TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هل تهدد داعش الأردن؟

هل تهدد داعش الأردن؟

نشر في: 15 يونيو, 2014: 09:01 م

من حق كل مواطن أردني أن يشعر بالخوف، جرّاء تمدد تنظيم داعش الإرهابي على تخوم الحدود الأردنية مع العراق، ومن واجب كل مسؤول أردني اتخاذ كل ما يجب من الاحتياطات لدرء هذا الخطر، خصوصاً وأن سياسيين عراقيين يقيمون في الأردن يؤيدون هذا التنظيم، وإذا كان البعض يظن أن هذه المخاوف مبالغ فيها، فإن مفاجأة ما جرى في العراق تعتبر رداً كافياً على ذلك الظن، فمن كان يتوقع سقوط أكثر من محافظتين عراقيتين بيد الداعشيين خلال أيام معدودة، قد يبرر البعض تلك "الانتصارات" بدعم تلقته مجاميعهم من داخل تلك المحافظات نكاية بالمالكي، ورداً على سياساته التهميشية ونظرته الطائفية لما يجب أن يسود العراق، ويبدو تجاهلاً مُخلاً لوجود حواضن شعبية للمتطرفين التكفيريين، القول إن هذا الواقع غير موجود في الأردن، خاصة وأن السلفيين التكفيريين ينشطون علانية، ويعلنون بفخر عن سقوط "شهداء" لهم في حربهم ضد "النظام الكافر" في سوريا، وليس مُستبعداً مساهمتهم في الجهاد ضد "النظام الطائفي" في العراق، على طريق بناء "دولة الله" في العراق والشام.
لن يكون مُطمئناً النوم على حرير أن معركة داعش طائفية فقط، وهي تندلع ضد أنظمة قادتها من غير السنة، وأن أولويتها الراهنة والصعبة، هي ترسيخ سلطتها في المناطق التي تسيطر عليها في سوريا والعراق، وأنها بعد نجاحها في استقطاب جماهير المناطق الواقعة تحت سيطرتها في بلاد الشام، ستعمل على تكرار التجربة في بلاد الرافدين، حيث النجاح عند قادتها شبه مضمون، مُتناسين تجربة سابقة حين طردهم العراقيون من مناطقهم في غرب البلاد، لرفضهم العيش في ظل سلطةٍ مُتطرفةٍ، تعمل على فرض الدين كما تراه وتفهمه على مجمل الناس، بطرق غاية في البدائية والبذاءة، خصوصاً إن كررت تجربتها السورية المقيتة والمتخلفة، إضافة لرفضهم الخضوع لقيادات كانت غير عراقية قبل سنوات، وفيها اليوم جنسيات ليست عربية.
أحد أشكال تهديد داعش للأوضاع "الهشة" في الاردن، وهو أقلها خطراً، هو تدفق المزيد من اللاجئين العراقيين، الأخطر هو احتمال تحرك المقاتلين الأردنيين، المنضوين تحت ظلال الرايات السوداء، ما يستوجب منعهم سلفاً من ذلك، على أن يتم ذلك تحت مظلة القانون لا أن يُستغل للتضييق على الحريات العامة، وليس سراً أن الأجهزة الأمنية على معرفة كاملة بخفايا هؤلاء، الذين يجب الحد من حريتهم لخطورة أفكارهم على المجتمع، وما يمكن أن يتبع من استقطابهم ل"مجاهدين انتحاريين" لا يعلم أحد أين وكيف يكون نشاطهم، بعد غسل أدمغتهم وتحويلهم إلى قنابل موقوتة، مع التأكيد على استعداد البعض لتقبل أفكار داعش ومن هم على نمطها، دون إغفال تأثير انتشار هذا الفكر المتطرف في سوريا والعراق، على أردنيين يحملون نفس الفكر، ولو أنهم لا ينتمون تنظيمياً للتنظيمات المؤمنة بهذا الفكر المذهبي المنغلق والمتطرف، وقد يكون هؤلاء بيئة مناسبة لنمو سرطان هذه التنظيمات.
كانت ولادة داعش "القيصرية" مفاجأة للجميع، وكان تمردها على التنظيم الأم مفاجئا وغير متوقع، كان تحالفها مع بقايا بعث صدام مفاجأة أخرى، وكانت "انتصاراتها" في بلاد الرافدين أكبر المفاجآت، فهل يتحمل الأردن مفاجأة من هذا العيار الثقيل، أم يواصل الرسميون فيه التغني بحالة الأمن والأمان، والتفاف الشعب حول قيادته، التي تجد نفسها أمام تحديات مصيرية، في إقليم يبدو أن إعادة رسم خرائطه مهمة بدأت، وهو في عين عاصفتها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram