TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > وطن بالإيجار

وطن بالإيجار

نشر في: 9 يونيو, 2014: 09:01 م

 

قبل سنوات ،أطل طفل في احتفالية حضرها اعضاء مجلس الحكم ليلقي عليهم قصيدة عن طفل اسمه (علاوي) يدخل الى المدرسة ويتعلم اول درس له (دار دور) فيسأل والده عن معنى الدار ليقول له الوالد انه الوطن فيعود ليساله بفضول الاطفال الطبيعي ان كانت الحجرة التي تسكنها عائلته وطنه فيقول له الوالد انها وطن ايضا لكنه (وطن بالايجار).. ويسترسل الطفل في وصف متاعب الشعب العراقي ومعاناته مبرراسبب عدم ثورته على الطاغية فيغرق اعضاء مجلس الحكم في الضحك ويصفقون بحرارة للباقة الطفل وقدرته على الالقاء فيبتسم من تابع الاحتفالية من الشعب العراقي لابتسامات المسؤولين الجدد لتوقعه الخيروالتغيير منهم ماداموا قد جاءوا الى العراق من اجل ذلك بعد ان فشل العراقيون في ازاحة الطاغية عن مقعد الحكم لانشغالهم باحصاء شهدائهم المتساقطين في حروبه ثم تسابقهم للحصول على (قوطية حليب اطفال) او (دواء مفقود) لمريض يموت غالبا قبل ان يتوفر الدواء في فترةالحصار الاقتصادي ..
في تلك الفترة ، تسلح العراقيون بأمل جديد ليقاوموا به متاعبهم وصارت الوجوه السياسية التي شكلت مجلس الحكم ثم الجمعية الوطنية عملة جديدة مغرية دغدغت آمالهم بطرد العملة القديمة الفاسدة واصبح لبعضهم معجبين ومؤيدين توقعوا منهم الخير الكثير قبل ان يجربوهم ..
ولأن التجربة اكبر برهان ، ولان تلك الوجوه عشقت دور المسؤول فالتصقت بمقاعدها بغراء الطموح السياسي فقد اكتشف العراقيون مثالب وعيوب كل من وسع حدود ابتسامته وضيق افقه السياسي وكل من اطلق الوعود الدسمة بالتغييرنحو الافضل والتطوير ثم انشغل بتغيير منصبه السياسي نحو الافضل وتطوير ثروته الشخصية.. وكان لابد من تغييرهم ..
بعد تلك السنوات ، وبعد ان اكتشف العراقيون كم كانوا على خطأ حين وثقوا بمن لم يجرب معاناتهم ويشعر بها في قهقه حين يسمع قصيدة عنها، مازالوا يبحثون عن تبريرات لمن يعتبرهم سببا في بقاء الطغيان فهم منشغلون ايضا باحصاء شهدائهم المتساقطين في الانفجارات والمعارك الداخلية والبحث عن اوطان حقيقية بلا ايجار وتدبير معيشتهم في زمن الغلاء الفاحش ...لكنهم هذه المرة اسهموا في زيادة التصاق السياسيين بمقاعدهم بأسم ( الديمقراطية ) ومازال بعضهم يتامل خيرا من تلك الوجوه التي اثبتت فشلها في شفاء الجرح العراقي فهل ننتظر حتى يتحول الحكام الى طغاة ينسفون حتى الديمقراطية ليواصلوا الحكم؟...اعتقد اننا اعتدنا الانتظار واحصاء شهدائنا حتى ياتي التغيير مناي مكان آخر ..الداخل ..الخارج ..لاضير فنحن ارض للتجارب ولنيضيرنا ان نسحق سنوات جديدة من عمرنا لنجرب وجوها قديمة او جديدة لنكتشف بعد فوات الاوان ان ( التجربة اكبر برهان ) ...

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو سجاد

    تاريخ العراق الاسود يقول سنبقى ارض للتجارب الرخيصة والقذرة وسنبقى نحارب بالنيابة هذا تاريخ لايستطيع ان يغيره شعب اناني وانتهازي ومتردد ومهزوز ومتلقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram