ما لا يُدركه البعض من زملاء المهنة الصحفية الذين وقفوا ضدنا أمس الأول، يدركه كثيرون منهم بفضل مقدرة وسائل التواصل الاجتماعي على نشر وإيصال الكلمة والصورة، إذ لم تدم مقاطعة وسائل الإعلام لمؤتمر النقابة الوطنية للصحفيين العراقيين في البصرة طويلا، وما أن دخلنا بيوتنا او قبل ذلك، وعبر الهواتف الذكية تمكنا من قول ورسم صورة كل ما نريد ونعمل على تحقيقه وقبل حلول المساء صار امر النقابة على كل لسان، وفي كل لاب توب.
وللتأريخ نقول: تعففاً منا(نحن في مجلس النقابة الجديد) سنتجاهل ذكر تفاصيل أكثر، ولن نتعرض لأسماء من حرّض ومنع ووقف متأكداً ومن أثار الشغب داخل القاعة بدفع من هذا وذاك، ولن نذكر أحداً ممن ظل يرسل المسجات إلى هواتف البعض من زملائنا مهدداً متوعداً، وما إلى ذلك من الوسائل الوضيعة التي ينبغي ان يترفع عنها من يدّعي انه يمسك قلماً ويقول بأنه صحفي، ذلك لأنه لم يبق للحمّالين في سوق الخضارة شيئاً، بل لم يبق لصباغي الأحذية في ام البروم خصلة. لكننا، ومع ذلك كله نربأ بأنفسنا أن ننقاد إلى مزايدات رخيصة، إلى مجالس من لا يملكون مجلساً حقيقياً، فهذه منازل ودرجات لا تليق بنا .ولا نقول أكثر من (سامحهم الله) وسيندمون على ما فعلوا معنا ذات يوم، لأن المظلات التي يحتمون بها ستُسقطها الريح القادمة لا محالة .
وبعيداً عن قيام نقابة الصحفيين بمنع وسائل الإعلام عن تغطية وقائع المؤتمر الانتخابي لأننا سنحمل الأمر هذا محامل تتعلق بأرزاق البعض منهم، سنتحدث عن كبار المسؤولين في الحكومة المحلية من الذين قدّمنا لهم الدعوات ولم يحضروا، ماذا جرى لكم أنتم، أ تخشون شيئاً؟ ما منعكم من أن تحضروا حفلنا؟ أتخافون؟ يا للخسارة لكننا وبعين فاحصة حصيفة تستغوّر عميقاً نجد أن ما حدث ويحدث لا يختلف عن ما يحدث من نكوص وتراجع قيمي في عموم البلاد، إذ لا ينفصل سوء إدارة قضية الأمن وإدارة الاقتصاد والصحة والتعليم ومفاصل الدولة العراقية الأخرى برمتها عن موقف هؤلاء (سياسيين وصحفيين) بعد أن جرى ربط عجلة العمل المهني (الصحفي) بعجلة من يملك المال والقرار والبنادق.
ما كانت النقابة الوطنية للصحفيين العراقيين لتنبثق لولا أنها وجدت المسار العام للعمل الصحفي وقد انحرف تجاه هيمنة الحكومة عليه، وأن العمل جار على إخضاع الحرية لشروط المؤسسة الحاكمة، التي ربطت مصائر العاملين في الصحافة بمصيرها، لا بل أذعنتها لإرادة شخصية واحدة، في وقت لم يعد فيه أحد، أي أحد قادراً على تطويع الجميع وتكبيل الحريات، وقد أطاحت المتغيرات السياسية والتحولات المحلية والعالمية بالقيود. لكن البعض ومع الأسف ما زال يجد ضالته في القيد الحقير هذا، ولا يجد صيرورةً له خارج الوعاء الذي اختارته السلطة له، فهو هلامي لا يتشكل إلا بوعاء غيره، ولا حياة له خارج أسوار الزريبة التي بنتها إرادة الآخرين لتقييد إرادته، وقد راح ينسلخ عنها بفعل الطرق والسحل والمهانة.
ولمن لا يعلم شيئاً عن القواعد التي انبنى عليها العمل في الصحافة اليوم نقول : إن الساحة تتسع لكل ذي مقدرة، وهي فسيحة متاحة للجميع فلا إقصاء ولا تهميش أو تقليلاً من شان لأحد. لم يأت فرع النقابة الوطنية للصحفيين العراقيين في البصرة من فراغ، هنالك جملة أسباب دعت القائمين على تأسيسه للمبادرة، كان الأجمل من ذلك وضع أيديهم بأيدينا والتفكير بآلية عمل نستخلص من خلالها مقدرتنا على الوقوف بحزم في وجه التحديات والمشاكل التي يتعرض الصحفيون لها، ولو كنا في وضع افضل مما نحن فيه لما تجرأ شرطي على المساس بكرامة مثقف صحفي واحد.
من واجبنا كصحفيين تقديم الصورة المثالية التي يجب أن يكون عليها الصحفي، ومن واجبنا أيضاً إفهام السياسي والمواطن العادي بان منزلة الصحافة في العالم الحر لا تعلوها منزلة، وهي مهنة يترفع أصحابُها عن كل ما تصبو أعين الناس له من صغائر لأنها بتعبير العبقري محمد حسنين هيكل (لغة وثقافة ورسالة) . نتساءل ما الرسالة التي يوجهها للناس من يهدد شركاءه في المهنة بحجب إكرامية السلطان السنوية وسحب قطعة الأرض ويبتزهم في أرزاقهم ؟
النقابة الوطنية للصحفيين في البصرة
[post-views]
نشر في: 7 يونيو, 2014: 09:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 1
كاظم الأسدي
تهنئة خالصة وجهود مباركة لكل المخلصين من الصحفيين الوطنيين ..وهل تعلم النقابة الحالية بوجود أكثر من نقابة للمعلمين ومثلها للمهندسين ؟ أما في الدول المتقدمة فللعامل الحق في اختيار النقابة التي ينتمي اليها؟ لكن الفرق الأساسي بين تلك النقابات ونقابة الصحفيين