أكد خبراء اقتصاديون أن نجاح تجربة المجلس الأعلى للإعمار يتوقف على إبعادها عن التجاذبات السياسية التي تمر بها البلاد مؤخراً.وقال الأكاديمي بجامعة بغداد فلاح الربيعي لـ (المدى ) :ان نجاح تجربة المجلس الأعلى للاعمار تعتمد على إبعادها عن الخلافات والتجاذبات السياسية ، وان يترأسه احد نواب رئيس الوزراء مع تخويله الصلاحيات المطلوبة للنجاح في عمله، وتقديم الكتل السياسية كل الدعم له ومعاضدته من اجل تحقيق النهوض بواقع الإعمار وتأهيل البنى التحتية الذي لايزال قانونها يثير جدلا في اروقة مجلس النواب وسط نقاشات حادة بين اعضائه من اجل اقراره بشكل نهائي.واضاف :ان نجاح مجلس الاعمار في الخمسينات من القرن الماضي من الممكن الاستفادة منه حاليا في هذا الجانب من خلال اعادة تفعيل العمل به من جديد ، وعن طريق فتح الابواب امام الكفاءات والكوادر الرصينة للعمل ضمن هذه المنظومة الجديدة من اجل تحقيق النجاحات المنشودة.
ومن الجدير بالذكر ان مجلس الاعمار كان معمولا به في الحقبة الملكية ،اذ كان يعرف بهذا التسمية بعد تأسيسه في سنة 1950 تحديدا على اثر الزيادات في واردات النفط العراقي آنذاك بعد ان كانت مدينة بغداد في وقتها مهددة لأكثر من مرة وبين فترة واخرى بالفيضانات التي تسببت بإغراق مناطق من العاصمة لتتسبب بكوارث وخسائر جسيمة في الارواح والاموال.
تحقيق التنمية المستدامة
فيما قال الخبير الاقتصادي زهير الحسني ان مشروع قانون المجلس الاعلى للاعمار يهدف الى جملة من الاهداف المهمة ومنها تحقيق التنمية المستدامة في البلاد ، وتوفير البيئة القانونية لاعادة بناء العراق ، وذلك من خلال تسهيل الاجراءات القانونية والمالية لانجاز المشاريع الاقتصادية الاستراتيجية والترويج لها وتخصيص الاراضي المطلوبة لتنفيذها سواء ببدل او من دونه ،فضلا عن تشجيع المستثمرين والمقاولين العراقيين والاجانب لتنفيذ تلك المشاريع .
وقال الحسني في حديث لــ ( المدى) ان المجلس الاعلى للاعمار بموجب هذا القانون المقترح يتولى مهام الادارة والاشراف على رسم السياسة العامة لانشاء وتنفيذ المشاريع الاستراتيجية التنموية بمختلف القطاعات فيها كالصناعة والزراعة والخدمات والبنى التحتية التي يتم تمويلها من الموازنة المالية العامة للدولة او بطريقة الدفع الاجل اوعبر الاستثمار على وفق دراسة الجدوى المعدة بهذا الخصوص ،وكذلك من خلال الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة .
واضاف الحسني ان المجلس يتمتع ايضا بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والاداري وكذلك التصرف القانوني بما في ذلك العقود الخاصة بالمشاريع المذكورة سابقاً ، ويرأس المجلس رئيس الوزراء ويليه نائبه رئيس اللجنة الاقتصادية لمجلس الوزراء الذي يحل محله عند في حال غيابه ، وعضوية كل من وزراء التخطيط والتعاون الانمائي والمالية والصناعة والمعادن والتجارة والاتصالات والاعمار والاسكان والزراعة والبلديات والاشغال العامة ورئيس الهيئة الوطنية للاستثمار وامين بغداد .
ملامح القانون المقترح
وكشف ان للمجلس امينا عاما يتولى مهام الشؤون الادارية والفنية للمجلس وبمساعدة عدد من الفنيين والاداريين الذين من المهم تواجدهم لتنفيذ مقررات المجلس والقيام باعمال المتابعة لنشاطاته المستمرة ، علما ان المجلس يقوم بعدة مهام منها رسم السياسة العامة للاعمار في البلاد ووضع الخطط التنفيذية بشكل مفصل والعمل على إنجاحها بشكل متكامل ، وكذلك تحديد المشاريع الاستراتيجية بناء على مقترحات الوزارات والجهات الحكومية الاخرى على وفق مقتضيات الخطة التنموية الخمسية ، وتحديد الاجراءات المطلوبة لتنفيذ تلك المشاريع وتمويلها عبر الموازنة العامة وطريقة الدفع بالآجل او من خلال الاستثمار، وكذلك من خلال القيام بالمناقصات العلنية او التنفيذ المباشر من قبل الوزارات والجهات الحكومية الاخرى والشركات المحلية والأجنبية.
وأوضح ان هناك مهام أخرى هي القيام بإبرام العقود لتنفيذ المشاريع من قبل المجلس او المصادقة على العقود التي توقعها الجهات المعنية في الوزارات والجهات الحكومية الاخرى على ان لا تقل عن 250 مليون دولار ، ويستعين المجلس المذكور بالحكومة واذرعها التنفيذية والشركات والمكاتب الاستشارية المحلية والاجنبية لاعداد دراسات جدوى المشاريع وادائها من قبل ادارات تلك المشاريع .والمح الحسني الى ان المادة الخامسة من القانون المقترح تتضمن اعفاء المشاريع والمقاولين والمستثمرين وشركات الدفع الآجل من جميع الضرائب والرسوم بما فيها الجمركية ، وكذلك تعفى المواد المطلوبة لتنفيذ تلك المشاريع من اجازات الاستيرادات وقيود الكميات المعنية التي تضعها وزارة التجارة، كما لا تسري أحكام قانون بيع وإيجار عقارات الدولة بالرقم 32 لسنة 1986 على الأراضي المخصصة لتلك المشاريع ، كما لا تسري أحكام قانون 25 لأراضي الإصلاح الزراعي لسنة 1983 على ذات الاراضي التي تخصص لتلك المشاريع ، ولا تسري كذلك تعليمات وزارة التخطيط والتعاون الانمائي بالرقم 1 لسنة 2008 على سير تنفيذ هذه المشاريع.
واشار الى ان المشاريع التي يحددها المجلس يتم تمويلها من الموازنة المالية العامة والدفع بالآجل والاستثمار الذي يقوم به القطاع الخاص سواء كان المحلي او الاجنبي ، وفائض ودائع مصارف الرافدين والرشيد والعراقي للتجارة ورؤوس اموال الهيئة العامة للإسكان وصندوق الاسكان ورؤوس اموال الشركات العامة التابعة لوزارة الصناعة والمعادن والاعمار والاسكان والزراعة والموارد المائية والنقل.
ولفت الى ان المجلس الاعلى للاعمار يتكون من عدد من الدوائر هي دوائر التخطيط ورسم السياسات الاعمارية والتنموية ودائرة دراسة الجدوى ودائرة الاشراف والرقابة على تنفيذ المشاريع ودائرة المهندسين المقيمين والدائرة الفنية ودائرة ادارة الجودة والدائرة الادارية والمالية والدائرة القانونية ودائرة المستشارين في مجلس الوزراء.
دعوات لإبعاد قانون مجلس الإعمار عن الخلافات السياسية
نشر في: 20 أكتوبر, 2012: 06:02 م