TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "ركوك" سياسي

"ركوك" سياسي

نشر في: 20 أكتوبر, 2012: 06:49 م

مطلع عقد الستينات من القرن الماضي  ويوم كان المسرح العراقي يعاني أزمة النص و قبل أن يرفد الساحة المسرحية يوسف العاني  عادل كاظم وطه سالم ، و نور الدين فارس بنصوصهم  اعتاد  الأستاذ  الحالي في كلية الفنون الجميلة بجامعة الموصل  الدكتور ثامر عبد الكريم أن  يصف الحياة المسرحية وقتذاك بأنها تعيش حالة" ركوك "  أي ركود فني على المستويات كافة ، وحينما يعترض احد أعضاء فرقته المسرحية في مدينة  الكاظمية على استخدام مفردة " ركوك " يرد بالقول :" الركوك  وصف ملائم "  لتراجع الحركة المسرحية .

في ذلك الوقت كان "الركوك" فنيا واليوم أصبح ملازما للأوضاع الأمنية والسياسية ، ونتيجة ذلك وعلى طريقة موجة البيانات الشعرية والقصصية والمسرحية ،  اصدر إعلامي "نشمي "  بيانا سياسيا منتقدا فيه جميع  الساسة من صغيرهم إلى كبيرهم أصحاب الشعر منهم والصلعان  الدينيين والعلمانيين حملهم مسؤولية  التنصل عن خدمة مصالح شعبهم وفشلهم في تجاوز أزمة ستدخل سنتها الثانية بعد أشهر قليلة ،  ولا وجود لجندي واحد من قوات الاحتلال يصادر استقلالية القرار العراقي .

الإعلامي النشمي  قال كلمته ،  ليلفت الأنظار لمخاطر "الركوك " وبيانه لم يتضمن دعوة لاعتصام أو  تنظيم تظاهرات احتجاجية لعلمه أن ساحة التحرير في بغداد ما عاد فيها من يسمع هتاف "من القاهرة لبغداد تسري العاصفة"  لانعدام وجود  جهات ومنظمات قادرة على صنع توجهات الرأي العام  للحصول على الحقوق،  وفي مقدمتها أن  بعض القادة السياسيين أصبحوا محترفين في كيفية استخدام الدستور والقوانين لتحقيق مكاسبهم للإطاحة والبطش بالخصوم عن طريق إصدار مذكرات اعتقال وتوجيه تهم بالفساد ، والارتباط بجهات إقليمية لتنفيذ  انقلاب عسكري .

في زمن" الركوك "  يبرز البطش السياسي كوسيلة لتحقيق غاية حزبية ، والغريب في الأمر أن بعض  الأطراف المشاركة في الحكومة،   أصبحوا مثل الجنود المذنبين،  يقفون أمام آمر وحدتهم العسكرية لتنفيذ أوامر العقوبة بزيان الصفر أو السجن خمسة أيام ، واقلها الدخول في معسكر ضبط للتدريب الإضافي ،وهذا النوع من البطش يقابل بإذعان ملحوظ وانخراط  في العملية السياسية  للحفاظ على المنصب خشية التلويح بفتح ملفات ضده في إطار ما يعرف بالاغتيال السياسي .

في إحدى الفضائيات المعروفة بخطابها الموجه في الدفاع عن المنجزات والمكتسبات ظهر احد محلليها السياسيين : وأسفل الشاشة تعريف  "الخبير  بالشأن العراقي فلان المطي " وبعد دقائق استركت الفضائية الخطأ فصححت اسم الخبير ، احد الشباب صور المشهد بكاميرا هاتفه لكن   والده منعه من  عرض الصورة  على صفحة التواصل الاجتماعي ، الخبير اعتاد "وضع الركعة بصف البنجر " منحته الفضائية أكثر من خمس دقائق ليتهم الجميع باستثناء أسياده  بخرق الدستور ، وإفشال العملية السياسية ، والإطاحة بالتجربة الديمقراطية ، ولن  يكتفي بهذا القدر من الهجوم على الفرقاء والشركاء بل لوح بعرض وثائق تثبت ارتباطهم بإسرائيل وإجراء اتصالات مع مسؤولين في تل أبيب بجهود شيوخ الدوحة بحسب مزاعم الخبير، وأجواء "الركوك" السياسي .       

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram