في غمرة ابتهاج العالم بافتتاح كأس العالم العشرين اليوم ، وعودة كرة السَحَرة ليجُنّ جنونها هذه المرة على ارض السامبا وبين جمهورها ، عادت (المدى) لتدشن ملحقها المونديالي الثالث بعد ملحقي 2006 في ألمانيا و2010 في جنوب أفريقيا بروحية أكبر على التحدي المهني انطلاقاً من عشقها للتميز في مواكبة المحفل العالمي لمدة ثلاثين يوماً نقطف خلالها أجمل ثمار المونديال على صعيد تحليل احدث خطط وأساليب اللعب لصفوة منتخبات القارات.
وغالباً ما تأتي بطولات كأس العالم بأحداث ومفارقات غريبة وعجيبة تكون مادة دسمة للإعلام وتحفز الجمهور لتحليل ما وراء الحدث ، وهنا يكمن لغز التنافس الصحفي لصناعة الفارق وليس لتسويق مواد كاسدة ، فالاجتهاد مطلوب في البحث عن أسرار الحدث وما تتطلبه الحقيقة من دعائم استقصائية لوضع النتيجة بين أيدي القراء بالرغم من الكم الهائل من المعلومات والبيانات التي تبثها المواقع الالكترونية والمتخصصة.
ومع أن الغصّة لم تبرح نفوسنا بعد أن أسهم تقاعس أسود الرافدين في هدر فرصة العمر وضياع انجاز تكرار التأهل إلى المونديال للمرة الثانية في تاريخ اللعبة ببلادنا ، فإننا نرنو صوب أشقائنا (محاربي الصحراء) ممثل العرب الوحيد ليعتلوا بسمعة الكرة إلى مصاف الغرماء الحقيقيين في إحراج منتخبات المجموعة الثامنة بلجيكا وروسيا وكوريا الجنوبية والانتقال إلى دور 16 وهم قادرون بلا شك لإحداث مفاجأة كبيرة في هذه النسخة بعد مشوار مثير للاهتمام أعوام 1982 و 1986 و2010 يقف وراءهم اتحاد شجاع استطاع أن يؤمِّن تحضيراتهم منذ التصفيات الإقصائية حتى انتزاع تذكرة المجد التي نتمنى أن تكلل بانجاز تاريخي.
وإذا كانت المنتخبات الكبيرة تتطلع لفرض سطوتها على المجاميع كل مرة في البطولات 19 السابقة ، فاعتقد أن هذه المرة ستواجه متاعب جمة نظراً لكبر طموحات منتخبات الصفين الثاني والثالث ورغبتها في سرقة الأنظار وإشاعة الرعب في البطولة وكتابة نتائج غير مألوفة تطيح بغرور أصحاب مقاعد المقدمة ، فالزمن تغير وكل شيء في كرة القدم لم يعد أمراً تقليدياً، إلا الإرادة فإنها تكتسب صفة العضو الفاعل المضاف إلى الأحد عشر لاعباً إذا ما اتحدوا من اجل الإقامة في المونديال لأدوار عدة ببطاقات شرف الحضور وليس الخروج على خُطى خيبات (زبائن الضيافة) !
لهذا فإن كل دروس المونديال تعد ذات قيمة ثمينة لأسرة كرة القدم في كل مكان من بقاع الأرض ، بدءاً من يوم الافتتاح حتى ختامه في 13 تموز المقبل ، وهي فرصة مجانية للعرب الذين يشكل تواجدهم في بطولات كأس العالم أرقاماً مخجلة لا تتناسب مع ملايين الدولارات التي تبذخ على موائد وسياحة وفود منتخباتهم في رحلات التصفيات المؤهلة لدخول التاريخ ، وبالتالي لابد من أن يتعلموا من منتخبات فقيرة لا تمتلك ميزانيات حكوماتهم نصف ميزانيات اتحادات الكرة العربية ومع ذلك لن تقبل الهزيمة في مباريات مصيرية تهز شباكها الكرات وكأنها تهتك شرف انتمائها للوطن.
لنعش 30 يوماً مع السامبا، معقل الكرة المذهلة وأفانين سَحَرتها المتخمين بالإبداع في جميع الأزمنة من كبيرهم بيليه إلى صغيرهم نيمار، ونترقب مدى جدية المدربين في ترجمة ما وعدوا به طوال فترات التجهيز لخوض صراع المونديال ، وسيكون لإيقاع كعوب النجوم سمفونية خاصة تتصاعد معها أصوات جماهيرهم وهي تقرع طبول الحرب إيذاناً بإطلاق شارة الأماني بالوصول إلى الكأس الذهبية التي ستبقى عصية على الجميع من دون أن يدفع أحدهم ثمناً باهظاً من رصيد جهده البدني والفكري قبل أن يُقلد بوشاح البطل.
مونديال المدى الثالث
[post-views]
نشر في: 11 يونيو, 2014: 09:01 م