TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حوار الأديان والتنابز الطائفي

حوار الأديان والتنابز الطائفي

نشر في: 9 يونيو, 2014: 09:01 م

قبل أن ينتهي العمل في بناء مجمع الأديان، الذي كان الرئيس المصري الراحل أنور السادات بدأه في جنوب سيناء، ليضم الديانات السماوية الإسلامية والمسيحية واليهودية، ومع انطلاق عدد من المطالبات باستكمال المشروع، من بينها طلب قدمه الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر السابق، يبدو أن عدداً من المؤمنين في برلين، يسعون لجمع حوالي 44 مليون يورو، لإنجاز مبنى فريد للصلاة يستقبل الديانات الثلاث، وهم يأملون إنجاز المشروع بحلول العام 2018، لينتصب المبنى المهيب وليكون بيتاً للصلاة والتعليم، ومن الجدير بالذكر أن هذه الفكرة تعود إلى أواخر الألفية الثانية، حين تم اكتشاف أساسات لأربع كنائس في ساحة بطرس، تعود إلى الطائفة البروتستانتية التي ارتأت إحياء المكان، ولكن ليس ببناء كنيسة جديدة، بل بناء موقع يقول شيئًا ما عن حياة الديانات اليوم في برلين.
في مدينة كبرلين لا ينتمي أكثر من نصف سكانها لأي ديانة، وينقسم البقية بين البروتستانتية والإسلام واليهودية، يبدو واضحاً أن هناك تعطشاً كبيراً للتعايش السلمي بين الديانات، حيث يتولى قس وحاخام وإمام مسؤولية بناء المكان، المُراد أن يكون مشروعاً مشتركاً بين الأديان، ليس مكاناً يبنيه المسيحيون، ثم ينضم إليه بعد ذلك يهود ومسلمون، وبما يعني قناعة الجميع بالفكرة المادية، الهادفة للتعبير عن إيمان عميق، متجذر عند أتباع الديانات السماوية الثلاث في هذه البقعة من العالم، بحق كل إنسان في التواصل مع خالقه بالطريقة التي يعتبرها الأنسب والأفضل، دون انتقاص لحق الآخرين في التعبد كما يشتهون.
انطلق المعمار المكلف بالتصميم، بعد دراسات عديدة تتعلق بالهندسة والفقه واللاهوت، وفي تحد لإرادة الجمع بين الاختلاف والفكر الشمولي، وبحيث لا يبدو الأمر وكأنه مزج للديانات، مع التشجيع على اعتراف متبادل،  وقاده ذلك إلى قرار أن يكون البناء تحت سقف واحد على أن يكون لكل ديانة مكانها للصلاة، وتفتح القاعات الثلاث على قاعة مشتركة، ليست مخصصة للصلاة، وإنما للالتقاء وتبادل الاحاديث، وفكرة هذا الشكل من البناء ليست جديدة بالكامل، بقدر ما هي تنفيذ عملي لفكرة الرئيس السادات، التي كان يرغب بتنفيذها في سيناء، غير أنها لم تنفذ حتى اليوم.
في نفس إطار الحوار التصالحي بين الأديان السماوية، وبما يخدم أهدافاً سياسيةً، يلتقي الرئيسان الفلسطيني محمود عباس، والإسرائيلي شمعون بيريز، في صلاة مشتركة بالفاتيكان مع البابا فرانسيس، من أجل السلام في الشرق الأوسط، وذلك تلبية لدعوة الحبر الأعظم خلال زيارته إلى الأراضي المقدسة لإقامة هذه الصلاة من أجل السلام، دون أن يعتبر ذلك تدخلاً في المفاوضات بين الطرفين، لكنه يظن أن من شأن لقاء الرئيسين، توفير الأجواء لاستئناف محتمل للمفاوضات، وإذا كان عباس يرى أنه من خلال هذه الصلاة "سنبعث برسالة إلى المؤمنين بالديانات الثلاث الرئيسية، وغيرهم، مفادها أن حلم السلام لا ينبغي أن يموت"، فإن بيريز أعرب عن أمله ان يساهم هذا الحدث في ترقية السلام بين الطرفين وعبر العالم باعتبار أن النداء الروحاني مهم للغاية، وله تأثير على الواقع.
وبعد، أليس غريباً أنه مع كل هذه الحوارات بين الأديان على ما بينها من اختلافات أسفرت عن حروب طاحنة، تنفجر الخلافات وتستعر الحروب بين أبناء الدين الواحد وعلى أساس حرب اندلعت قبل 1400 عام وهناك من يروج أنها مستمرة بين أتباع يزيد وشيعة علي، لكن الواضح أن الأهداف السياسية والأطماع الشخصية هي الدافع لاستدعاء الطائفية وتنصيبها حكماً على العلاقات بين أتباع المذاهب، ولو أنهم جميعاً يؤمنون بالله ونبيه ورسله.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram