اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > البصرة عاصمة للثقافة العربية!

البصرة عاصمة للثقافة العربية!

نشر في: 17 يونيو, 2014: 09:01 م

 بعيداً عن الوضع الأمني وما يجري من مواجهات بين الجيش والقوى الأمنية من جهة وداعش من جهة أخرى في محافظات عراقية، تعمل لجنة ثقافية بمشاركة من حكومة البصرة المحلية ومن خلال اجتماعات متواصلة على الاستعداد لتهيئة الظرف المناسب للاحتفال بالبصرة عاصمة الثقافة العربية للعام 2018 الذي أقر من قبل وزارة الثقافة بشكل نهائي، ورصد له مبلغ 2 مليار دولار . الأمر الذي يبعث على الأمل في معالجة وتلافي الأخطاء التي وقع فيها مشروعا (بغداد عاصمة الثقافة العربية والنجف عاصمة الثقافة الإسلامية) .
   وكانت مشاركة الحكومة المحلية في اجتماعات اللجنة من خلال حضور السيد معين الحسن، نائب المحافظ مبعث امل اكبر، والله نشهد كان الرجل سخيّا جداً في دعم المشروع من خلال طرحه مبادرات تقول بوجوب العلم بان مبالغ طائلة وكبيرة جداً ستقدمها الحكومة المحلية، لا بل اعلن بضرورة بناء بنى تحتية ومشاريع عملاقة، وصروح ثقافية كبيرة تتساوق في أهميتها ما مشيّد منه في اكبر دول العالم، مكرراً: لدينا من المال الكثير والكثير فلا تبخلوا بطرح مشاريعكم مهما كانت كلفتها، نريد أن تكون البصرة بصورتها الكبيرة في الذهن الانساني، والتي يجب أن تكون عليها عاصمة للثقافة العربية وأكثر من ذلك.
  وبناء على ذلك تقدم المشاركون في الاجتماع الأخير بجملة مشاريع تفاوتت في حجمها وأهميتها، لكن الأمر الأهم من ذلك كله كان وجهة نظر المسرحي والفنان الدكتور عبد الكريم عبود، العميد السابق لكلية الفنون الجميلة والذي بدا مفجوعاً من الداخل، حين كشف عن خيبة أمل كبيرة بحجم الصحراء العربية تفصل بين منتجي ومستقبلي الثقافة من جهة وبين المسؤول في الحكومة من جهة أخرى. الأمر الذي يوقفنا على جوهر الفكرة التي تقول كيف نبني الانسان العراقي ثقافياً؟ وهل ستكون المباني والمشاريع العملاقة كافية لصناعة الحياة من خلال الثقافة؟
  نقول ومن خلال تجربتنا مع الحكومات المحلية المتعاقبة والمحافظين بشكل مباشر قبل سقوط النظام السابق وحتى اليوم إن جميع من جلس على الكرسي الأول في المبنى الرسمي يجعلون من امر الثقافة محط سخرية ونقيصة في أدائهم، وما الثقافة من وجهة نظرهم جميعاً ولن نستثني أحداً إلا القضية الأدنى في سلم اهتمامهم، غير مدركين بأن ما نعاني منه من أزمات اجتماعية وأمنية وأخلاقية وسياسية وسواها من موجبات الحياة ما كانت إلا نتيجة طبيعية لإخفاقنا في الارتقاء بإنساننا ثقافياً، ولا يبلغون بتصوراتهم ان أية معالجة لأي مفصل لا تتم خارج فهم المؤسسة والإنسان لمعنى الثقافة.
 وحتى اليوم ظل المسؤول في الدولة العراقية  يفهم الثقافة على أنها مهرجان للشعر ومؤتمر يترأسه لمناقشة حفل بمناسبة ثقافية ما، ولا يبلغ بتصوره أبعد من التصفيق الذي تختزنه القاعة بعد كلمته خلال افتتاح المهرجان هذا وذاك. لكننا معشر المعنيين بأمر الثقافة نجد أنها تتجاوز بحدودها الواسعة المهرجانات والمناسبات وتدخل صميم السلوك العام للأفراد، وهي ركن أساسي في بناء الأسرة وفي تقديم الصورة المثالية لرجل السياسة والأعمال والقائد في الجيش وحتى الطالب في المدرسة، ولن يمكننا أن نتحدث عن مجتمع سوي يتعاطى العلم والتطور خارج تحسسه للموسيقى وتذوقه للشعر والرواية، وما لم تكن الجريدة والكتاب والمجلة وقطعة الموسيقى وتأمل اللوحة الفنية والفيلم السينمائي من اهتمام الإنسان لن يكون الإنسان إنسانا بالمعنى الكلي له، لأنه سيكون بحكم العلم مريضاً.
  ومن أعمال الثقافة الوقوف الطويل أمام الأعمال النحتية والتحف الآثاريّة والاستمتاع بمشهد الشمس وهي تترنح غاربة والتأمل الطويل بمناظر الطبيعة والحنو الانساني على مخلوقات الله، والشعور المطلق بان كل بني البشر إخوان وأصدقاء، وأن الحيوانات في البرية بما فيها الضواري وذوات المخالب لا يقل وجودها أهمية عن وجودنا، وأننا لن نكون، لا بل لا معنى لوجودنا خارج الهارموني العظيم هذا لأن في ذلك تكمن الحكمة الأهم لمعرفة الله.
  لدينا في البصرة مسؤول رفيع لا يصافح السيدات، وآخر يقول عن الآثار كلمة نابية لا يمكنني نطقها على الورق، وثالث يتطيّر من سماع الموسيقى ورابع وخامس وعاشر وثلاثون كلهم يعتقدون بان الثقافة مفسدة من المفاسد، ترى كيف سيمكننا جمع أصواتهم في قاعة المجلس ليصوتوا على صرف المبالغ التي قال عنها السيد  معين بأنها كثيرة ويمكننا الاحتفال بها بالبصرة عاصمة الثقافة العربية للعام 2018 ؟ كيف ؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

المتفرجون أعلاه

جينز وقبعة وخطاب تحريضي

تأميم ساحة التحرير

زوجة أحمد القبانجي

الخارج ضد "اصلاحات دارون"

العمودالثامن: جمهورية بالاسم فقط

 علي حسين ماذا سيقول نوابنا وذكرى قيام الجمهورية العراقية ستصادف بعد أيام؟.. هل سيقولون للناس إننا بصدد مغادرة عصر الجمهوريات وإقامة الكانتونات الطائفية؟ ، بالتأكيد سيخرج خطباء السياسة ليقولوا للناس إنهم متأثرون لما...
علي حسين

قناديل: لعبةُ ميكانو أم توصيف قومي؟

 لطفية الدليمي أحياناً كثيرة يفكّرُ المرء في مغادرة عوالم التواصل الاجتماعي، أو في الاقل تحجيم زيارته لها وجعلها تقتصر على أيام معدودات في الشهر؛ لكنّ إغراءً بوجود منشورات ثرية يدفعه لتأجيل مغادرته. لديّ...
لطفية الدليمي

قناطر: بين خطابين قاتلين

طالب عبد العزيز سيكون العربُ متقدمين على كثير من شعوب الأرض بمعرفتهم، وإحاطتهم بما هم عليه، وما سيكونوا فيه في خطبة حكيمهم وخطيبهم الأكبر قس بن ساعدة الإيادي(حوالي 600 ميلادية، 23 سنة قبل الهجرة)...
طالب عبد العزيز

كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته البيئية-المناخية الخانقة؟

خالد سليمان نحن لا زلنا في بداية فصل الصيف، انما "قهر الشمس الهابط"* يجبر السكان في الكثير من البلدان العربية، العراق ودول الخليج تحديداً، على البقاء بين جدران بيوتهم طوال النهار. في مدن مثل...
خالد سليمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram