TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ايعقل ان تعارض داعش؟

ايعقل ان تعارض داعش؟

نشر في: 9 يونيو, 2014: 09:01 م

نتصفح الاخبار ونقلب المصادر بحثا عن مواقف انقرة وطهران، حيث يتوقع ان يتدخلا في صوغ تحالفات الائتلاف الحكومي المقبل، واحدة مع ولاية ثالثة ربما، والاخرى ضدها، والامر يثير غضب كثير من العراقيين الذين يأملون رؤية احزابهم قادرة على ابرام تسويات داخلية تستغني عن "وسيط طيب" من هضبة الاناضول وهضبة بلاد فارس، لكن من عادتي اثناء العمل ان اضع امامي عددا من الكتب التي اجلت قراءتها، وكلما شعرت بحاجة الى تغيير النمط، فتحت احدها وقرأت بعض الفقرات. وهذه المرة رحت اقلب كتاب هاري ساغز "عظمة آشور"، فظهرت لي فقرة تتحدث عن الملك الاشوري اسرحدون، الذي قاد بلاداً واسعة في الالف الاول قبل الميلاد، منطلقا من وادي الرافدين. والمؤرخ ساغر ينهمك في الحديث عن "سياسات خبيثة" اعتمدها الملك العراقي مع شعوب ايران المجاورة، فقد كان الميديون شمالاً، والعيلاميون جنوباً، يتنافسون على حكم بلاد فارس القديمة، وظل صاحبنا يدعم الميديين مرة، ويمد العيلاميين اخرى، كي لا تتغلب واحدة من القبائل على الاخرى، فيتحد البدو الفرس ويهددون آشور.
اغلقت الكتاب وأنا اردد "يا عراقي، يوم لك ويوم عليك".
وحيث بقيت اطلال آشور شاهدة على زمان مختلف، في الموصل بالضبط، فاجأتنا الحركة العنفية "داعش" بهذه المناورة المقلقة للجميع، وبقيت طوال الايام الماضية اقول شيئاً واحداً حين تطلب مني وسائل الاعلام التعليق على الامر، وهو ان اعلان وجود قوي للمسلحين، انما يهدد تلك البراغماتية السياسية التي قام ساسة عديدون في المحافظات الساخنة بتطويرها منذ سنوات، محاولين اقناع جمهورهم في نينوى والانبار وسواها، بأن السياسة تغني عن حمل السلاح، وحتى حين حصلت الاندفاعات العاطفية في الانبار، تمكن اثيل النجيفي وفريقه السياسي، من منع سقوط خيار الاحتجاج السلمي، والعمل السياسي، لتحقيق مطالب جمهوره، غير ان داعش لا يروق لها هذا كما يبدو.
ولم تسنح لي فرصة للقاء اثيل النجيفي، كما لم اتحدث معه حتى عبر الهاتف، لكنني مثل كثيرين اتابع ما يكتبه يوميا على فيسبوك، اذ يعلن قرارا معينا، او يطلب مشورة الموصليين في حدث جسيم، ويثير اعجاب كثيرين لانه المسؤول البارز الوحيد ربما، الذي يناقش شؤون الحكم علنا، ويخوض سجالات مع متابعيه. وهو منذ اندلاع الازمة، يقول اشياء مهمة وحزينة في الوقت نفسه، ويتضح منها معنى المحنة، حين يكون رئيس الحكومة المحلية معارضا لمسلحي داعش، ومعارضا في الوقت نفسه للسياسات الامنية التي تعتمدها بغداد.
وحين كتبت هذه الملاحظة على فيسبوك، هاجمني كثيرون متهمين السيد اثيل بأنه فاسد، وضد النظام، ولست مخولاً بتبرئته ولا اتهامه، لكنني متعاطف مع النخبة السياسية في المحافظات الساخنة، الذين لم ينجحوا بعد في استكمال خيار السلم في صفقة معقولة مع بغداد، كما لم يتخلصوا من شماتة داعش التي تسخر منهم وتقول لهم انكم ساسة عاجزون هزمكم المالكي ولم يمنحكم حقوقكم!
ان اي تطور قد يؤدي لسقوط النخبة السياسية في المحافظات الساخنة، سيجعل بغداد مضطرة للتفاوض في المستقبل مع داعش نفسها، وكل خطوات المالكي لاضعاف العيساوي والنجيفي، كانت لصالح داعش.
اما اكثر ما يؤلمني مؤخرا، فهو الشباب المناصرين للمالكي، والذين يتمنون مني تأييد داعش، لكي تكتمل "شيطنتي" نهائياً. هؤلاء يصعب عليهم استيعاب اننا نعارض صدام حسين وداعش، ونحتج في الوقت ذاته على خطايا الحاج مختار العصر. وبدل ان يفتشوا في كتاباتي وتصريحاتي عن دليل يثبت انني "بعثي او داعشي" فان من الافضل لهم ان يفكروا طويلاً، في تشدد حزب الدعوة الذي جعل كثيرا من العراقيين يكفرون بحلول السياسة ويؤيدون الجماعات المسلحة، في مشهد مؤسف سندفع ثمنه طويلاً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. ابو سجاد

    من قال لك يااستاذ سرمد ان حاكم بغداد لم يتفاوض مع داعش من اجل البقاء لولاية ثالثة حتى لو اعطاهم المحافظات السنية بقيادة سنته التي بايعته

  2. بغدادي

    المدهش ان هؤلاء الذين يحاولون البحث في ماضيك وكتاباتك للتأكد من بعثيتكم او داعيشتك والذين يؤيدون الحاج مختار العصر هم الاشد اخلاصا لنهج بعثي صدامي لتحويل الحكومات الى ديكتاتوريات بغيضة وبناء انظمة شمولية مقيتة ونموذجهم الجديد الحاج مختار العصر يعتمد ومنذ

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram