TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > انه "كناس" يا مدام

انه "كناس" يا مدام

نشر في: 26 مايو, 2014: 09:01 م

من دون ان تقصد، نبهتنا السيدة حنان الفتلاوي الى اننا كمعارضين لنهج نوري المالكي، قد نوافق على ترشيح "كناس" بدلا عن زعيم دولة القانون. ولست هنا بصدد الدفاع عن محافظ ميسان العزيزة، السيد علي دواي، الذي ذاع صيته كمتواضع مثابر ونزيه، ترفع عن التلاعن الحزبي وانشغل بمداواة جراح مدينته المعذبة، وليس بحاجة الى من يدافع عنه. لكنني اريد ان اتمسك بوصف "الكنس" الذي اراه مناسبا للغاية، لتعريف وظيفة رئيس الحكومة المقبل.
ولا اعني بوظيفة الكنس في مرحلة ما بعد المالكي، محاولة تنظيف شوارع بغداد التي بقيت فضيحة تقيس درجات العجز الاداري والتنفيذي، وتجعلنا قادرين على تخيل فلتان الامور في ملفات الامن والاقتصاد والسياسة الخارجية، فالعاجز عن ازاحة القمامة من قلب العاصمة بعد سنوات من كل صخبه وصراخه على رأس السلطة، لن يقنعنا بأنه نجح في رصد شبكات المسلحين التي تفتك بنا منذ عقد ونيف، مستفيدة من فشل سلطان العراق، الذي كلما زادت فلوسه تضاعفت اخفاقاته وتصاعد غروره الذي يفقده الصلة بالحقيقة.
لكنني اريد الحديث عن الكنس باعتباره التوصيف الافضل للحكومة الجديدة في مرحلة ما بعد المالكي، وهو ذات الوصف الذي استخدمته السيدة حنان بازدراء. نعم، فالحكومة المقبلة التي نقاتل من اجل صوغها، ستكون حكومة "كنس" حقيقية، وسيتوجب عليها ان تكنس ركاماً من المسارات الرثة التي خربت تسوياتنا السياسية والامنية، واغرقتنا في بحر الدم ثانية.
نعم، سنمضي وقتا طويلا مع الاسف، في كنس حماقات فريق السلطة، الذي لم يفلح في بطش، ولا نجح في فن الحلول قليلة الكلفة، وسيترك لنا خرائب سياسية، وأنقاض اتفاقات، وطوابير من عديمي النفع الذين زرعهم المالكي في اكثر المؤسسات حساسية، فقط لضمان ابتلاع النفوذ وقضم الدولة.
ولذلك ستكون على جدول مهام "الكناس" بعد رحيل المالكي، التخلص من نهج اقصاء الكفاءات الشجاعة التي رفضت طريقة السلطان في ادارة ملفات المال والرقابة، وسنتذكر طويلا المواقف الاحتجاجية المشرفة لشخصيات من قبيل القاضي رحيم العكيلي، ومحافظ المركزي سنان الشبيبي، ومعاونيهما، وسنطالب العهد المقبل بأن يتذكر معنا تفاصيل هذا الفشل، الذي لابد له من بديل معتدل ينظف المشهد من صورة للحكم ممزقة ومؤسفة.
ان "كناسنا" سيحاول تنظيف اصول الحوار من منطق الاخضاع الذي افشل جولاته. وسيسعى الى تنظيف مفهوم السلطة من الاحلام غير المشروعة التي اعتقد اصحابها ان في وسعهم الغاء التعددية السياسية وإسكات صوت المعارضين والمحتجين، وإعادة كتابة قواعد اللعبة من طرف واحد، والسقوط في دوامة اسوأ انحراف شهدته البلاد منذ سقوط صدام حسين.
ان الاخطاء والخطايا السياسية تركت جبالاً من القمامة، وأول ما يتطلبه كنسها، هو إبعاد المجانين عن مقود هذه السفينة المتعبة، اي اولئك الذين كانوا لا ينصتون لنصح ولا يركنون لتوازن، وأدت اندفاعاتهم الى تقديم احلى الهدايا، لمجاميع الموت وتنظيمات العنف، كما بددت معنى السياسة في هذه البلاد.
ان انصار دولة القانون يتعامون عن رؤية كل المصائب التي خلفتها سياستهم، ولازالوا يعتبرون المالكي "فلتة تاريخية" يصعب تعويضها لو غابت، وهذا داء وبيل ليس هؤلاء اول من اصيب به، ولن يكونوا اخر من تعميه لوثته. لكن الحكاية باختصار يا سيدة حنان، ان "كناسكم" فشل في مهمته، وان من حق اكثر من ٧٥ في المائة من العراقيين الذين صوتوا ضد سياساته، ان يحصلوا على "كناس" جديد متوازن، يهدئ الخواطر ويخفف الازمات ويقلل من منسوب الدم. وهذا حقنا الدستوري، وهو ثمن الإعراض عن منطق الحكمة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. سبهان

    كناسي البدلات وربطات العنق لاموال الدولة ابشع وافضع من كناسي البدلات الزرقاء يا Mrs.7x7

  2. نهى عبد الكريم

    اسقاط جميل على مصطلح الكنس وتوظيف جميل لما هو ابعد من معناه السطحي عالج فيه كاتبا الشجاع سرمد المشهد السياسي العراقي الذي ينء بجملة مشكلات معقدة تسببت فيها السياسات الكارثية لسلطان بغداد كما بات يطلق عليه ، ولكن ما اردت ان اشير له فيما يتعلق بموضوع الكنس

  3. سعد

    كلامك ذهب ولكن الحياة لمن تنادي يوجد أناس مصرين على تأييد الفشل بقيادة المالكي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: ماذا يريد سعد المدرس؟

العمودالثامن: الخوف على الكرسي

العمودالثامن: لماذا يطاردون رحيم أبو رغيف

العمودالثامن: قضاء .. وقدر

لماذا دعمت واشنطن انقلابات فاشية ضد مصدق وعبد الكريم قاسم؟

العمودالثامن: أين لائحة المحتوى الهابط؟

 علي حسين لم يتردد الشيخ أو يتلعثم وهو يقول بصوت عال وواضح " تعرفون أن معظم اللواتي شاركن في تظاهرات تشرين فاسدات " ثم نظر إلى الكاميرا وتوهم أن هناك جمهوراً يجلس أمامه...
علي حسين

كلاكيت: رحل ايرل جونز وبقي صوته!

 علاء المفرجي الجميع يتذكره باستحضار صوته الجهير المميز، الذي أضفى من خلاله القوة على جميع أدواره، وأستخدمه بشكل مبدع لـ "دارث فيدر" في فيلم "حرب النجوم"، و "موفاسا" في فيلم "الأسد الملك"، مثلما...
علاء المفرجي

الواردات غير النفطية… درعنا الستراتيجي

ثامر الهيمص نضع ايدينا على قلوبنا يوميا خوف يصل لحد الهلع، نتيجة مراقبتنا الدؤوبة لبورصة النفط، التي لا يحددها عرض وطلب اعتيادي، ولذلك ومن خلال اوبك بلص نستلم اشعارات السعر للبرميل والكمية المعدة للتصدير....
ثامر الهيمص

بالنُّفوذ.. تغدو قُلامَةُ الظِّفْر عنقاءَ!

رشيد الخيون يعيش أبناء الرّافدين، اللذان بدأ العد التّنازلي لجفافهما، عصرٍاً حالكاً، الجفاف ليس مِن الماء، إنما مِن كلِّ ما تعلق بنعمة الماء، ولهذه النعمة قيل في أهل العِراق: "هم أهل العقول الصّحيحة والشّهوات...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram