واحدة من عوامل تطور ورقيّ المؤسسات الرياضية في العالم وتخطيها مراحل متقدمة في منظومة القيادة النموذجية الفاعلة والسائرة على نهج الاحتراف لمجمل المشهد الخططي والستراتيجي في رياضة البلد إن القائمين على مشروعها التنموي البشري هي اعتمادها على قادة مؤهلين شجاعة وثقافة وحكمة لمسك إدارة أي كيان ذي علاقة بصناعة الانجاز أو صقل الموهوبين أو متابعة الشؤون الإدارية والفنية المكمّلة لنجاح المشروع ، متسلحين بشهاداتهم لارتقاء مراتب عليا في مسيرة الكفاح ضد مجاهيل علم الإدارة ، ولن يتسنموا مناصبهم بـ(جرة قلم) حبيب أو قريب أو نسيب ، بل ملأ عرق جهودهم جراراً من العطاء لأكثر من 20 عاماً في الأقل ليقفوا بعدها على أقدامهم ويقولوا "ها نحن قادة الرياضة ولن نكلّ من طلب العلم".
هكذا تبنى المؤسسات الرياضية في الدول الواعية لدور قادتها ومسؤولية انتقائهم وفق توصيفات دقيقة وخيارات معقدة لتكون قراراتها بمنتهى الدقة ، ولا تسمح لمحدودي العلمية أن يلجوا مشاريعهم النخبوية لأنها تعرف أن هؤلاء يتطلعون لشراء الوجاهة والتلذذ بنِعَم السفر وكسب المزيد من المغانم التي تتقدم أجندة أعمالهم، فيما يبقى الإصلاح آخر أهدافهم التي يعجزون عن تنفيذها لافتقادهم أصلاً القدرة على إصلاح أنفسهم أولاً.
ولمناسبة اختتام دورة إعداد القيادات العاملة في المجالات الرياضية في العاصمة اللبنانية بيروت ، يبقى السؤال ملحاً في وجوه المعنيين بتنظيمها بالتنسيق مع الأشقاء في الاتحادين العربي واللبناني لإعداد القادة: ما الأسس والمعايير التي استند عليها الاتحاد في تشكيل هيكله وقوانينه ولوائحه وبرامجه ليأخذ طابع التمثيل العربي بشخوص الرئيس والأعضاء؟! فلم تزل هناك مساحة ضبابية تحجب رؤيتنا للأدوات المحركة للاتحاد التي بدأت تمتد ضمن المساحة العربية اليوم وربما نحو أوروبا غداً وبقية المنظمات الدولية ذات العلاقة بإعداد قادة الرياضة تحت يافطة (الوحدة العربية والتضامن العالمي).
هل وضع اتحاد إعداد القادة شروطاً علمية ملزمة بتوافر الخبرة والممارسة والشهادة قبيل تشكيل وفد قوامه 50 عضواً في دورة بيروت أنفقت عليهم ملايين الدنانير من ميزانية وزارة الشباب والرياضة في ظل ظروف مالية معروفة تعيشها البلاد بسبب عدم إطلاق ميزانية الدولة لعام 2014 حتى الآن؟
ما تم استعراضه في الدورة من معلومات قيّمة "كما جاء في تقرير المنسق الإعلامي" بشأن ستراتيجيات الإدارة الرياضية واقتصادياتها ومشاريع التسويق والاستثمار وكيفية التعامل مع الأزمة وإعداد دراسات التنبؤ بها، يتطلب أرضية مناسبة ترتفع عليها قامات إدارية كفوءة باستطاعتها هضم تلك المفاهيم ومجربة في مواضع سابقة مستعدة لتحديث أفكارها بما يستجد في هكذا دورات وجدت لتأهيل قادة حقيقيين يغيرون واقع رياضتهم وليسوا هواة للسياحة لم يعرف بعضهم كيفية استثمار (كشك) لبيع الفلافل كي يوفر لناديه 100 ألف دينار بدلاً من كسله بانتظار قطارة المنحة لمداواة (إنفلونزا) الإفلاس !
ولن نكتفي بطرح الأسئلة ذات العلاقة بتكوين الوفد ومؤهلات المنضوين لحملة إعداد القادة الرياضيين ، بل نطالب معرفة أسباب اختيار لبنان لـ(محو الأمية الإدارية) بذريعة الاستفادة من الملاكات العاملة في وزارة الشباب والرياضة والاتحادات والأندية اللبنانية في حين يكتنز العراق عقولاً كالدُرر في 38 جامعة و18 كلية للتربية الرياضية من خيرة العلماء في مختلف التخصصات لا يدخرون جهداً لتعليم طلاب "الإدارة الرياضية" من العاملين في اتحاداتنا وأنديتنا لاسيما إن تلك الجامعات خرّجت كبار القادة الرياضيين أمثال د.باسل عبد المهدي ود.عبد القادر زينل ومؤيد البدري الذي يكفيه فخراً أنه أول قيادي عراقي في كرة القدم يقتحم تنفيذي (فيفا) عن آسيا عام 1978 ويفوز بعضويته بعد جهد ودراسة وإخلاص لخدمة مناصب محلية وعربية وآسيوية ودولية حتى هجر الوطن في 24 آب 1994 لأسباب خاصة ، هؤلاء وغيرهم كُثر تحملوا التحديات ما لا تطاق خلال محطات عمرهم الحافلة بالانجازات الأكاديمية برغم القلق والمحن وتناوب الإخفاق والنجاح حتى صاروا قادة رياضيين بعد 20 عاماً من السير على جمر الصبر وليس 20 يوماً على درب الروشة !
كشك القائـد
[post-views]
نشر في: 8 يونيو, 2014: 09:01 م