ترجمة/ ابتسام عبد الله حتى قبل ان يبدأ تحقيق كيكوت بعدة اشهر أو اعوام، بدأ الحديث عن الدور البريطاني في العراق ومحاولات التملص للتهرب من مناقشته بسبب وجود اشخاص غير مناسبين في السلطة، بل ان البعض قد حكم بفشل الامر مسبقاً. وبشكل ما، فان اولئك الناس على صواب،
والعملية السياسية التي وجهت البلاد نحو الحرب ملوثة جداً ويدور جدال حولها ضمن نطاق واسع بحيث يصبح متعذراً الوصول الى نتيجة حاسمة ومحددة، وحتى ان اعلنت نتائج ذلك التحقيق فان عدداً قليلاً من منتقدي الحرب سيكونون راضين بها. ان التحقيقين السابقين بشأن الحرب في العراق لم يعطياهم ما ارادوا سماعه، والذي يؤكد معتقداتهم الثابتة: ان بلير كان كاذباً، وان الشعب قد خدع والحرب لم تكن ضرورية وان العمل لم يكن متقناً، وبامكاننا ان نقول ان الطلاب البريطانيين سيظلون ولعدة مئات من الاعوام المقبلة – يناقشون الدور البريطاني في العراق من 2001 والى 2009، وستنضم هذه القضية الى قضية اخرى وهي حرب السويس كدليل لفشل السياسة الخارجية البريطانية. ان الامر المعرض للخطر في هذا الشأن الاكبر من القيام باعلام الشعب بما يريد ان يسمع، هو الاحتقار المتواصل الذي يتعامل به كافة السياسيين الكبار ازاء المنصب، وهذا التحقيق الاخير لاينبثق من أي رغبة للاعتراف بالاخطاء، بل ذريعة اعتيادية للحكومة ودورها ، والقول بأن اشتراك بريطانيا في الحرب كان نتيجة مجموعة امور مختلطة بغير نظام، وان تحقيقاً رسمياً سيتم علناً قد اصبح امراً لامناص منه، مع تأكيد الوزراء ان مجريات التحقيق في النهاية لن تصيبهم بضرر. ولهذا السبب فأن نتائج التحقيق لن تظهر حتى نهاية العام المقبل في الاقل، أي بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية، كي لايتحمل احد مسؤوليتها. إن الحسابات السياسية في مثل هذه الامور والتحقيقات لاترحم، فاولئك الذين في السلطة يؤخرون قدر الامكان الوصول الى النتائج الساخنة ويدعون الناس ينتظرون طويلاً لتبرد القضية او يموت من شارك فيها او يصبح غير ذي شأن أو ينساها الشعب. لقد اصبح هذا الاسلوب فناً سياسياً عالمياً: تأجيل كل ما يحتاج الى قرار او تغييرات او تحقيقات، في حين يتظاهر السياسيون بعكس ذلك امام الرأي العام. ومع الاعلان عن تحقيق كيكوت قال غوردن براون: «انه من الضروري» أي ان الامر اصبح ضرورياً ولا يمكن التملص منه. ان قضية الحرب في العراق مسألة تفرق ما بين السياسيين والشعب، والخطابات المختلفة لكل جهة، ومدى الصدق والالتزام لكل من الجانبين تجاه الموضوع وتفكك الثقة، وان اردنا اثباتاً لذلك فهناك توني بلير، الذي كان يوماً نائباً عن العمال، وغدا اليوم نبيلا أجوف يدور حول العالم، وجه متجهم ودخل بعدة ملايين باوند يثير قلقه، ومكتب خاص، فهل تنتابنا الشكوك في انه محمّي من ماضيه؟ ومن الامور الجلية ايضاً، ان يسأل الناس عن القرار الذي اتخذ ليكون السير جون كيكوت رئيس لجنة التحقيق بدلاً من قاض اعتيادي، والسير جون دبلوماسي سابق وكان ايضاً عضواً في لجنتي التحقيق السابقتين، ويتوجب ايضاً ان يعرف الناس لماذا تم اختيار مؤرخين في اللجنة التي تضم خمسة اعضاء، ويعرف عنهما تأييدهما لبلير وللحرب في العراق، لماذا يتم اختيار مؤرخين بدلاً من العسكريين! ان عمل هذه اللجنة سيستغرق زمناً طويلاً، حتى يضجر الناس من السؤال عن نتائج التحقيق وحتى تبهت قضية العراق امام افغانستان وتذبل في الذاكرة وتصبح الوثائق الخاص بها وملفات القضية جزءاً من التاريخ القديم. وعندما سيتم استجواب الحكومة آنذاك ستعترف بانها أرغمت على دخول الحرب، ولكن الشعب البريطاني سيكون (آنذاك) مشغولاً باشياء اخرى. عن التايمز
في بريطانيا.. تحقيق آخر عن التورط في حرب 2003
نشر في: 23 نوفمبر, 2009: 06:26 م