تتدرج حيثيات القوانين إزاء الأفعال التي تطالها العقوبات. فالمخالفة قد ترفع عقوبتها بالاعتذار او طلب المغفرة. والجنحة قد لا تتعدى عقوبتها الزجر والتعزير. وعقوبة الجريمة غير المقصودة تختلف عن الجناية المرتكبة عن سبق إصرار وترصد، فما هو التكييف القانوني لما يجري في عراق اليوم من خروقات؟
العراق الذي احترق بفعل فاعل، الذي غرق وأغرق بسيول الماء والدم بفعل فاعل، الذي انتهكت حرماته، واستبيحت ممتلكاته بفعل فاعل، الذي انقلب عاليه سافله بفعل فاعل، الذي ساوم فيه السارق المسروق.
عراق ، لا تدري في خضم احداثه الداميات : من سلب من ؟ من قتل من ؟ من ساوم من ؟ من ابتز من ؟ من انتصر ؟ من انهزم ؟ من تواطأ ؟ من آثر الهزيمة بالغنيمة؟
اختلاط الحابل بالنابل —في بلاد ما بين النهرين — ليس محض صدفة . فما من فعل دون فاعل ، وما من طحين دون جعجعة .
ادري - يقينا ادري - عاقبة من يتجرأ ويسمي الأشياء بأسمائها ، ويجاهر بصوت عال : انها والله لمؤامرة، مؤامرة محبوكة فصولها بدراية عالية .لعقول مفكرة وعيون ترى ابعد من الانف!
إن ما جرى من سيناريوهات ، أسقطت مدنا راسخة بغمضة عين . امر يستعصي على التصديق .. كيف مرقت تلك الافواج الحاشدة من البشر .بكامل اسلحتهم وعجلاتهم وعتادهم المنافذ ، دون ان تثير ريبة مراقب امني او تصعد جذوة الشك في صدر مسؤول ؟ كيف ؟
في حومة هذي المعمعة اللغز، وبالتزامن مع تداعياتها ، أعلن عن صدور كتاب ل —هيلاري كلينتون — وزيرة الخارجية الأميركية السابقة . تعتذر في احد فصوله عما حل بالعراق نتيجة غزو غير محسوبة نتائجه ( كذا ) . تذكر دون نكران : لم اكن الوحيدة التي ارتكبت الخطأ . كنت اعتقد - حينها - إنني اتخذت القرار الأفضل ، لقد تصرفت بحسن نية!
هل مقدرات الشعوب ومصير أوطان رهينة أمزجة واعتقاد خاطئ لكائن من كان ؟ هل عودة الوعي المتأخر للسيدة يعيد للام وحيدها الذي حصدته نيران إرهاب؟ او يعوض طفلة او ارملة عن فقدان اب او زوج او جار؟ او يعوض جامعة فقدت اعلم كوادرها؟ او مستشفى غادرها أكفأ أطبائها؟ و .. و
الفاجعة .. إن ما آل إليه حال العراق والعراقيين اليوم ، شق على هيلاري ان تبتلعه دون غصة ، ودعاها -طوعا - للإفصاح عن الندم او الاعتذار ، ربما تحت وطأة الشعور بالذنب .
الفجيعة .. إن كل هذا الدمار لم يحرك خلجة في صدور ارباب الحل والعقد ، ولم يوجر في ضمائرهم جذوة النخوة ، وهم يصيخون السمع لاستغاثة — الوطن الأم — يرجو ، يستنجد ، يستعطف ، يتوسل : انا مشرف على الموت ….انقذوني .. ان .. قذ…و.. .وني .
هيلاري: صح النوم
[post-views]
نشر في: 15 يونيو, 2014: 09:01 م