تحولت باريس منذ النصف الثاني للقرن السابع عشر إلى مركز مهم للموسيقى في أوروبا، فقد تبلور أسلوب فرنسي خاص ومتميز في التأليف الموسيقي بفضل بذخ الملك لويس الرابع عشر وولعه بالموسيقى، وكذلك الرقص. كانت الحفلات الموسيقية الراقصة في فرساي محط إعجاب أوروبا.
تحولت باريس منذ النصف الثاني للقرن السابع عشر إلى مركز مهم للموسيقى في أوروبا، فقد تبلور أسلوب فرنسي خاص ومتميز في التأليف الموسيقي بفضل بذخ الملك لويس الرابع عشر وولعه بالموسيقى، وكذلك الرقص. كانت الحفلات الموسيقية الراقصة في فرساي محط إعجاب أوروبا. اجتذب البلاط جمهرة من الموسيقيين مثل جان باتيست لولي (دكتاتور الموسيقى الفرنسية في ذلك الوقت) ومارك انتوان شاربنتييه ومسيو دو سينت- كولوم وميشيل ريشار دو لا لاند وكذلك ماران ماريه (1656-1728) الذي أود الحديث عنه اليوم.
تعلم ماريه التأليف من لولي وكان يقدم أعماله، فقد عمل معه في بلاط لويس الرابع عشر كعازف على أداة الفيول (الباص) من عائلة أدوات اسمها فيولا دا غامبا (فيولا الساق، وهناك سبعة أحجام منها). وهي أداة تشبه التشلو الحالي، لكن أصغر منها، فيها سبعة أوتار ورقبة مقسمة إلى خانات لتسهيل العزف. ويعتبر ماريه، معا مع أستاذه مسيو دو سينت- كولوم، من أهم عازفي الفيول والأدوات الوترية التي يعزف عليها بالقوس في فرنسا آنئذ. ومع ذلك، لا نعرف عن حياته الكثير. وأغلب المعلومات المتوفرة عنه جاءت من كتاب لتيتون دي تيلليه (1732) يتناول جوانب الحياة الفنية لبلاط لويس الرابع عشر فيتحدث عن الشعراء والموسيقيين والراقصين والمسرحيين. وماريه من أوائل المؤلفين الموسيقيين الذين ألفوا ما يسمى بالموسيقى البرنامجية (أو لنطلق عليها اسم الموسيقى التصويرية) في التاريخ. من أعماله الشهيرة "أجراس سنت-جنفييف على تل باريس" وهو دير قديم يقع اليوم خلف مبنى البانتيون الشهير بالقرب من برج كلوفيس ومكتبة الدير المعروفة في دائرة باريس الخامسة. ويصور ماريه بالموسيقى صوت أجراس الدير والبرج باستعمال أدوات الفيولا دا غامبا والكمان بمصاحبة الهاربسيكورد. من أعماله الشهيرة الأخرى عمله "المتاهة" المكتوب لأداتي فيولا دا غامبا مع إسناد من أداة مثل الغيتار. من مؤلفاته خمس مجاميع (مجلدات) لموسيقى الفيول، ومجلد لموسيقى لثلاث أدوات، ألف كذلك أربع أوبرات.