نعم إنه كما الفتنة. في المحصلة، تقود الى القتل. والغباء كذلك قد يفعل. انه عكس الذكاء. ومن بين صفات الأخير سرعة الاستجابة. الذكي سريع التفكير والغبي لا يستجيب إلا بعد ان تطيح الفأس بالرأس وتخرب البصرة.
العراق، بفضل تحكم ذهنية الغباء بمصائره، تسارع فيه القتل. في الأيام السبعة الاولى من هذا الشهر، وحدها، سجل عداّد قتلانا 465 قتيلا بمعدل 65 في اليوم. رقم قياسي. القاتل يركض نحو الناس ليحصد ارواحهم،وحاميها مثل الذي "كتلوا ربعه وهوّه يتحزم".
السرعة في التحرك والنقل وايصال المعلومة واستباق الخصم، وحتى في حسم نتائج الانتخابات وتشكيل الحكومة، ذكاء. عكس ذلك غباء. وهذا ما يتمناه الإرهاب ويرقص له بمنديل. تنبه المصريون لآفة غباء الحاكم فنادى بعض من مثقفيهم "ان الدكتاتور الغبي أخطر من الدكتاتور الدموي". ولأنه كذلك ازاحوه خلال 48 ساعة. وهاهم قد انهوا عملية انتخاب البديل في غضون أسبوعين. اما نحن، فكما قال شاعرنا:
كطعت النملة جزيرة وما تحرك شبر تمثال الرصافي!
المفوضية، التي تسيرها قوانين وإجراءات همها تعطيل حسم النتائج لغاية غير مخفية، حائرة بإنقاذ خالد العطية وسعدون الدليمي لزيادة مقاعد الحجي. أما ان تحترق بغداد وسامراء والرمادي والموصل والحلة، فهذه لا تساوي عندهم شروى نقير أمام مهمة تصعيد العطية.
عن طامة الغباء قال الإمام علي باننا قوم "لا ننتفع بما علمنا، ولا نسأل عما جهلنا، ولا نتخوف قارعة حتى تحل بنا". وهم هؤلاء الذين يتحكمون اليوم بحياة الناس.
خرج المتظاهرون بالأنبار بمطالب. ولو كان الحاكم قد تعلم وانتفع بما حدث لزين العابدين ومبارك والقذافي، ومن قبلهم صدام، لما قمعهم. ولأنه لا يسأل عما يجهله كان في ردة فعله ابرد من مقعد السقّا. لجان وترهات وشتائم ولا مبالاة وكأن الذي يحدث في الصومال وليس في قلب العراق.
كتبنا، في آنها، انه حتى طفل الروضة يعرف أن هذا البرود واللامبالاة، وهذه العنجهية والعزف المقرف على وتر الطائفية سيأتي بقارعة لا يعلم إلا الرب كيف ستنتهي.
المتظاهرون طالبوا بعفو عام واستثنوا، بأنفسهم، الملطخة أيديهم بالدماء. ناشدوا ان يكون لهم دور في القرار السياسي وان تخصص الحكومة من مال النفط ما ينهض بواقع مدنهم. شيء واحد لم يفعلوه وهو انهم لم يرفعوا صور الحاكم الواحد الأحد ولم يهتفوا باسمه. ولأنهم لم يفعلوها صاروا بعينه "فقاعة" لا يستحقون غير التفريق بالرصاص.
الآن يريد المسؤول الأول عن حماية أرواح الناس ان يتحرك. بس بعديش؟ بعد ان فاحت روائح الحرب الأهلية، وسال الدم انهارا، واشتعلت الحرائق، وانهجمت بيوت الناس، وتشردت العوائل، وسبيت النساء وتشرد الأطفال. هذا طبعا لا يشمل بيته ونساءه واطفاله المحصنين.
بنفسه اليوم، وبعد فوات الأوان، يتوسل الحوار مع اهل الأنبار ويرصد المليارات تلو المليارات لتعميرها. وهو لا غيره ينادي بـ "الانفتاح على الجميع وعدم استثناء احد" وانه "سيسقط الحق العام عن كل الذين أخطأوا". من خوله ولاية الحق العام بعد ولاية الدم؟ صار يجالس حتى من كان يعلّم القتلة صناعة العبوات الناسفة. ويقدم التعازي لمن نادى بان "لا سلمية بعد اليوم" وقيل، والعهدة على من قال، ان المغدور قتل جنودا بيده. سأقف عند هذه في عمود لاحق.
الغباء أشدّ من القتل
[post-views]
نشر في: 9 يونيو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
بغداد
الغباء استفحل ليس بالشعب العراقي وحده بل عصف بالأمة العربية جمعاء وهذا ما جنته براقش على نفسها . الرجاء أفضحوا قوانين الصهيوني المنافق السفاح بول بريمر ( اربعة ارهاب)ومشروع فرق الموت التي اشرف عليها قائد السفاحين المسؤول عن تدريب جميع فرق الموت على أرض ال