اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > الشبيبي كما وصفه الريحاني

الشبيبي كما وصفه الريحاني

نشر في: 25 نوفمبر, 2009: 04:15 م

رضا الشبيبي شارع روحي لايغره العلم، ولا يطوح به الجهل، وهو شاعر تقليدي يحترم الماضي ويتورع للحاضر، وينظر الى المستقبل بعين الرضى والاطمئنان انما سبيله الروحي لايخلو من الوعورة والعقبات، بيد انه مؤمن على الدوام حتى في حيرته، ومطمئن حتى في اضطرابه وقد يعد وهو ضمن دائرة محدودة وان اتسعت،
من المتمردين وقد تعترضه اذا ماحاول اجتياز الحدود، عناية الهية او شبه الهية، فيعود الى ربوع الامان، وفي قلبه خشوع، وعلى لسانه كلمات الحمد والرضى وقد يدنو الشبيبي في غضبة طاهرة من ظل العرش الاعلى، قد يدنو حتى من العرش والشعلة لا تزال في قلبه، والشرر في ناظريه، فيزر بعد ذلك جبته، ويتضمخ بالطيب، ويجلس على فراش الحب والوداعة، وقد صفا نوره، وسكن وضعه، مثل سلفه الشريف الرضي. في مجموعة متسلسلة من الشعر شبيهة بملحمة وجدانية، تتجلى روح الشبيبي في نضارتها ومتانتها، وفي يقينها وحيرتها وفي اطمئنانها واضطرابها فهي تحلق في سماء الخيال والحقيقة حول رواسيها العالية، وفوق الوهاد السحيقة بين تلك الرواسي فتثب من قنة الى قنة، ثم تعود سالمة آمنة الى بستانها في الكرادة، او انها تجري في (سكرة النفس) في بحر زاخر من الهول (وما شطأت حينا ولا قاربت مرسى).. تجللها ليل طويل وما رأت على طوله بدرا ولا طالعت شمسا سفينة نفس غامرت وتعرضت لها الهوج يبقين من احد نفسا ولكنها نحت من تلك الاهوال وما نجت من توبيخه لها. فيا لك عقلا ما اند عن الهوى ويا لك قلبا ما اشد وما اقسى قد يكون الشبيبي ربانا لسفينته ماهرا، ولكنه لايستطيع ان يقول ماقاله الشاعر الانكليزي ارنست هنلي: اني لنفسي الربان، واني على امري المهيمن. بل هو يتقلب ويتردد في اقدامه وتطوحه، فيصعد ثم يهبط في سلم الفكر والاحساس. انجدت من بعد اغوار زللت بها فانجاب عن ثقتي بالله انجادي وقد حدثني اهواء مضللة عدلت عنها وضل الركب والحادي وهو يدرك في ساعة الندم ان الله سبحانه وتعالى لايزال على عرشه، مشرفا على الكون بيد ان حياة الانسان شقاء وبلاء لما فيها من ضلال، ومن كفر والحاد،، فيشكو الشاعر، ولاغرو حتى صحبه وخلانه وينشد التعزية والسلوان، في الوحدة والزهادة.. غريب بهذي الدار طال اغترابه فلا يزدهيه اهله وصحابه واسعد خلق الله من جاء في غد قليلا تقصيه يسيرا حسابه وقد سدد خطواته في السبيل الذي يصدق فيه العمل القول، والخبر الخبر، فقال: واني لميال الى محو ماجرى به قلمي او ما تضمنه طرسى كتبت وقد جاريت فيما ظننته علاجا لاهواء النفوس هوى نفسي انه لشاعر صادق اللهجة، متقد الوجدان، وهو الى ذلك حلو الشمائل لطيف المزاج، فيحاسب نفسه ويؤنبها، ويسير في سبيله متمهلا متورعا، حينا على طرب وحينا على كرب، وهاهو يشجيك وقد وقف بين قلبه وعقله وقفة الحائر المكتئب فهناك الحبيب، وهناك الرغبة بالزيارة والرغبة عنها تتنازعان فؤاده، قد جاء في هذه القصيدة ببيت فريد في معناه، ما قرأت مثله في التردد لا في الشعر العربي ولا الانكليزي، فعندما يتغلب الشاعر على التردد في نفسه، ويعتزم الزيارة، يردعه في الباب رادع فيرتدع. وطالما سرت في وجه فلم ارني الا وقد علقت يمناي بالباب وان من يزوره من الاصحاب ليزور الجسم منه اما الاحباء فهو يتمنى ان يزورهم، وهم مع ذلك المقيمون في نفسه على الدوام.. شغل السمير جوارحي وشغلتم روحي فكنتم دونه سمارها نلتم حقيقتها التي خلصت لكم طوعا ونال سواكم آثارها وهذه الحقيقة الروحية تبرز في بيت عن عمره اجاد في معناه. طل ما تشاء زماني لست لي عمرا ادراك ما اتمناه هو العمر قلت ان رضا الشبيبي حريص على التقاليد الشرعية قلبا وقالبا ولكنه في صعوده ونزوله في سلم الفكر والحقيقة يستحب الوقوف عند بعض المبادئ العلمية الحديثة، كمبدأ ابقاء الانسب مثلا فيقول: اطبقت اسفاري وقلت لها اغربي سفر العوالم بعض ما اتصفح واذا تنازعت البقاء عوالم صح الاصح بقائه والاصلح وهو يحمل على اهل الضلال والخرافات في قوله: عهدت اهلك لم يبطل نكيرهم على الطغاة فلم صاروا طواغيتا ملفق من مخاريق كلامهم ومن محال وان أسموه لاهوتا ثم يعود الى حصنه الشرقي الحصين الى ايمانه بالقضاء والقدر. من الجهل لا من صحة العقل اننا نحم في الاقدار اوهام عاقل امور باسعاف المقادير نلتها على حين اعي نيلها بالوسائل هو لايرى ان في هذه العقيدة عقالا لشبان الشرق، وهم في معترك هذه الحياة الحديثة، الغربية الالوان والاشكال، بل يرى عكس ذلك اني انقل من نثره السلسل المتين كلمة كتبها في التفوق الغربي الموهوم، قال: ((نحن الان في عصر الشك، كما يقول فريق من اهل الغرب، ومن ذلك ان شكنا الان يتناول حتى اسس الثقافة التي يريدها معظم الغربيين للشرقيين ومن بين هذه الاسس غمز الشرق والشرقيين والتنديد تصريحا او تلويحا بقيمة اثرهم في الحياة، حتى ضعفت ثقة شباب الشرق بانفسهم، وببطولة اسلافهم ، وتلاشت في بعض الجهات، وحل محلها الثقة المطلقة بتفوق الغربيين)).. هذا الى ان نشبت الحرب العامة الاخيرة، واسفرت بعد ان ظهرت اسبابها ونتائجها للعيان، عن حركة فكرية عامة تجتاح الان اذهان البشر بدون تمييز ويتوقع ان يكون من نتائج هذه الحركة الفكرية رجوع القوم عن الشطط في احكامهم على الشرق والشرقيين، ونبذ دعوى التفوق الغربي الموهوم، والتسليم بتكافؤ

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

"تقدم": خلو منصب رئيس البرلمان "عرقل" المضي بقانون العفو العام 

مقالات ذات صلة

غير مصنف

"تقدم": خلو منصب رئيس البرلمان "عرقل" المضي بقانون العفو العام 

خاص/ المدى رأى يحيى المحمدي، المتحدث باسم حزب تقدم، الذي يترأسه محمد الحلبوسي، اليوم الثلاثاء، أن غياب رئيس مجلس النواب احد الأسباب التي أدت الى تعطيل قانون العفو العام. وقال المحمدي، في حديث لـ(المدى):...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram