لا أظن أن أحداً من سكان العاصمة سيعترض على أو يتحفظ عن تشريع القانون الذي يقترحه مجلس محافظة بغداد، بل أتوقع أن يطالب سكان المدن في المحافظات الأخرى بتوسيع نطاق تنفيذ القانون ليشمل مدن البلاد كلها.
مشروع القانون يهدف إلى فرض تقاليد حسن الجوار بين السكان، وهي تقاليد عصفت بها ممارسات الدكتاتورية وحروبها وتسانومي النزوح من الارياف، فضلاً عن الغياب التام لسلطة القانون، وسلطة الدولة كلها، خلال الإحدى عشرة سنة الأخيرة.
ستُفرض على مخالفي القانون المُقترح غرامات مالية تتراوح بين 125 الف دينار ومليون دينار، أو عقوبات بالحبس مدة تصل الى شهر كامل. والمخالفات تشمل ازعاج الجيران بالضوضاء كاستعمال مكبرات الصوت وأدوات الحفر ذات الضجيج العالي في أوقات متأخرة من الليل أو مبكرة من الصباح، أو باغلاق الشوارع والدرابين لأغراض الأفراح أو المآتم والبناء والتهديم، والتجاوز على الطرق وأرصفتها.
من المفيد الاشارة الى ان مشروع القانون يشمل بأحكامه الضوضاء الناجمة عن مكبرات الصوت التابعة للجوامع والحسينيات ويقترح خفض أصوات هذه المكبرات، وهذا شيء مهم للغاية لأن الجوامع والحسينيات المتقاربة من بعضها كثيراً ما تتحول الى مصدر إزعاج لا يُطاق، وبخاصة في المناسبات الدينية، وما أكثرها! إذ تتداخل أصوات المؤذنين والقرّاء على نحو مزعج للغاية حقاً لا يُمكن معه حتى فهم ما يقوله المتحدث عبر مكبرات الصوت.. كما لا يضع القائمون على هذه الحسينيات والجوامع في الاعتبار وجود مدارس أو مستشفيات في الجوار، ولا أوقات الامتحانات المدرسية.
ثمة نقص كبير في مشروع القانون، فهو لا يُشير الى أكبر وأخطر مصدر للازعاج وللتأثير سلبياً على الصحة العامة والبيئة .. هذا المصدر هو الدوائر البلدية التي لا تقوم بواجبها في رفع النفايات ومخلفات البناء والسكراب من الشوارع والدرابين والساحات والاسواق، وفي تنظيف مجاري الصرف الصحي.
بغداد وسائر المدن الكبرى، وحتى الصغيرة أيضاً، في البلاد هي الآن مكبّات حقيقية للقمامة... الازبال والمخلّفات المختلفة تفرض حصاراً حقيقياً على سكان المدن، بالروائح الكريهة المنبعثة منها وبالمناظر المؤذية المتواصلة على مدار الساعة.. أمانة بغداد ومجلس محافظتها وسائر الدوائر البلدية ومجالس المحافظات مسؤولة مسؤولية مباشرة عن هذي الحال التعيسة التي نعيشها في مدننا، ويجب أن يمتد نطاق الغرامات وعقوبة السجن التي يقترحها مشروع القانون ليشمل أمين بغداد ورؤساء البلديات والمحافظين ورؤساء وأعضاء مجالس المحافظات جميعاً، بوصفهم مصدر هذا الإزعاج البالغ والمشين في دولة يدخلها من النفط وحده مئة مليار دولار سنوياً، ولا تستطيع أن تخصص ملياراً واحداً فقط لتنظيف مدنها من أزبالها.
في قانون حسن الجوار
[post-views]
نشر في: 2 يونيو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 4
عمار زيدان
مجرد طرح المشروع انجاز ! لا اتصور ان احدا سيستطيع تمريره ، بسبب الديماغوجيين المستفيدين منه وقبل ايام كانت هناك زيارة شعواء .. وانت تعلم بالباقي لكن السؤال ؟ من روج له اكيد فرحان قاسم مو؟
أبو همس الأسدي
يلمس كل من زار الجارة ايران الأسلامية ومدنها المختلفة ؟ أنه لايكاد يسمع صوت الآذان الا حينما يكون على مقربة من (أوداخل ) احدى الحسينيات أو المراقد المقدسة ؟؟في الوقت الذي تلاحظ فيه وجود الديد من الساسة وأصحاب القرار العراقي متواجدين مع عوائلهم (او بمفردهم
ابو اثير
أستاذنا الفاضل ... يجب أضافة فقرة مهمة للقانون المذكور ألا وهي وجوب رفع كافة الصور من شوارع بغداد العاصمة والمدن الأخرى التي تشمل المراجع الدينية ورجال الدين ورموز الكتل السياسية والأحزاب وصور المتوفين ولافتات الأموات التي من الوجوب عدم بقائها أكثر من اسب
ابو سجاد
كل هذه القرارات مجرد كذبة واستهلاك داخلي وتغطية على الفشل الاداري لهذه المؤسسة هي لحد الان لاتستطيع ان تلزم صاحب المولد ان يلتزم بالتسعيرة فكيف تستطيع ان تطبق تلك القرارات وهي التي تفتقر الى كوادر تتصف بالنزاهة فانها مجرد قرارات حبر على ورق ولو طبقت ستموت