الكتاب: العائلة الأولى تأليف: مايك داش ترجمة: عادل العامل قبل أن يكون هناك آل كابوني، كان هناك جوسيبي موريلو. ويتحدث المؤلف مايك داش هنا حول تراث هذا الرجل ــ وعنفه. تبقى المافيا الإيطالية منقوشةً في روح الثقافة الشعبية مثل أفلام الغرب لجون واين و كلينت إيسوود.
و بينما كانت كلاسيكيات أدبية مثل " سوبرانوس " و غودفيلاس " و العرّاب " تستكشف الجانب السادي من حياة رجال العصابات، فإنه حتى تلك الصور البغيضة لم تستطع أن تقضي على مفاهيمنا المتَّسمة بالرومانسية. (و في الحقيقة، ربما كانت تغذيها.) و ما تزال القصص البطولية لرجال مثل جون غوتي و آل كابوني تُفتننا و تفتن هوليود، و التي لم تنفر أبداً من تحويل مجرمين عتاة إلى رجال قياديين يتدفقون حيويةً. و على كل حال، غالباً ما أصبحت بعض الأساطير حقائق حول المافيا؛ و القليلون منا يعرفون التاريخ الحقيقي لأشهر عوائل الجريمة في أميركا. و في كتابه الجديد، " العائلة الأولى: الرعب، و الابتزاز، و الانتقام، و القتل و مولد المافيا الأميركية "، يشرع المؤرخ و المؤلف الواسع الانتشار مايك داش في تصحيح أفكارنا الخاطئة حول تاريخ المافيا في الولايات المتحدة، متتبعاً جذورها من نيو يورك منعطف القرن العشرين (أي قبل الثلاثينيات الشائعة الذكر بكثير). و يركز تأريخ داش على العمل القذر الطويل لجوسيبي موريلو، المعروف بـ " اليد الكمّاشة "، و هو مهاجر صقلّي أصبح دون don أميركا الحقيقي الأول. و اعتماداً على أرشيف (خدمة سرية) استُفيد منه سابقاً، يبدو داش قادراً على طلاء صورةٍ مدمرة عن اعتماد المافيا على العنف الوحشي و يحررنا من أية فكرة حول الإحسان المفترض للمنظمة في حماية المهاجرين الإيطاليين. فأبطال كتابه ليسوا أعضاء العصابة، و إنما هم رجال القانون المخلصون البارعون بما فيه الكفاية للقبض على موريلو و عصابته. و قد أجرت مجلة " صالون Salon " مؤخراً حديثاً مع داش حول ميراث موريلو، و ثقافة المافيا الصقلية، و لماذا لن يكتسب هؤلاء الرعاع الأميركيون ــ الإيطاليون ثانيةً القوة التي كانت لهم في ما مضى. * يعتقد معظم الناس أن المافيا بدأت في أميركا في ثلاثينيات القرن العشرين، لكن تلك ليست هي الحال فعلياً. و كتابك يبدأ في وقتٍ أسبق من ذلك بكثير، بجوسيبي موريلو؟ ** كان موريلو الرجل الذي أقام في الأساس المافيا في نيو يورك. و كانت هناك بعض القصص عن مافيويين أفراد يصلون، لكن الذي عمله موريلو و لم يعمله أحدٌ قبله أنه كان يؤسس في الواقع عائلة مافيا تُدار رسمياً في منطقة نيو يورك و تحويلها إلى امبراطورية إجرامية مهمة تماماً. و كان قادراً على القيام بذلك لأنه هو نفسه كان آنذاك عضواً مبتدئاً في المافيا من بلدة صقلّيّة صغيرة تُدعى كورليون، التي أصبحت بالطبع شهيرةً في ما بعد لأنها كانت البلدة التي جاء منها " العرَّاب " في رواية ماريو بوزو المعروفة بهذا العنوان. و كان موريلو قد انضم إلى المافيا هناك في ثمانينيات القرن التاسع عشر (1880s) مع زوج أمه. و هكذا فإن لدى موريلو خبرة، و كانت لديه معرفة بكيفية إحداث جَلَبة، و كيفية تدبير خطط حماية و كان لديه بالطبع عدد كبير تماماً من مواطنيه المهاجرين من تلك البلدة يستدعيهم متى شاء لتكوين عصابة قطّاع طرق. و كان قادراً على فعل ذلك بشكلٍ ناجح تماماً. كما أنه كان ذكياً إلى درجة عالية، و هو ما كان مجرمون آخرون يفتقرون إليه. * أنت ترى في الكتاب أن موريلو لم يكن منجذباً كثيراً إلى الشهرة و كذلك للسلطة. و كان يبدو أن لا مشكلة لديه في البقاء منعزلاً إذا كان ذلك يعني أن تصبح العائلة ناجحة. ** أجل، ذلك مهم حقاً. إن سقوط المافيا على مدى العقود القليلة الماضية يتصادف بالضبط تقريباً مع بداية رؤية هؤلاء لأنفسهم كمشاهير غريبين و استطابتهم الشهرة و سوء السمعة و القوة.و لم يكن موريلو من هذا النوع أبداً. لم يكن يعيش حياةً في العلن. و تاريخ الجريمة المنظمة يعلّمك أنه حالما تُصبح هدفاً لأضواء الشهرة سرعان ما يحل بك الشؤم. و يمكن للحكومة أن تتحمل الجريمة المنظمة إلى حد معيَّن في المناطق المحلية. و أنت ترى هذا في عربدات المقامرة و خلال فترة المنع، الكحول، و هي أمور يحتملها المجتمع و لو أنها غير قانونية فنّياً. و ما إن تتجاوز ذلك و يكون لديك أشخاص يرغمون الحكومة صراحةً على الاعتراف بهم كمجرمين، فإن الحكومة عندئذٍ تكون ملزمة بالقيام بعملٍ ما. و كان ذلك في الواقع سقوط المافيا الحديثة في الولايات المتحدة، و في صقلية إلى حدٍ أقل. * تقول في الكتاب إن المافيا كانت تفترس إيطاليين آخرين في مناطق مثل هارلم الإيطالية و إيطاليا الصغيرة في مدينة نيو يورك. فإذا كانت تفعل ذلك و تستغلهم، لما كانت المافيا محترمة هكذا و لماذا صارت الثقافة الشعبية الأميركية تعاملهم كأبطال؟ ** إني أجد في ذلك ما يصرف الانتباه تماماً. فبوجهٍ خاص كنتيجة لأفلام " العرّاب "، أصبح شائعاً النظر إلى المافيا و كأنها تحمي التجمعات الإيطالية و المهاجرين الإيطاليين. و أعتقد بأن عدداً من الأجيال الإجرامية اللاحقة صارت تصدّق ذلك أنفسها. لكن الحقيقة ال
الجريمــة المنظّمــة من "البطولـــــة" إلـــــى الانحـــــدار
نشر في: 24 نوفمبر, 2009: 02:23 م