ياسر جاسم قاسم الشيخ محمد رضا الشبيبي شاعر وناقد وباحث لغوي، وناشر للعلم واللغة، ومعني بآثار اللغة العربية قديمها وحديثها. ولد في مدينة النجف عام 1889، وتوفي في عام 1965. وهو شاعر فصيح اللفظ ناصع المعنى سليم العبارة. وينظم الشعر في أغراض شتى: ينظمه في الأخلاقيات والوطنيات
وفي الحوادث الكبرى، وفي المعاني التي اصطلح المحدثون على وصفها بالمعاني الغنائية. كان للشبيبي دور كبير في مجامع الفقه العربية، ومنها دوره في مجمع اللغة العربية في القاهرة حيث كان مجلس المجمع في دورته الرابعة عشرة (10/1947 و 5/1948) قد نظر في شغل الكراسي الخالية بوفاة أحد أع ضاء المجمع، ففاز الشبيبي من العراق بأحد المقاعد، وخليل السكاكيني من فلسطين، وعلي عبد الرزاق وإبراهيم المازني من مصر. وفي 26/1/1948 صدر مرسوم بتعيين الشيخ الشبيبي عضواً عاملاُ في المجمع. أما دور الشبيبي في المجمع العلمي العراقي فهو الذي دعا إلى تأسيسه على غرار مجمع اللغة العربية في القاهرة ودمشق. وقد صدر نظام أول مجمع علمي عراقي في 26/11/1947. وقد أنتخب الشبيبي أول رئيس له. وأعيد انتخابه رئيسا ًفي 1/10/1948. وتخلى الشبيبي في 16/2/1949 عن رئاسة المجمع بسب التشريع الذي أصدره نوري السعيد والذي يمنع جمع العضوية في المجلس التشريعي وعمل آخر. وأعيد انتخابه رئيسا للمجمع بعد إلغاء نظام المجمع وصدور نظام جديد في حزيران 1963. ولكن العلامة الشبيبي استقال مرة أخرى من رئاسة المجمع احتجاجا على التدخل في شؤون المجمع الداخلية وزجه في خدمة الأغراض السياسية. كان الشاعر الشبيبي شاعرا واقعيا، حيث ساهمت الأحداث التي كانت تمر في ساحة الوطن العربي والعراق في صقل واقعية شعره، فكان شعره صوتا صادقا بشعور المواطنة وتبيان دور المواطن في المسؤولية ومراقبة أجهزة الحكومة، و في هذا المجال يقول: لئن كلفت نطقك قول صدق --- فما كلفتُ فوق المستطاع وليس افل حدٍ من أديب --- تخيل شعره شرك انتجاع يصانع باللسان لنيل رزق --- يُجانِب فيه فن يد صناع ونهج الجد للأرزاق أدى --- بأهل المجد من نهج الخداع فيا شعراءنا انتقلت إليكم --- مراقبة العوائد والطباع من أقام الجيش والدستور حتى للمخيم --- أأنا صيرت فرعونك سلطانا مُطعم وكان الشبيبي دائما يشخص الداء ويصف الدواء، ويقوم بعرض السبل الكفيلة لانجاح المشاريع الإصلاحية ويفضح المساوئ المجتمعية والحكومية. وهنا أيضا أود التأكيد على أن الشبيبي ما كان منظرا فحسب، بل كان مشتركا فعالا في الحركات والمؤتمرات. وسافر من العراق إلى الحجاز وإلى الشام، وكانت رسالته واضحة في مجال الإصلاح و النهضة. ولو نقرأ نماذج من شعر الشبيبي لرأينا أن ما عاناه العراق في السابق ينطبق اليوم على الحاضر فها هو الشبيبي يقول سابقا كأنما يناغي الحاضر اليوم: تعسف قوم بالعراق وسارعوا --- على وطن- ما سيم - يوما ً بأثمان هم احتقبوا الأوزار يقترفونها --- وقالوا : جنى عمدا وما هو بالجاني هم استعجلوا اللذات ينتهبونها --- وهم بدلوا بالجوهر فرأي الشاعر الشبيبي واضح من حيث إن الشاعر يكون مصدرا لمعالجة هموم الأُمة ومتطلباتها، والشعر يجب أن يكون نابعاً في نظر الشبيبي من نفس قائله، لا أن يقال تلبية لرغبة الآخرين أو لغرض التكسب أو ما شابه. والشبيبي رجل يمتلك من الموسوعية الشيء الكثير فهو ليس شاعرا فقط بل كان مؤرخا ً وكانت لديه نظرات سياسية. وللشبيبي لم ينشر )) بعنوان كتاب النجف، قسمه إلى ستة محاور، هي: المحور الأول: عمارة مشهد الإمام علي (ع) وتخطيطه. وفي هذا المحور يعرج على تاريخ اكتشاف قبر الأمام علي (ع)، ويذكر نص الروايات في هذا المجال. المحور الثاني: آثار آل بويه في النجف، وفيه يتكلم عن دولة آل بويه وما تكون في عهدهم داخل النجف. المحور الثالث: آثار الايلخانيين، حيث يتكلم الشبيبي عن تاريخ إنشاء هذه الدولة وذلك سنة 656 هـ، وهي سنة دخول بغداد على يد أيل خان (الذي سمي هولاكو خان) ونهاية الدولة العباسية وتأثيرات الايلخانيين على النجف. المحور الرابع : آثار الصفويين في النجف، حيث يتكلم عن آثار ما فعلته هذه الدولة داخل العراق والنجف بشكل خاص. المحور الخامس : آثار نادر شاه، الذي دخل العراق صلحا سنة 1145 وورد كربلاء والنجف. المحور السادس: حيث يتكلم فيه الشبيبي عن آثار القاجاريين، ويقول في هذا المحور: "انقرضت الدولة الزندية سنة 1202 وخلا جو العجم لمحمد شاه أول ملوك القاجاريين. وفي سنة 1208 أعترف الفرس بسلطته ولقب (شاه)." وقد عرف عن هذا العالم الفاضل أن البحث يشغله عن كل شاغل حيث حل وأرتحل، فما أن نزل بالشام في بعض رحلاته حتى توفر على دراسة كتاب (إبن الفوطي البغدادي) مؤرخ الشرق والعراق، وأنقذ تاريخ هذا المؤرخ الكبير من زوايا الترك والإهمال. وقد تمكن ببحثه وتنقحيه من إحياء كثير من المخطوطات كإحصاء العلوم للفارابي وكتاب (الإفادات والإنشادات)، من إملاء أبي إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي، وتسمية أبطال العرب وقاتليهم في الإسلام عن كتاب مختصر تذكرة الوزير بن حمدون. وأوجب الشبيبي على نفسه نشر آثار اللغة والأدب والتاريخ ، قبل أن يوجب عليه عمله ُ في وزارة المعارف ورئاسة المجمع العلمي في بغداد. ومما لا ينسى في هذا المقام
محمد رضا الشبيبي.. المعرفة الموسوعية
نشر في: 25 نوفمبر, 2009: 03:59 م