TOP

جريدة المدى > عام > "شمشون ودليلة" بارامونت تحتفل به وسط النقد اللاذع الذي تتعرض له الأفلام الملحمية المنتجة حديثا

"شمشون ودليلة" بارامونت تحتفل به وسط النقد اللاذع الذي تتعرض له الأفلام الملحمية المنتجة حديثا

نشر في: 28 مايو, 2014: 09:01 م

قبل أن يتوج أساتذة الأعمال السينمائية الملحمية حاليا ملوكا على هوليوود  كجيمس كاميرون وستيفن سبيلبرغ ، كان هناك منتج ومخرج حاز على إعجاب كبير من جمهور السينما ونقادها هو سيسيل دي ميل الذي فاق بأعماله كبريات الشركات السينمائية العملاقة بما قدمه م

قبل أن يتوج أساتذة الأعمال السينمائية الملحمية حاليا ملوكا على هوليوود  كجيمس كاميرون وستيفن سبيلبرغ ، كان هناك منتج ومخرج حاز على إعجاب كبير من جمهور السينما ونقادها هو سيسيل دي ميل الذي فاق بأعماله كبريات الشركات السينمائية العملاقة بما قدمه من أفلام  كبيرة كان من أهمها : " ملك الملوك "  1927 و " علامة الصليب " 1932 و" شمشون ودليلة " الذي افتتح عام 1950 أي قبل 65 عاما من الآن والذي احتفلت به حاليا بارامونت الشركة الرائدة بتوزيع الأفلام التي قدمت في نفس الوقت نسخة معدلة منه " بلو راي " عالية الوضوح عرفانا منها بهذا العمل الملحمي الكبير الذي تعرض للنسيان وسط عشرات الأفلام التي عالجت الميثولوجيا بطريقة خاطئة وانتقائية.الفيلم كان قد اضطلع ببطولته نجمان كبيران هما فيكتور ماتيور و هيدي لامار حيث شهدت هوليوود قبل عرضه كسادا لم يعرفه تاريخها الحافل بالإنجازات الكبيرة التي أسرت جمهرة كبيرة من المشاهدين ، فمن انخفاض حاد في الإقبال على شبابيك التذاكر إلى تهديدات تعرض لها الكثير من العاملين بالحقل السينمائي بسبب تناولهم لمواضيع لم تكن لتسر الكونغرس وبقية المتنفذين الذين كانوا يخشون على مصالحهم من أن تتضرر بعد ما وجدوا السينما بدأت تنحاز إلى الطبقات الفقيرة والمعدومة بفعل التأثير القوي للسينما الإيطالية والروسية اللتين عرفتا بواقعيتهما ، فكان من نتائجها ظهور فيلم المخرج بيلي وايلدر " شارع الغروب " الذي أحدث كل تلك الاضطرابات وقتها بسبب تناوله لموضوعة الإدمان الذي تفشى وبشكل خطير في المجتمعات الأمريكية وتحميله المسؤولية لبعض أصحاب القرار هناك ، من هنا جاء هذا الفيلم " شمشون ودليلة " بنسخته الأولى عام 1920 وإعادة تصويره من جديد في خمسينات القرن الماضي ليرفع القلق عن الدراما السينمائية المتضررة وإحياء لبعض قصص العهد القديم التي اجتمع فيها الفقر والغنى ، الكذب والحقيقة ، العاطفة الصادقة والعلاقات الجنسية المحرمة ، والمؤامرات التي لايتورع أصحابها عن سلوك طريق الشيطان لإنجاحها في إشارة للسلوكيات التي تحاول إجهاض الأعمال الجادة .
دي ميل استند في قصة وأحداث فيلمه على عدة مصادر أهمها كان كتاب زئيف جابوتنسكي الذي حمل اسما آخر هو فلاديمير اليهودي الروسي  ، الذي لم يدرك وقتها أنه أسس لظهورعدة شخصيات اشتهرت بالبطولة الخارقة فيما بعد كسوبرمان أو فلاش غوردن ومن ثم ظهور نجوم على شاكلة ماتيور كسيلفستر ستالون وآرنولد شوارزنيغر ، أما اختيار دي ميل لحسناء هوليوود هيدي لامار وهي تتقمص دور دليلة ، المرأة الجميلة التي كانت لاتتورع عن تقديم جسدها لإغواء شمشون والإيقاع به ، فقد أحسن اختيارها نظرا لجمالها الطاغي وموهبتها التمثيلية ، دي ميل اعتنى كذلك كثيرا بديكورات فيلمه لتبدو الأماكن أقرب إلى حقيقتها في حقبة من حقب التاريخ الفلسطيني البعيد ، وألبس أبطاله مع مجاميع الكورس ملابس تليق بذاك العصر تألقت جميعها باستخدام تقنية التكنيكلور التي تعتمد أساسا على التصوير بثلاثة أفلام سينمائية خام يغلب على كل فيلم منها لون سائد من الأصفر والأزرق والأحمر وبعد ذلك يتم مزج الأفلام الثلاثة لتعطي لنا نسخة ملونة من الفيلم السينمائي ، هذه الطريقة اختفت بداية الستينات من القرن الماضي بعد إقدام كوداك وهي من الشركات الرائدة في مجال صناعة كاميرات التصوير ، وذلك بصنع فيلما واحدا ملونا بدلا عن الثلاثة أفلام ، بلغت ميزانية الفيلم أكثر من ثلاثة ملايين دولار وهي ميزانية متواضعة إذا قورنت بميزانيات الأفلام التاريخية المنتجة حديثا وقد حصد الفيلم أكثر من أربعة أضعاف ميزانيته تلك مع الإشادة الكبيرة به حيث كتب جوزيف كورنيل وهو مخرج طليعي ونحات وكاتب يقول :
- أخذنا دي ميل في فيلمه هذا برحلة سحرية تحدث فيها أبطاله بلغة شعرية وسط موسيقى تصويرية رائعة وضعها فيكتور يونغ حيث قاد إحدى فرق الأوركسترا السيمفونية الأقدرعلى إشاعة لحظات الترقب والحذر والألم والفرح بنفس الوقت .
بارامونت لم تكن الشركة الوحيدة التي تحتفي بفيلم " شمشون ودليلة " ، حيث قامت كولومبيا وهي من الشركات الرائدة في الانتاج والتوزيع السينمائي في هوليوود أيضا باستذكار فيلم " المرأة المعجزة " الذي أخرجه فرانك كابرا عام 1931 من بطولة باربرا ستانويك وديفيد مانيرس والذي تدور أحداثه حول ابنة لأحد الوعاظ تصاب بخيبة أمل نتيجة لسوء معاملة والدها لها فتزدري تلك الأبوة وتثور على الكنيسة التي تعتقد إيمي ماكفرسون وهو الاسم الحقيقي لهذه الشخصية أنها السبب المباشر في جعل والدها بهذه القسوة ، لكنها في النهاية تتراجع عن موقفها بعد تعرضها لمنغصات الحياة وهي تعيش بعيدا عن أسرتها ، الجميل في هذين الفيلمين أنهما عكسا رغبة مخرجيهما آنذاك على التمسك بالقيم والأخلاق النبيلة ونبذ العنف أيا كانت صورته وهناك قواسم مشتركة بينهما في أن معبد شمشون ومعبد ماكفرسون اللذين هما عبارة عن الحاجز النفسي الذي حاولا اجتيازهما بقوة الأمل وحده القادر على التغلب فيما يعترض الإنسانية من عقبات.
 عن: نيويورك تايمز

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة

كوجيتو مساءلة الطغاة

علم القصة: الذكاء السردي

موسيقى الاحد: 14 رسالة عن الموسيقى العربية

تصورات مغلوطة في علم السرد غير الطبيعي

مقالات ذات صلة

السماء ليست حدودًا: قصة هوارد هيوز وجان هارلو
عام

السماء ليست حدودًا: قصة هوارد هيوز وجان هارلو

علي بدرفي مدينة تتلألأ أنوارها كما لو أنها ترفض النوم، وفي زمن حيث كانت النجومية فيها تعني الخلود، ولدت واحدة من أغرب وأعنف قصص الحب التي عرفتها هوليوود. هناك، في المكاتب الفاخرة واستوديوهات السينما...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram