لم يكن متوقعاً أن تتحول المبادرة الطيبة بعقد دورة سنوية لمنتدى الإعلام العربي، وقد بلغ سن الثالثة عشرة، وينعقد هذا العام تحت شعار مستقبل الإعلام يبدأ اليوم، إلى ما تحولت له هذا العام، بدعوة سيدة مصرية بسيطة، تنحصر كل مساهمتها في العمل الإعلامي بأنها وجهت رسالة صوتية للرئيس الأميركي باراك أوباما، قالت له فيها "شت اب يور ماوس أوباما"، وهي تندد بدعمه لجماعة الإخوان المسلمين، ما أدى لاستنكار البعض لحضورها ومشاركتها في جلسة الهوامش، التي تمحورت حول تحول الهوامش إلى خبر رئيسي يتصدر المشهد الإخباري والإعلامي في عالمنا العربي.
نعترف بتاثير وسائل التواصل الاجتماعي على الرأي العام، وكان جيداً حرص منظمي المنتدى على دعوة الشباب والأشخاص أصحاب الشعبية الكبيرة على تلك الوسائل، أما الإنزلاق إلى دعوة الشخصيات البسيطة، ذات المواقف السياسية الكوميدية والترفيهية، لكسر الجمود الذي توهم المشرفون على المنتدى أنه قد يحدث في الجلسات التي اعتدنا سابقاً على جديتها ورصانتها، واستضافتها أكاديميين وكتاب أعمدة صحفية ومتخصصين في السياسة والاقتصاد والإعلام ليتحدثوا بجدية عن ما يدور في أروقة الاعلام العربي، فتلك خطوة يمكن إدراجها في باب إهانة الضيوف، بمن فيهم السيدة المصرية التي قيل إن حضورها جاء للترفيه عن المجتمعين.
نقدر للسيده منى البحيري، مالكة العلامة المميزة ل " شت اب يور ماوس" غيرتها على وطنها، وإلى حد التنديد بالسياسات الأميركية المؤيدة لجماعة الإخوان المسلمين، غير أن المؤكد أن ذلك لايؤهلها للمشاركة في منتدى على هذا المستوى، يتطلع لحضور جلساته معظم الإعلاميين العرب الجادين، وليس صحيحاً على الإطلاق الزعم بأن دعوتها دليل على أن المنتدى في دورته الحالية يتطور بذكاء، ويواكب ما يدور في العالم في أحداث، ولم يعد ذلك المنتدى التقليدي، انما أصبح منتدى ذكياً يبحث عن تطوير نفسه والوصول إلى الأفضل دائماً، كما ليس منطقياً إطلاقاً القول إن ما فعلته المديرة التنفيذية نورة المري، باستضافتها تلك الشخصيات الشعبية البسيطة، هو شيء جيد يؤكد أن المنتدى يتطور.
لم تجانب السيدة المري الصواب حين قالت "إن انعقاد هذه الدورة من المنتدى، يأتي في وقت لا يزال فيه الإعلام العربي يعاني جراء ظروفٍ استثنائية أفرزت جملة من التحديات غير المسبوقة، لتأخذ بالمهنة وأربابــها إلى اختبارات صعبة، وتركت تلك التحديات آثاراً بالغة التعقيد على واقع الإعلامِ العربي". لكنها جانبت الصواب بالتأكيد وهي تسطح جلسات المؤتمر ليتحول الى جلسات ترفيهية ليس هذا محلها ولا زمانها.
صحيح أن الإعلام شريك متضامن في صناعةِ المستقبل، وأن دوره حيوي بالغ الأهمية، وأن الاستعداد للمستقبل والتحسب لاحتمالاته يتطلب أن يكون تفكيرنا متطوراً، وتركيزنا على الآتي وليس على الماضي، وعلى متطلبات الغد وليس على نواقص الأمس، وعلى تعزيز التفاؤل والثقة بالذات وبالقدرة على مواجهة أصعب التحديات، لكن الصحيح أيضا أن ذلك لايتم في جلسات ترفيهية يقود الحوار فيها هامشيون لاعلاقة لهم بصناعة الاعلام، إن كان علينا التذكير بأن الإعلام صناعة تتطلب الكثير غير التهريج.
أما محاولة المقربين من منظمي المؤتمر، الترويج بأن المشكلة أصبحت في بعض الحضور، غير القادرين على تطوير أنفسهم ومواكبة الأشياء المتجددة غير التقليدية، فهي نقطة تحسب ضد المنظمين، وتدل على أن الدعوات لم تكن على أساس القدرة والتاريخ المهني، ولا حتى على أساس انسجام الحضور مع التوجه المطلوب ترسيخه في دورة هذا العام، التي نتمنى أن تكون الأخطاء المرتكبة فيها، الأخيرة في مسيرة المنتدى الذي نعول عليه كثيراً في تطوير العمل الإعلامي العربي، المحتاج فعلاً للكثير من التطوير.
منتدى شت اب يور ماوث
[post-views]
نشر في: 27 مايو, 2014: 09:01 م