TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > اتجاهات السياسة المتناقضة

اتجاهات السياسة المتناقضة

نشر في: 25 نوفمبر, 2009: 05:00 م

يعقوب يوسف جبر الرفاعي السياسة سلوك اجتماعي ووظيفة يمارسها الفرد أو تمارسها الجماعات أو الدول أو الحكومات لتحقيق جملة من الأهداف الاجتماعية المادية والمعنوية، كما أنها نمط من العلاقات التي تربط مابين طرفين أو أكثر وفقاً لميزان المصالح المشتركة،
 أو أنها موضع نزاعات واقتتال وحروب تدور بين الحين والآخر بين الجماعات والدول لانتزاع المنافع بالقوة أو الدفاع عنها عندما يتطلب الأمر ذلك بعض الأحيان، فمرة تكون السياسة فكراً وسلوكاً ونشاطاً ووظيفة إيجابية المسار والهدف؛ ومرة أخرى تكون سلبية؛ هدفها التدمير والهدم والفساد والفوضى وإضاعة الحقوق والمسؤوليات، أو تكون مصدر قلق أو أداة لنشر الفقر والأمية والتخلف وإقصاء الآخر وقمعه والقضاء عليه معنوياً وبدنياً أو تهميشه على أقل تقدير. فنّ السياسة القويم والنافع ابتدعه الإنسان ومارس وظائفه منذ زمن بعيد لمعالجة مشكلاته في مجالات متعددة؛ وتلبية حاجاته بالشكل الذي يكون نافعاً وذا جدوى مبتعداً عن الصراع والفوضى والتنازع المفضي إلى إلحاق الضرر بشخصيته ومصالحه العامة والخاصة، إذن فن السياسة هو حفظ المصالح ودفع الضرر لحفظ المنافع، أو تكون مجموعة أضداد تهدد مصالح البلدان والشعوب، إما داخليا كالحروب الأهلية أو خارجياً كالحروب العالمية أو الإقليمية. السياسة حينما تكون فكراً ونظرية صالحة وتطبيقاً تقنياً نافعاً تتطلب وعياً سياسياً وضميراً أخلاقياً وثقافة قانونية وحكمة أدبية وحنكة سياسية، وهي ميزات ينبغي توافرها لدى السياسي الناجح حتى يمارس فن السياسة بنجاح ؛ ملبياً مطالب المواطنين حينما يكون رئيساً أو يكون مرشحاً لخوض الانتخابات موضع ثقة الناخبين أو رجل أعمال ناجحاً له القدرة على تنفيذ أحلامه وطموحاته المشروعة لصالح المجتمع وليس ضدها أو وزيراً أو مدير مؤسسة يدير شؤونها بتفوق ونجاح منافساً المؤسسات الأخرى، وبموجب التطبيق الدقيق لآليات قوانين فن السياسة قد يتمكن رئيس دولة ما من منافسة الدول الأخرى في مجال جلب المنافع لبلاده ولشعبه، أو يستطيع إرساء أسس الأمن داخل بلاده في المجالات كافة، بينما يخفق آخر لا يمتلك القدرة على ممارسة السياسة فناً وسلوكاً لتحقيق تلكم الأهداف الإيجابية المضمون، لذلك ظهرت عبر التاريخ خاصة تاريخ العراق المعاصر حكومات مستبدة مارست سياسة إدارة شؤون الدولة بصورة خاطئة لم تلب طموحات المواطنين ففي العهد الملكي والعهود التي تلتها وحتى يومنا الحاضر وبسبب سياسة الاستبداد كانت وما تزال طبقة الفقراء هي الأوسع طيفاً وانتشاراً وعبودية واضطهاداً ؛ يعاني أفرادها من شظف العيش تقابلها طبقة الحكام المتنفذين والمترفين والمنعمين التي تهيمن على الدولة ومواردها وسياساتها ووظائفها الكبرى، فيما تتضاءل سعة الطبقة الوسطى وينخفض مستوى نفوذها وتأثيرها وهي طبقة المثقفين والمفكرين والمبدعين والأكاديميين من الأطباء والمهندسين ورجال الأعمال والصحفيين والفنانين والأدباء، وعندما يحدث هذا التفاوت السياسي والاقتصادي والاجتماعي متجسدا في احتكار السلطة السياسية من قبل جماعات متنفذة بالقوة والقهر فمعنى ذلك أن البلاد أية بلاد تعيش أزمة الأزمات، وهذا ما جرى ويجري في العراق ؛ فعوضاً عن تلاشي طبقة الفقراء وحلول الطبقة الوسطى محلها نجد العكس تماماً، الفقراء هم نفس الفقراء يتناسلون كل يوم وكل شهر وكل سنة وكل عقد وكل قرن، في نفس الوقت يتوارث الطغاة المستبدون المفسدون الفساد سواء كانوا كباراً أم صغاراً. يمكن لنا التمييز مابين البلدان المتقدمة سياسياً والبلدان المتخلفة من خلال المقارنة بالنسبة لجملة من الميزات وهي كالآتي: 1. يزداد حجم ونفوذ الطبقة الوسطى في البلدان المتقدمة سياسيا بينما يتضاءل في البلدان المتخلفة أو النامية. 2. يرتفع دخل الفرد في الدول الناجحة سياسياً وينخفض تحت خط الفقر أو يكون بمستواه في البلدان المتخلفة أو يكون فوقه قليلا في البلدان النامية ومثال على تدني مستوى دخل الفرد تحت خط الفقر متمثلاً باجتياح المجاعة عدداً من بلدان العالم. 3. يتسع النطاق الديموغرافي للسكان المتعلمين في الدول التي تتبنى سياسات تعليمية وتربوية ناجحة وينخفض في البلدان الأخرى. 4. يتسع طيف الأوبئة والأمراض في البلدان والدول الفاشلة سياسيا كبعض دول أفريقيا والعراق، ويكون المستوى الصحي قريباً من الحدود العالية في البلدان المتطورة. 5. يرتفع متوسط العمر في بعض البلدان كاليابان والولايات المتحدة والسويد وغيرها؛ حيث تتقارب مستويات الهرم الإحصائي بين متوسطات الفئات العمرية، أما في البلدان المتدهورة سياسياً كالعراق فينخفض متوسط العمر. 6. تشهد البنى التحتية انهياراً في البلدان المتخلفة أو ضعفاً في البلدان النامية وتنمو باطراد في البلدان المتقدمة في المجالين السياسيين الداخلي والدبلوماسي الخارجي. 7. يزداد عدد العاطلين التقليديين والمقنعين في الدول التي تدنت كفاءتها السياسية وينخفض أو يكاد ينعدم في الدول المتحضرة والمرفهة. 8. تقع الدول المتخلفة في مجال إدارة موارد وشؤون الدولة تحت طائلة الديون الباهظة، أما الدول غير المتخلفة فلا تعاني مشكلة الديون إطلاقا. 9. تزدهر المهن الإنتاجية باعتبا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram