وانا اطالع صفحات ملحق (منارات) لجريدة المدى عن الكاتب الكوميدي الشهير (مولير) راودني السؤال الذي تكرر في السنوات الاخيرة الا وهو: لماذا ابتعد المسرحيون العراقيون عن تناول روائع المسرح العالمي لكتاب عظام امثال شكسبير و مولير وجيكوف بعد ان وجدوا في كتاباتهم ملاذهم الفكري والفني خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي؟ ويبرز سؤال جديد: اليس من المناسب هذه الايام ان نتناول مسرحيات مولير ونعرضها للجمهور كأن تخرج (طرطوف) التي تنعرض لشخصية تتبرقع بلبوس الدين من اجل تحقيق مآربها الخسيسة وترضي نزواتها الرخصية؟ لماذا لانقدم مسرحية (الثري النبيل) ذلك الجاهل الذي يدعي العلم والثقافة والمعرفة والسلوك الحسن ويبذل المال من اجل تحسين صورته القبيحة؟ لماذا لانقدم (عدد الشعب) لهنريك ابن النرويجي وفيها ينتصر ضمير المسؤول على طمع السلطة؟ لماذا لا نقدم (يوليوس ينتصر) لشكسبير حيث الصراع من اجل الوصول الى السلطة بواسطة العنف؟ وهنا نتذكر اصرار (صلاح القصب) بشأن اخراجه لمسرحيته الشهيرة (ريتشارد الثالث) والتي مر على اعلانه عنها اكثر من اربع سنوات ولم يترك بابا الا وطرقه من اجل الحصول على ميزانية كلفة انتاجها من غير مجيب.
دون تردد أجيب عن تلك الاسئلة بفقرتين: اولهما: ان المسرحيين العراقيين الجدد يعتقدون ان الرجوع الى الماضي العريق نوع من الرجعية وعدم التجديد، وثانيهما: انهم يبحثون عن السهل من النصوص المسرحية التي يكتبها مبتدئون او هواة من اصدقائهم او معارفهم ويجدون صعوبة في اخراج مسرحيات عظيمة لكتاب عظام مما ذكرنا وغيرهم.
نعم كان المخرجون العراقيون في السابق يعتقدون ان النص الدرامي المترجم هو الذي يحقق طموحاتهم الفنية ويظهر قدرتهم وبراعتهم الاخراجية، وان النص المؤلف محلياً يفتقر الى الرصانة في الشكل والمضمون بيد أن الحال تغير عندما ظهر مؤلفون عراقيون مقتدرون امثال (يوسف العاني) و( عادل كاظم) و (نور الدين فارس) و (محي الدين زنكنة) و ( جليل القيسي) ومع ذلك فقد تنكر المخرجون الجدد لكتابات اول المبتكرين متناسين ان للمسرح العراقي تراثاً زاخراً بالابداع، وننطلق من هنا لنستعرض فقط انتاج المسرح العراقي لمسرحيات مولير وشكسبير منذ النشأة الاولى بداية القرن العشرين.
عام 1913 قدم الجوق التمثيلي لعبدالقادر افندي في مدينة الموصل مسرحية شكسبير (روميو و جوليت) (ويذكر ان مسرحية جديدة اعدها واخرجها مناضل داود عن نفس المسرحية بعنوان روميو و جوليت في بغداد قدمت في المسرح الوطني في بغداد و في (ستانفورد) موطن شكسبير وفي لندن عام 2013). وفي عام 1924 قدمت الجمعية الادبية اليهودية مسرحية شكسبير (تاجر البندقية) في بغداد. وفي العام نفسه قدمت الجمعية مسرحية موليير (الفيلسوف) قام بترجمتها (ابراهيم سامي) وفي دار سينما رويال وحضرها الملك فيصل الاول (علماً ان المسرحيات في ذلك الزمن تقدم في دور السينما حيث لم تكن هناك دور مسارح). وفي عام 1926 قدمت مدرسة التفيض الاهلية في بغداد مسرحية بعنوان (في سبيل الشعب) معدة عن مسرحية شكسبير (يوليوس قيصر). وفي عام 1933 قدمت فرقة حقي الشبلي مسرحية شكسبير (هاملت).
وفي عام 1943 قدم طلبة معهد الفنون الجميلة مسرحية (الثري النبيل) لموليير واخرجها الراحل (حقي الشبلي) وبالاسلوب التقليدي الموليري لاسيما وان (الشبلي) كان فد شاهد عدداً من مسرحيات موليير تعرض على مسارح باريس وخصوصاً (كوميدي فرانسيز). وفي مدينة الديوانية قام مدرس اللغة العربية (شاكرالحبوبي) باخراج مسرحية مولير (البخيل) عام 1945 وشاركت انا بتمثيل دور والد الشاب كليانت.
في موسم 1953-1954 بذل الاستاذ الشبلي جهداً كبيراً في اخراجه لمسرحية شكسبير (يوليوس قيصر) لطلبة معهد الفنون الجميلة وعهد للطالب (خليل شوقي) تمثيل دور (قيصر) وللطالب (بدري حسون فريد) بدور (بروتس) وللطالب (حميد مجيد) دوس (انطونيوس) وعهد الي تمثيل دور (ديسشيوس). وحاول (الشبلي) ان يتلزم بالدقة التاريخية في المنظر واللبس وان يلتزم بحرفية النص الشكسبيري الا انه اضاف مشهداً في اخر المسرحية يتم فيه تتويج (اوكتافيوس) قيصراً لروما وتزامنت تلك الاضافة مع الاحتفال بتتويج الملك فيصل الثاني ملكاً على العراق.
المسرح العراقي يتنكر لروائع المسرح العالمي
[post-views]
نشر في: 2 يونيو, 2014: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...