اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حوار مع أحمد سعيد

حوار مع أحمد سعيد

نشر في: 14 يونيو, 2014: 09:01 م

فكرت أن أكتب لحضراتكم عن كتاب انتهيت من قراءته مؤخرا لاثنين من الفلاسفة الأمريكان الجدد بعنوان " دليل الاستبداد والمستبدين " وفيه يخبرنا المؤلفان انهما يحاولان تتبع العناوين الرئيسية للسلطة ، وكيف انها تغلف نفسها كل يوم بالخد ع والاحتيالات والمغالطات والمخاتلات .
"دليل المستبد" يحاول البحث عن إجابات لأسئلة من عيِّنة ، لم يظل المستبدون ممسكين بالسلطة لفترات طويلة؟، وبالمقابل كيف تتمكن البلاد من البقاء طويلا في ظل هيمنة سياسات مضللة وفاسدة؟، يؤكد الفيلسوفان أن الإعلام هو كل ما لدى المستبد المهووس بالكرسي، فهو يتصور أنه ينادى للشعب عبر الشاشات.. ولان الحديث عن الإعلام اخذ حيزا مهما في الكتاب ، فقد تذكرت إنني قبل ايام عثرت بالمصادفة وانا اقلب في أرشيفي الخاص من الصحف والمجلات القديمة ، على لقاء أجرته مجلة روز اليوسف مع المذيع المصري الشهير آنذاك احمد سعيد والذي كان يتولى قبل نكسة 1967 مسؤولية اهم محطة اذاعية عربية "صوت العرب"، في الحوار الذي اجري قبل حرب حزيران بأشهر كان الصحفي يسال المذيع الأشهر عن توقعاته، لو ان الحرب قامت بين اسرائيل والعرب، فتكون إجابة احمد سعيد قاطعه : سنرميهم في البحر وسنمحو من الخارطة شيئا اسمه اسرائيل .
حكاية احمد سعيد هي واحدة من حكايات الفشل العربي ، وهي تشكل العمود الفقري للعقلية التي ظلت تحكم هذه البلاد لمدة عقود تحت شعارات وأهازيج المعركة .
انزوى احمد سعيد بعيدا، فبائع خطابات النصر لم يجد بعد نكسة حزيران من يسال عنه او يطمئن عليه، فالرجل الذي حمل توكيلات الإعلام الرسمي وخطاياه ، ظل لسنوات قبل النكسة يشكل ظاهرة في الإعلام العربي جعلت منه نجما جماهيريا، ليس في مصر وحدها، بل على امتداد الوطن العربي كله .. لكن بعد الخامس من حزيران اكتشف جمال عبد الناصر أن صوته الاعلامي زاد في حجم الهزيمة، وفي وَقْع الخيبة على الشعب وعرفت الناس التي نامت مطمئنة ليلة الرابع من حزيران، ان ديك الصباح ينبئها بان الطائرات الإسرائيلية التي أسقطها أحمد سعيد في الإذاعة ، دمرت الجيش المصري واحتلت القدس وسيناء والجولان ، وان اسرائيل تتفرج على النيل من بعد كيلومترات قليلة
تذكرت حكاية احمد سعيد وانا أتطلع الى وجهه باسما وهو يقول لمحرر روز اليوسف ان الطائرات الاسرائيلية اشبه بالعصافير سرعان ما تقع فريسة بيد الصياد الماهر ، وأتخيل الجماهير العربية تخرج إلى الشوارع تعرب عن الامتنان والشكر من المنجزات التي قدمها لها صوت مذيعها الأشهر والذي ظل حتى بعد النكسة بسنوات يرفض الاعتراف بالهزيمة ونراه يخرج بعد عام 2003 ليقول لصحيفة الشرق الأوسط انه نجح في ان يدفع المستمع العربي للتحرك ومواجهة الأخطار المحدقة به، لا أن يجلس أمام الراديو يتابع الأحداث والغارات وكأنه يشاهد مباراة لكرة القدم ..
إذن المسالة بسطها السيد احمد سعيد، فعلى المواطن ان لا يتسمر أمام الفضائيات ليتابع الانتصارات، وانما المطلوب منه ان يخرج الى الشوارع يهتف باسم قادته الذين قرروا في نشوة النصر ان يجعلوا منه شاهدا على عصر من التطور والتقدم والرقي.
اليوم كلما مررنا بلحظات فائقة الخطورة، نتذكر اجمل ما فقدناه، صوت احمد سعيد ، فنحن أمة لا تريد ان تتذكر سوى تواريخ الهزائم في يوم 5 حزيران تساقطت المدن العربية الواحدة بعد الاخرى. وما من نهاية لعصر السقوط، ما دام عصر الطوائف وفرسانها يعيش ازهى سنواته .
ولهذا سنظل نقول شكراً لأحمد سعيد لأنه لايزال يحمل إلينا أخبارا مفرحة وسط سيل الأنباء المحزنة ، فمذيع " الأمة " يبلغنا بنفسه ، ، أن صوته لايزال "ملعلعاً"، فهو يستطيع في أي يوم أن يطلق تصريحا "صاروخيا"، وبإمكانه في أية لحظة أن يهدّد الإعلام الذي لا يؤمن بان قادتنا سيدفنون اسرائيل في البحر ، لذلك على كل من يخطر له أن يتحدث عن المعركة وأسرارها ، أن يتذكر أن صوت احمد سعيد هو الأعلى، فلا شيء يعلو فوق صوت " المعركة " .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. أبو همس الأسدي

    لندعو لأحمد سعيد بالرحمة ؟ وكذلك الرحمة للحي الأبقى فهي له قبل الميت ؟؟

يحدث الآن

"الأبنية متدهورة".. سجون العراق تعاني اكتظاظاً يفوق 300% من الطاقة الاستيعابية

اجتماع هام لديكو لحسم صفقة جديدة لبرشلونة

العمليات المشتركة تكشف تفاصيل هجوم "الفصائل" على قاعدة عين الأسد

السجن 15 سنة بحق مدان أطلق النار على مفرزة أمنية

آفة تتفاقم.. الداخلية تعلن القبض على (31) متسولاً في بغداد

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي.. في المنطق القانوني

العمودالثامن: درس تشرين ودرس بنغلاديش

 علي حسين ما هو الفارق بين ما جرى في تشرين عام 2019 في بغداد والمحافظات.. وما جرى في البلاد الفقيرة بنغلاديش خلال الأيام الماضية؟ في العراق جرى قتل أكثر من 700 شاب.. وجرح...
علي حسين

متى تتكلم الأغلبية الصامتة؟ وماذا بعد قانون الأحوال الشخصية؟

د.غادة العاملي يثار جدل واسع حول تعديل قانون الاحوال الشخصية وخطورة التداعيات الاجتماعية التي تسبب بها، ويبدو من السجالات والمناظرات والندوات التي ترافق النقاشات المرتبطة بقانون الاحوال الشخصية، ان حزمة قوانين اخرى تنتظر التمرير...
د.غادة العاملي

عشر أفكار حول تطييف قانون الأحوال الشخصية

علي المدن لا أحد يعلم على وجه الدقة انطباعات العراقيين حول مقترح تطييف قانون أحوالهم الشخصية، وأنا شخصيا لم أقرأ حتى الآن أي أستطلاع للرأي العام حول هذا الموضوع المعقد، وعليه؛ ستبقى مسألة مقاومتهم...
علي المدن

في مواكبة الـ (المدى)..

لاهاي عبد الحسين يوافق الاحتفال بالذكرى الحادية والعشرين لانطلاق "المدى" كمشروع ثقافي واعلامي وطني مسؤول مع الضجة التي أحدثها تقديم مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية المرقم 188 لسنة 1959 في مجلس النواب العراقي. هذا...
لاهاي عبد الحسين
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram