة، ومحاولة استبداله بفريق معتدل يطفئ الحرائق؟ ام اننا محكومون بالخراب والعجز، وان نظامنا السياسي لن ينجح في كبح جماح السلاطين، الذين يعبثون بالمصائر ويغرقوننا في معارك مع الجميع بلا جدوى؟
كل اسباب اخفاق مشروع الاصلاح لا تزال قائمة، سواء حصل المالكي على ستين او تسعين.
ولكن في نفس الوقت فان كل اسباب نجاح مشروع الاصلاح والتغيير الذي نحلم به منذ ٢٠١٠، لا تزال قائمة، سواء حصل المالكي على ستين او تسعين.
ان منع انحراف الديمقراطية امر صعب ولا شك. وامامنا ما لا يحصى من التجارب في العالم الثالث، بل وفي العالم الاول خلال القرنين الماضيين، ظهر فيها رجال طامحون تنقصهم الحكمة، وورطوا بلدانهم بانتكاسات كان يمكن ان تستمر الى الابد، لو لا نجاح العقلاء ومراكز القوى في المجتمع، بتنظيم صفوفهم، واطلاق جهود للتصحيح وتخفيف الازمات. وكان عملهم صعبا محاطا بالمخاطر ولا شك. وليس العراق استثناءا من هذه القاعدة، ولا اول بلد ابتلي بهذه الانحرافات والتغولات، ومحاولات الاستئثار.
ان مشكلة السلطة في بلادنا، هي جزء من انتقال تاريخي صعب جدا خاضته اعظم الامم قبلنا، من مجتمع تقوده ارادة متسلطة، تؤمن بالقوة الغريزية والعضلية في ادارة الصراع، الى مجتمع يعتمد التعايش المتحضر، داخليا وخارجيا، ويقوم بتعريف المصالح بواقعية، ويعتاش على مخرجات السلام.
وامامنا الان ان نستسلم الى نهج بلا حكمة، ونلقي باللوم على الظروف والتدخلات ونقص الوعي. او نقبل بالتحدي الصعب جدا، للتصحيح وضمان تقليل الخسائر. وهذه مهمة ليست بالسهلة، سواء حصل السلطان على ستين او تسعين. وهي اختبار مدى تحضرنا وشجاعتنا، واستثمار للتضحيات الهائلة التي قدمناها جميعا، للتخلص من دكتاتور اهوج من طراز صدام حسين، ظل يتوهم لعقود ان بامكانه فعل ما يشاء، دونما حسيب ولا رقيب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 5

  1. مؤيد عبد الواحد

    خيبة أمل رغم كل شئ ان يصوت الشعب للأغبياء والحراميه ومهربي أموال العراق الى خارجه والمؤتمريين بأمر ايران او اي دوله اخرى فهو عار على الشعب اولا وعلى من استغل السلطه والنفوذ والإغراء بالمال العام وان ينجح فقط ثلاث مرشحين من التيار المدني الديمقراطي في الان

  2. نصير عزيز

    حكام العراق دائما ياءتون الى الحكم في ظروف ملتبسة وغامضة او عبر سلسلة من المؤامرات والمغامرات العسكرية تارة والحزبية اخرى ؟ وكلهم يتمسكون بالكرسي كانه مغنمة ؟ وطاقم المطبلين والمتزلفين رفيقهم الدائم .. اصبحت تقليد محلي بل ان غير هذا اصبح شاذ .. ودائما الن

  3. taha afandi

    دعنا هنا نلوم الستون بالمائة او النسبة الحقيقية التي انتخبت الدكتاتور المالكي فهي شريحة لايستهان بها رغم اني اشك بانها منتفعه بمعنى الانتفاع الحقيقي للكلمة بل هي جماهير غبية مظلله تصنع الدكتاتور حتى وان لم يوجد هناك واحد كيف السبيل الى العمل عليها وافهامه

  4. نبيل

    كل العام العربي صار لبنان بلاصطفاف الطائفي وكل طافة عينت ملك عليها ولم تعد فائدة من لو كل اسبوع يصير انتخابات سواءا بالعراق او غيرها تحجرت عقلية الفرد العربي بالطائفية وسرنا سنة داعش ونصرة و و و شيعة صفويين عملاء لايران دروز مسيحية علوية ا

  5. علي محمد الجيزاني

    السيد سرمد الطائي تحية طيبة. انت رجل اعتقد غير منتمي الى اي حزب مثلي مستقل لكن ارئ الان مساحة الحرية في زمن السيد نوري المالكي جيدة جداً بحيث يومياً مظاهرات في ساحة التحرير كذاب نوري المالكي كذاب هذه هي الديمقراطية وقناة البغدادية زمر من البعثيين وانت تش

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: ماذا يريد سعد المدرس؟

العمودالثامن: الخوف على الكرسي

العمودالثامن: لماذا يطاردون رحيم أبو رغيف

العمودالثامن: قضاء .. وقدر

لماذا دعمت واشنطن انقلابات فاشية ضد مصدق وعبد الكريم قاسم؟

العمودالثامن: أين لائحة المحتوى الهابط؟

 علي حسين لم يتردد الشيخ أو يتلعثم وهو يقول بصوت عال وواضح " تعرفون أن معظم اللواتي شاركن في تظاهرات تشرين فاسدات " ثم نظر إلى الكاميرا وتوهم أن هناك جمهوراً يجلس أمامه...
علي حسين

كلاكيت: رحل ايرل جونز وبقي صوته!

 علاء المفرجي الجميع يتذكره باستحضار صوته الجهير المميز، الذي أضفى من خلاله القوة على جميع أدواره، وأستخدمه بشكل مبدع لـ "دارث فيدر" في فيلم "حرب النجوم"، و "موفاسا" في فيلم "الأسد الملك"، مثلما...
علاء المفرجي

الواردات غير النفطية… درعنا الستراتيجي

ثامر الهيمص نضع ايدينا على قلوبنا يوميا خوف يصل لحد الهلع، نتيجة مراقبتنا الدؤوبة لبورصة النفط، التي لا يحددها عرض وطلب اعتيادي، ولذلك ومن خلال اوبك بلص نستلم اشعارات السعر للبرميل والكمية المعدة للتصدير....
ثامر الهيمص

بالنُّفوذ.. تغدو قُلامَةُ الظِّفْر عنقاءَ!

رشيد الخيون يعيش أبناء الرّافدين، اللذان بدأ العد التّنازلي لجفافهما، عصرٍاً حالكاً، الجفاف ليس مِن الماء، إنما مِن كلِّ ما تعلق بنعمة الماء، ولهذه النعمة قيل في أهل العِراق: "هم أهل العقول الصّحيحة والشّهوات...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram