تكاد سمة الاعتراض تغلب على مشهد الكرة العراقية بشكل فوضوي لا مثيل له في قضايا عدة لم نألفها في أية دولة أخرى تراعي مصالح اللعبة فيها وتبني مجداً لها من ذهب الانجاز بدلاً من قتل الوقت بتحجيم المرشح الفلاني للاتحاد المقبل والمدرب العلاني المعين لقيادة احد المنتخبات ، وهكذا حتى أصبحنا نشك في نفوس بعض المنضوين إلى قائمة المعترضين حيث ثبتت التجربة لنا إن هناك من لا يستحق أن نثق بما يتبناه من موقف مخالف لأي قرار يصدر سواء من اللجنة الفنية لاتحاد الكرة أو من الاتحاد ذاته لغاية لن تخرج عن مفهوم (خالف تعرف)!
ما أثارني حقاً متابعتي لمجمل ما كُتب عن تسمية المدرب رحيم حميد لقيادة منتخب الشباب في بطولة العرب تحت 20 عاماً المؤمّل انطلاقها في العاصمة القطرية الدوحة للفترة من 2 إلى 15 حزيران المقبل إن كان في الصحافة أو ما تحدث به بعض زملائه في الفضائيات ، أن الجميع يرى في حميد سيرة كروية ضعيفة لم يعززها في تجارب ناديوية أو مهمات وطنية كمدرب أول ، وراح قسم من المعترضين يمارسون النقد بطريقة قاسية كقولهم إن رحيم حميد بقي طوال عمله في التدريب عاشقاً للظل في الملاك المساعد ولم يحقق أي شيء في سوح الملاعب العربية والقارية وأنه سيُسقِط الشباب في الدوحة !
للأسف إن قادة هذا الطرح وتخمينهم بفشل رحيم حميد قبيل مباشرته المهمة يعني أن هناك أمراً يُرتّب في الخفاء للحيلولة دون إنجاح واجبه الوطني والتأثير على معنوياته وممارسة أبشع طرق الهجوم غير الشريف عسى ولعل أن يُقدِم اتحاد كرة القدم على تغييره ليحل مدرب آخر مكانه ! فما جرى لزميله هادي مطنش في الدوحة نسخة طبق الأصل لإحدى حلقات الضحك على الذقون حيث استبعد مباشرة عن تولي تدريب المنتخب الأولمبي مع إن اتحاد اللعبة لديه تصور شامل عن جميع المدربين من اين بدأوا ، وماذا حققوا وما المستوى الفني الذي يتميزون به مقارنة مع بقية زملائهم ؟! هكذا تقييمات يفترض أن يدرك اتحاد كرة القدم المنحل أهميتها ويحسم أمره بشأنها بعيداً عن حملة تبييض الصورة بتمويه الإعلام عقب صدور محكمة (كاس) منيطاً باللجنة الفنية دوراً أكبر منه في تسمية المدرب الكُفء وكأن مسؤوليته انتهت هنا!! كلا يجب ان يصار الى تقديم المدرب في مؤتمر صحفي بحضور عضوٍ من مجلس اتحاد كرة القدم يبيّن فيه أسباب اختياره وما الأسماء التي نافسته في الترشح والقيود التي حالت دون تواجد مدربين معروفين بنجاحهم مع الفئات العمرية كي يعطى المدرب حقه المعنوي والفني والإعلامي ويواجه استفسارات الإعلاميين إعماماً للفائدة وتنويراً للجمهور بمعلومات وافية تغطي مساحة كبيرة من الغموض الذي شغل الرأي العام الرياضي واستغله أصحاب النوايا السيئة لقتل طموح المدرب ومنتخب البلد في مهدهما !
وعلى العكس ممن طعنوا في شخصية رحيم حميد وعدّوها (كومبارسية) فالتاريخ الكروي قدّم لنا عشرات المدربين الكبار عالمياً قضوا أعواماً طوالاً ينهلون الخبرة والتجربة في جلباب مَن هُم أكثر تمرساً وعلمية واحترافية منهم وأصبحوا اليوم (معلمين ونص) يشار إليهم مدربين بارعين سواء مع الأندية أم المنتخبات مثل مورينيو وفان غال وماثيوس وسكولاري وآخرهم زين الدين زيدان، فما الضير من عمل رحيم حميد سابقاً مع المدربين أكرم سلمان وعدنان حمد وفييرا وأولسن مع انه أسهم بشكل رائع في تحقيق الانجاز الأشهر في تاريخ كرتنا يوم رفع كأس أمم آسيا عام 2007 ؟! ثم إن الرجل مواكب دؤوب لجميع الأنشطة المحلية والآسيوية ولديه رؤية كاملة عن أساليب المدارس المتخصصة من خلال اختياره مقعد التحليل في شاشات فضائية مختلفة بدا خلالها مُقنِعاً في الرأي وبسيطاً في الطرح بلا تعقيد وقريباً من واقعية أداء منتخباتنا وأنديتنا في حين هناك مدربون عاملون في الدوري وعلى تماس مباشر وميداني مع اللاعبين أخفقوا أيما إخفاق في مهام وطنية سهلة مُبددين آمالنا في تحقيق منجزات جديدة للعبة.
ليكن موقفنا داعماً للملاك التدريبي الجديد المؤلف من رحيم حميد وعباس عبيد وعادل نعمة وإبراهيم سالم لقيادة منتخب الشباب في بطولة العرب المحطة الأولى لتجريب اللاعبين الجُدد ممن سنحت لهم الفرصة لتمثيل البلاد في لقاء عربي لا يقل أهمية عن نهائيات أمم آسيا للفئة نفسها التي ستقام في مانيمار تشرين الأول المقبل وستظهر ملامح قوة الملاك الفني والأخطاء التي تفرزها المشاركة بعد فضّها حينذاك يمكن أن نسهم كلنا في تقييم وتقويم مجمل النتائج من دون المساس أو التشهير بالمدرب وملاكه المساعد لأنهم ضمانة لاستحقاقات كثيرة مع مدربين آخرين ينتظرون دورهم الوطني أيضاً لرفعة شأن الكرة العراقية.