كان كتاب(ألوان أخرى)لأورهان باموق-وهو كتابُ يوميات إلى حد ما، كان الصديق الشاعر علي محمود خضير قد أرسل لي نسخة إلكترونية منه- قد حرضني على النأي بنفسي عن كتابة الكثير من المقالات، فقد تركت قضية الرد على الذين ناكدونا في تأسيس فرع النقابة الوطنية للصحفيين، ومثلما كنت كارهاً الخوض في ما يجب قوله بدوت كارهاً للسياسة والخوض في قضية الأمن والانتخابات وغيرها أيضاً، بل واكثر مما يجب، إذ من غير المعقول أن يفعل عمود في صحيفة على تغيير طبيعة نفوس استمرأت الصلف والوضاعة معاً، كذلك لن تفعل كلمات يقولها شاعر مفجوع في وطنه بإصلاح الوضع المتردي في عموم البلاد، وقد دخلت الأزمة الأمنية مدنا جديدة. فها هي سامراء بعد الفلوجة والرمادي، وها هي صورة الموصل تنقلب بما ليس في الصورة التي ظلت تنتظر لحظة تفجرها طوال سنة او يزيد، هي بيد داعش الآن، اما بغداد وضواحيها التي كانت جميلة، فهي بيد الحكومة ساعة من الاسبوع وبيد داعش والقاعدة ساعات أخر وهكذا. لذا وجدت أن حديثاً خفياً أجريه مع نفسي أنجى لي من ذلك كله.
أنا خائف، مرعوب في البصرة الآن يا ناس، والبصرة مدينة شيعية في غالبية سكانها، تعيش في بحبوحة من الأمن، تبعد عن الموصل أكثر من 800 كلم، ترى هل انا والبصرة والبصريون الذين يزيد عددهم على المليوني نسمة بمنأى عن داعش والقاعدة، وقد بسط الجند التكفيريون القساة القتلة المقتدرون نفوذهم على الموصل، التي لا تبعد طويلاً عن تكريت وصلاح الدين(المحافظة)وللموصل حدود قصيرة من جهتها الجنوبية مع كركوك التي لا تبعد كثيرا عن ديالى، المدينة المضطربة التي سبق أن سيطرت داعش على جزء منها، ثم إذا أحكمت داعش سيطرتها على الموصل ما الذي يمنعها من دخول كركوك، التي لا تبعد عن بغداد طويلاً . أسأل هل أصبحت البصرة بمنأى عن داعش، وهل فكرت قيادة الجيش والشرطة بخطة لحمايتنا، وإذا فكرت جيداً ترى كم عدد البنادق التي بحوزة جنودنا وما هو عدد الدبابات والمدافع والأحاديات والرباعيات.
وما أفكر فيه اللحظة هذه لا يختلف عما يفكر به الملايين من العراقيين، في وقت أصبح فيها الخوف والرعب هاجسين يسيطران على الروح والجسد العراقييَن، بعد أن تكشفت حقيقة الحرب مع الإرهاب، ومثلي مثل أي عراقي احاول الشد من عزيمة جندنا وقواتنا الأمنية لكن محافظ الموصل يقول : قادة الجيش هربوا بالمروحيات من الخطوط الامامية ودخلوا بغداد، عن أي عزيمة أتحدث عن أي صورة للهزيمة سأروي لأولأدي وأحفادي غداً؟ من فعل بي هذا؟ من كان يقف وراء الهزيمة هذه، ولماذا آل وضعنا إلى ما نحن عليه؟ وهل كانت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة والفوز الكبير الذي حققه رئيس الوزراء منسجماً مع ما وصلنا إليه من المخاوف؟
لا يختلف إثنان على حقيقة النهاية المرعبة التي يختتم دولة السيد الرئيس فيها دورة حياتنا، وإذا كان العراقيون ونخص الشيعة على وجه التحديد قد تيقنوا بان النهاية لن تكون سعيدة بعد اليوم، وأن ما وصلنا اليه من قتل وتدمير ورعب وهلع كان نتيجة طبيعية للسياسة الخاطئة التي تبنتها وتصر على تبنيها الحكومة، وأن طمأنينة اهلنا في زيارة العتبات والتنقل بين مدن الوسط والجنوب قد لا تدوم طويلاً، لا بل أن (منجزنا) في اللطم والضرب بالسلاسل والتطبير هو الآخر يتعرض لما تتعرض له فسحة الطمأنينة في الموصل وكركوك وديالى وبغداد. ترى هل يعي ذلك الجمهور الذي هبَّ عن بكرة أمه وأبيه وملأ صناديق الانتخابات البرلمانية بملايين الاصوات التي كانت وراء رعبنا وخوفنا اليوم ؟
الخوف من داعش في البصرة
[post-views]
نشر في: 10 يونيو, 2014: 09:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 2
مواطن عراقي
الاستاذ طالب المحترم انا اقرأ يوميا الاعمدة في جريدة المدى الغرّاء كونها متنفس لكثير من الوطنيين العراقيين كانوا ام من البلدان الشقيقة، وعشمي بأن يكون هذا المنبر الحر جزء من الدواء الذي نرنوا له لمعالجة جراح بلدنا المنكوب. كيف لكاتب مثلكم ان يحلوا له كتاب
عدنان محمد
الأستاذ طالب ... انضم الى تعليق المواطن العراقي قبلي حول تشبع البصرة ، حيث استهجن ماذكرته عن تشيع البصرة .صحيح ان الكتلة السكانية الأضخم هم من الشيعة الآن وهم في غالبيتهم من المعدان الوافدين الغرباء الذين لايمكن ان يعيشوا إلا تحت ظل الدولة الريعية غير الم