ليس مُستغرباً الترحيب الأميركي الإيراني المزدوج، رغم أن بينهما ما صنع الحداد، بنجاح حليفهما في بغداد في الانتخابات الاخيرة، بعد ثماني سنوات قضاها في الموقع الأول، رئيساً للوزراء كرّسها للتخلص من خصومه ومنافسيه داخل حزبه، وتحجيم حلفائه الذين أوصلوه لموقعه، نتيجة لشكوكه المرضية بأن الجميع يسعى لإطاحته وتغييبه عن المشهد السياسي، ولجأ في تعامله مع محيطه العربي إلى لغة استفزازية، وصلت حد اتهام بعضهم برعاية الإرهاب في العراق، حاول جاهداً نفي اتهامه بالتعصب الطائفي من خلال صولة فرسانه ضد جيش المهدي، لكن هدفه الأول والأخير كان التخلص بأدوات الدولة من منافس خطير، يتوفر على إرث مجيد يفتقر المالكي لمثله، فهو لم يكن أكثر من معارض مغمور لنظام صدام، ويأتي في المراتب القيادية المتأخرة في التنظيم الذي كان ينتمي إليه.
ظالم من يقول ان المالكي ليس شديد البراعة في الجمع بين المتناقضات، فعلى الرغم من اتهامه بالتبعية المطلقة للولي الفقيه، وتلك حقيقة لاجدال فيها، فإنه يحظى بدعم واشنطن التي يبدو أنها تفضل أن يظل حال العراق على ما هو عليه من بؤس، والمالكي خير من يوفر لها ذلك بتكريسه المحاصصة الطائفية والمذهبية والعرقية، وهي بالتأكيد ليست في مصلحة العراق، ولا تضمن وحدته الترابية، ولا تُغني الشخصية الوطنية العابرة للطوائف والإثنيات، بقدر ما تعلي فكرة التناحر، والمدهش فعلاً اليوم أن يوعز المالكي لمفوضية الانتخابات، وهي مستقلة، ويفترض بعدها عن صلاحيات رئيس الوزراء، بقبول أي اعتراض أو طعن أو احتجاج من أي كتلة نافست في الانتخابات، في محاولة للإيحاء بأنه لا يخشى الاتهام بالتزويرالذي يتهمه به الكثيرون.
رغم عديد الاصوات المعلن أن المالكي حصدها، فإن المؤكد أنه سيخوض معركة شاقة للاحتفاظ بمنصبه، ليس له رصيد غير هذه الاصوات، فقد تميزت سنوات حكمه الثمان أما جموداً أو تراجعاً في كافة القطاعات، بالتزامن مع سيطرة الفساد على كل مناحي الحياة، حتى بات مؤسسة قائمة بذاتها، إضافة إلى المعضلة الأكبر المتمثلة بانعدام الأمن على أكثر من صعيد، إضافة الى كم هائل من الخصومات المُفتعلة مع مكونات التحالف الوطني، المفترض أنهم حلفاء للمالكي، ومع من يتوجب عليه التحالف معهم من الكرد والسنَّة ليتمكن من تشكيل حكومة بنكهة وطنية ولو في الحد الأدنى.
يحتاج الرجل الحائز ائتلافه على أكثر بقليل من 90 مقعداً في مجلس النواب الجديد، إلى حوالي سبعين نائباً إضافياً ليتمكن من العبور إلى ولاية ثالثة، ترفضها مبدئياً كل الكتل النيابية الوازنة، علاوي والحكيم والصدر والبرزاني، وتعمل على نقله إلى مقاعد المعارضة، في بلد يبدو من السهل انتقال النواب من كتلة لأخرى وراء مصالحهم الشخصية، وليس ذلك ببعيد عن أعضاء ائتلاف دولة القانون، إن أحسنت الأطراف الأخرى التعامل معهم، لكن المؤكد أن تطول أزمة تشكيل الحكومة الجديدة، رغم إلحاح واشنطن وطهران على تسريع ولادتها، ولو كانت خداجاً.
شرع المالكي منذ ما قبل ظهور نتائج الانتخابات بحشد تأييد الكتل الأقرب، لكن الرجل يحتاج لتمثيل سنّي فاعل يتجاوز كتلة صالح المطلك، إن ظلت كتلة متحدون على موقفها العدائي، كما هو بحاجة لتمثيل كردي وازن، وفي ظل اتفاق الكرد على موقف موحد في التفاوض على تشكيل الحكومة الجديدة، وغياب إمكانية عقد صفقة منفردة مع الاتحاد الوطني، فان الأزمة تزداد اتساعاً، وهكذا فإن فرصة المالكي مرتبطة أكثر بتوافق سعودي إيراني، سيكون كفيلاً بتغيير الكثير من المواقف المناوئة لاستمراره رئيساً، وبما يكرس في بلد كالعراق فكرة القائد الضرورة ومختار العصر كما يروج أنصار السيد المالكي.
هل يشكلها المالكي وكيف؟
[post-views]
نشر في: 26 مايو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ابو سجاد
تاكد ياساذ حازم ان اكثر من ثلاثة ارباع العراقييين يوافقوك الراي بان ولادة الحكومة هو بارادة خارجية للاسف وليس بارادة عراقية ولو بنسبة بسيطة وعندما يناقش العراقيين بعظهم بعضا فيقول الكل سننتظر ماذا تقرر ايران واميركا والسعودية فانهم اصحاب الخبر اليقين وسيب