مطلع عقد الستينات من القرن الماضي ويوم كان المسرح العراقي يعاني أزمة النص و قبل أن يرفد الساحة المسرحية يوسف العاني عادل كاظم وطه سالم ، و نور الدين فارس بنصوصهم اعتاد الأستاذ الحالي في كلية الفنون الجميلة بجامعة الموصل الدكتور ثامر عبد الكريم أن يصف الحياة المسرحية وقتذاك بأنها تعيش حالة" ركوك " أي ركود فني على المستويات كافة ، وحينما يعترض احد أعضاء فرقته المسرحية في مدينة الكاظمية على استخدام مفردة " ركوك " يرد بالقول :" الركوك وصف ملائم " لتراجع الحركة المسرحية .
في ذلك الوقت كان "الركوك" فنيا واليوم أصبح ملازما للأوضاع الأمنية والسياسية ، ونتيجة ذلك وعلى طريقة موجة البيانات الشعرية والقصصية والمسرحية ، اصدر إعلامي "نشمي " بيانا سياسيا منتقدا فيه جميع الساسة من صغيرهم إلى كبيرهم أصحاب الشعر منهم والصلعان الدينيين والعلمانيين حملهم مسؤولية التنصل عن خدمة مصالح شعبهم وفشلهم في تجاوز أزمة ستدخل سنتها الثانية بعد أشهر قليلة ، ولا وجود لجندي واحد من قوات الاحتلال يصادر استقلالية القرار العراقي .
الإعلامي النشمي قال كلمته ، ليلفت الأنظار لمخاطر "الركوك " وبيانه لم يتضمن دعوة لاعتصام أو تنظيم تظاهرات احتجاجية لعلمه أن ساحة التحرير في بغداد ما عاد فيها من يسمع هتاف "من القاهرة لبغداد تسري العاصفة" لانعدام وجود جهات ومنظمات قادرة على صنع توجهات الرأي العام للحصول على الحقوق، وفي مقدمتها أن بعض القادة السياسيين أصبحوا محترفين في كيفية استخدام الدستور والقوانين لتحقيق مكاسبهم للإطاحة والبطش بالخصوم عن طريق إصدار مذكرات اعتقال وتوجيه تهم بالفساد ، والارتباط بجهات إقليمية لتنفيذ انقلاب عسكري .
في زمن" الركوك " يبرز البطش السياسي كوسيلة لتحقيق غاية حزبية ، والغريب في الأمر أن بعض الأطراف المشاركة في الحكومة، أصبحوا مثل الجنود المذنبين، يقفون أمام آمر وحدتهم العسكرية لتنفيذ أوامر العقوبة بزيان الصفر أو السجن خمسة أيام ، واقلها الدخول في معسكر ضبط للتدريب الإضافي ،وهذا النوع من البطش يقابل بإذعان ملحوظ وانخراط في العملية السياسية للحفاظ على المنصب خشية التلويح بفتح ملفات ضده في إطار ما يعرف بالاغتيال السياسي .
في إحدى الفضائيات المعروفة بخطابها الموجه في الدفاع عن المنجزات والمكتسبات ظهر احد محلليها السياسيين : وأسفل الشاشة تعريف "الخبير بالشأن العراقي فلان المطي " وبعد دقائق استركت الفضائية الخطأ فصححت اسم الخبير ، احد الشباب صور المشهد بكاميرا هاتفه لكن والده منعه من عرض الصورة على صفحة التواصل الاجتماعي ، الخبير اعتاد "وضع الركعة بصف البنجر " منحته الفضائية أكثر من خمس دقائق ليتهم الجميع باستثناء أسياده بخرق الدستور ، وإفشال العملية السياسية ، والإطاحة بالتجربة الديمقراطية ، ولن يكتفي بهذا القدر من الهجوم على الفرقاء والشركاء بل لوح بعرض وثائق تثبت ارتباطهم بإسرائيل وإجراء اتصالات مع مسؤولين في تل أبيب بجهود شيوخ الدوحة بحسب مزاعم الخبير، وأجواء "الركوك" السياسي .