TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > إطفاء النار بالنار

إطفاء النار بالنار

نشر في: 11 يونيو, 2014: 09:01 م

غدت بديهة علمية  لا جدال فيها ، انطواء ماهية الإنسان  وكينونته على عناصر الطبيعة الأربعة : الماء والنار والهواء والتراب ، الإنسان ، أينما كان وكيفما كان ، من ذوي الدماء الزرقاء او الصفراء او البين بين  .
ليس عجبا إذن ، ان تتكور فيه كل مكونات  وبؤر التنافر والتآلف والتضاد . يتنازعه الحب  كما الكراهية ، ويتقاذفه الرضى والنفور ، ويتجاذبه قطبا الثورة العارمة والهدوء المستكين . والقناعة  والشره ، و..و.. إلى آخر قائمة النزعات التي جبلت منها النفس البشرية . ويتماثل فيها الكبار والصغار ، والسادة والعبيد ، والحكام والمحكومون .
ثمة شعور طارئ  طاغ مدمر ، يفتك بالذات البشرية كما الداء العضال ، إنه الشعور  بالغبن .
الإحساس العميق بالغبن ، يحسبه الجهال هينا وما هو بهين ، لأنه المهماز الخفي لكل ثورة في العالم  اقدم عليها الجياع والمحرومون والمهمشون. الإحساس بالغبن لا ينمو ولا يترعرع في بيئة تغمرها شمس العدالة وتسود موازينها مكاييل القسطاس. ويعامل فيها الناس سواسية ،  الشعور بالغبن يتجذر في بيئة يتمايز فيها  السادة عن العبيد ، الذين يملكون كل شيء  والذين لا يملكون شيئا  البتة . بيئة يصنف فيها المواطنون درجات : درجة أولى او درجات الحضيض .
يتفاقم ويتعاظم الإحساس بالغبن ، ويغدو مدمرا ، حين تحس إن فرصتك انتزعت منك - دون حق - لتمنح لمن هو دونك كفاءة وخبرة . وإن مكسبا لك ، صار طوع بنان غيرك . وإن ما هو متاح لسواك ، محظور عليك ... الواجبات والأعباء والرزايا يقع  وزرها عليك ، والحقوق ومزاياها لغيرك .
حذار .. فكل نبضة إحساس بالغبن ، تتمخض عن عاهة تضخ  في ذات المغبون رغبة عارمة  بالانتقام .
المواطن في العالم الثالث والرابع، قلما يحظى بفرصة للإنصاف ، فهي إما تستلب منه لتمنح لغيره ، او يحرم عليه نوالها أصلا ، لتغدو حلالا زلالا  لسواه .
فرق زهيد بين مواطني العالم المتقدم والعالم النايم! ففي حين يحصل مواطن العالم المتقدم على أرنب إن كان يبتغي ارنبا ،او يحظى  بغزال إن كان يروم  الحظوة  بغزال ، فإن مواطن العالم الثالث يعيش المأزق مجسما : ف.. سواء عليه إن أراد غزالا  او أرنبا، دجاجة ام بيضة ، درهما ام ليرة ذهب ، ُإنه في كل الأحوال لن يحصل  إلا على  خازوق!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram