اكثر ما يزعج الآباء هو المقارنة بين الأبناء وامتداح الجيد منهم لاستفزاز المقصر عسى ان تقوده المقارنة الى الانتفاض على نفسه وممارسة السلوك الجيد الذي يرضي أبويه ..وفي المحصلة النهائية يدرك الأبناء ان المقارنة التي يمارسها الآباء لا تعني كرههم او تفضيلهم لأحد دون الآخر بل رغبتهم في تغييرهم نحو الأفضل ..
في الأيام الأخيرة ، تشغل المقارنة بين الانتخابات العراقية والمصرية صفحات التواصل الاجتماعي فيمتدح العراقيون هيئة الانتخابات المصرية في إجراء الانتخابات وتحصيل النتائج وسرعة إعلانها وينتقدون أسلوب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في الاستعداد للانتخابات والإشراف عليها ثم إجراءات العد والفرز وبطء إعلان النتائج ..هذا لا يعني بالضرورة تفضيل مصر على العراق فهما شقيقان لكن المقارنة لابد وان تستفز شيئا من ( نخوة ) و(ضمير ) المؤسسة المشرفة على إجراء الانتخابات عسى ان تتلافى تقصيرها في المرات المقبلة ..
ما يؤخر الأعمال في العراق ويفسدها هو تغلغل البيروقراطية في مؤسسات الدولة وغياب النزاهة الى درجة ان مفوضية الانتخابات أنفقت مليارات الدولارات على إقامة دورات لتدريب وأعداد جيش من الموظفين والمراقبين على صناديق الاقتراع وأنفقت ملايين أخرى تحت أبواب وهمية وكانت المحصلة ان الإعلان عن نتائج الانتخابات تم بعد أسابيع وبعد ان كثر اللغط حولها ..المصريون لم يدربوا احدا وتولى بعض القضاة والمحامون والمدرسون مهمة مراقبة الانتخابات لقاء أجور زهيدة وكانت المحصلة إعلان النتائج لثلاثة وخمسين مليون ناخب بعد ساعات من انتهاء مرحلة الاقتراع ..
نحن لا نحبذ المقارنة ولا نريدها لكن أداء المفوضية البيروقراطي يدعونا لانتقادها فضلا عن الشك بنزاهتها وأساليبها في التعامل مع المرشحين في بعض المناطق ..مفوضيتنا مثلا أنفقت المليارات بينما أنفقت هيئتهم مئة مليون جنيه فقط أي ما يعادل 25 مليون دينار عراقي !!
ولا يقتصر ذلك على مفوضية الانتخابات فما يوجد في العراق من كم بيروقراطي هائل يفوق بكثير نسبة الديمقراطية فيه وهذه مقارنة اخرى تفرض نفسها فمن يريد الحصول على توقيع مدير في احدى الدوائر الخدمية للحصول على حقوقه لابد وان ينتظر أياما او أسابيع ، اما من يريد التصويت بحرية وديمقراطية للحصول على حقه في العيش الرغيد فقد ينتظر العمر كله ..
بقي ان نذكر ان المقارنة ربما تصب في صالح المقصر لينتفض على نفسه وينشد التغيير فهل سيحل اليوم الذي تنتفض فيه مؤسساتنا السياسية والخدمية والإدارية على تقصيرها وتخدم المواطن بدلا من استنزاف ميزانية الدولة فقط وهل سيتغير مصير العراقيين بعد ان اشتدت المنافسة بين المرشحين والكتل للوصول الى المناصب ... أم ان التغيير سيكون فقط في وجوه الذين سيشغلون تلك المناصب ؟..
نحن والمصريون
[post-views]
نشر في: 30 مايو, 2014: 09:01 م