مرآة هنا على الجدار، و مرآة هناك. فأي واحدة منهما هي الأكثر إثارةً للخوف؟ ربما ما من أحد يختبر طبيعة " أوكيولوس Oculus "، الذي يؤيد الطريقة المثيرة سايكولوجياً أكثر من تكتيك القفز المفزوع حين يكشف عن غوامضة المقلقة. فـ " أوكيولوس " قد يكو
مرآة هنا على الجدار، و مرآة هناك. فأي واحدة منهما هي الأكثر إثارةً للخوف؟
ربما ما من أحد يختبر طبيعة " أوكيولوس Oculus "، الذي يؤيد الطريقة المثيرة سايكولوجياً أكثر من تكتيك القفز المفزوع حين يكشف عن غوامضة المقلقة. فـ " أوكيولوس " قد يكون تحت جلدك، لكنه نادراً ما يجعلك تقفز من مقعدك.
يتبع المخرج مايك فلاناغان فيلمه هذا بفيلم الرعب المثير القليل التقييم الذي قدمه عام 2011 " Absentia " بقصته الاستحواذية والذي يحمل تماثلات لافتة للانتباه مع فيلم " هو It " لستيفن كنغ. و يقسم أويولوس قصته بين خطين زمنيين. على أحدهما، يجتمع شمل الشابة كيلي رسل ( تقوم بدورها كارين غيلان ) مع أخيها الأصغر، تيم ( برينتون ثويتس )، و هو يظهر من مصحة عقلية. و تذكّر كيلي أخاها بالوعد الذي اتخذاه حين كانا صغيرين ــ و هو التعهد بأنهما حين يكبران، و يكونان أقوى، سيتّحدان لهزم القوة الشريرة التي يمكن أن تكون قد قتلت والديهما.
و تُروى تلك الحكاية المأساوية بالتوازي مع مهمة كيلي و تيم الحديثة، و هنا يرقص المخرج فلاناغان على خطَّي القصة، مبادلاً بينهما في الغالب لإبقاء جمهور مشاهديه من دون انتباه لما يعده لهم. و تعود المآسي في أصلها إلى مرآة " مسكونة " تنطوي على تاريخ عميق من الحوادث المهلكة، و هي تنتصب الآن في غرفة مكتب ألان رسل ــ والد كيلي و تيم ــ ( أيام كان ما يزال حياً ) و كلما طال وجوده قربها، كانت تصرفاته غريبة هناك. و تلاحظ كيلي، و هي صغيرة، وجود سيدة في مكتب أبيها، مثلما تشك زوجته في خداع معه، لكن أحداً لم يكن مستعداً للشر فوق الطبيعي الذي من الممكن أن يكون مقيماً في المرآة ــ قوة تهدد بالقدوم.
و أنا أقول " من الممكن " لأن فلاناغان ( المخرج ) يُنشئ " أوكيولوس " كلغز سايكولوجي من دون إجابات سهلة. فالمرآة ــ المصنفة بكونها الزجاجة الحبيبة كما انحدرت من جيل إلى جيل ــ يمكن أن تكون مسكونةً. لكن " أوكيولوس " يقدم أيضاً المصادفة القوية ذاتها بأن كيلي يمكن أن تكون مجنونة، مثل تيم و هو أكبر سناً ــ و بفضل سنوات من العلاج ــ يتذكر قتل والديه بشكل مختلف. و فلاناغان غير مندفع للكشف عن إجابات فيلمه. و سوف يظل المشاهد يتأمل ما يتعلق بصحة مزاعم كيلي حتى اللقطة الأخيرة من الفيلم ــ الذي يترك الباب ، في شكل رعب حقيقي، مفتوحاً لتكملات محتملة.
إن مصدر الابتهاج في أكوليوس، مع هذا، أنه يُعادل إلى حد كبير بقصته المفردة، و هو يخدم ميثولوجيا قيِّمة و يكرّس معظم مصادره المتواضعة لاستثمار جمهور المشاهدين في هذه الحكاية ( من دون التخطيط لسلسلة حبكات مستقبلية). فحين تستعد كيلي و هي أكبر سناً لمواجهة الشر الذي تعتقد بأنه يقيم في هذه المرآة القديمة، تستخدم عدداً من الإجراءات الوقائية ــ ساعات تنبيه، نداءات تلفونية بحاجة لأن تصل كل ساعة ــ تمنح أوكوليوس إحساساً مطلوباً بالطوارئ. فالأمور التي تطرأ في الليل يمكن ألا تحصل لك في أوكوليوس، لكن ذلك المثبّت الذي تقوم كيلي بتعليقه من السقف يمكن أن يفعل هذا بالتأكيد.
و على كل حال، نادراً ما يرغب أوكيولوس منك فعلاً أن تعرف ما هو حقيقي و ما هو نتاج ذاكرةٍ ملطخة، مشوَّشة، و هكذا ستتحمل أنت الرحلة بصبر حتى تحصل على إجابة. و طوال الطريق، يتجنب فلاناغان على نحوٍ حكيم استفزاع المشاهدين و استغفالهم بحيل مجانية. فهذه قصة تسلطٍ سايكولوجي بسيطة لها جذور في " رعب الأميتفيل " للمخرج أندرو دوغلاس أو " الشروق " للمخرج ستانلي كوبريك.
عن: CinemaBlend