TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بلام المؤامرات

بلام المؤامرات

نشر في: 17 يونيو, 2014: 09:01 م

"لابد من   تضافر  وتوحيد الجهود والعمل المشترك لدحر  المؤامرات التي تواجه الامة العربية"، في اشارة الى التهديد الاسرائيلي. العبارة  سمعها العرب منذ انعقاد اول قمة لملوكهم ورؤسائهم ، وبعد  اكثر من نصف قرن  مازالت القمم العربية تكرر العبارة ، على الرغم من افتتاح سفارات اسرائيلية في عواصم عربية ،ووجود قواعد عسكرية اجنبية في مساحات شاسعة من ارض العرب ،ولعل الغريب  انه لم يبادر احد من اصحاب  الجلالة والسيادة والسمو السابقين والحاليين الى كشف تفاصيل المؤامرة ، حتى  تعرف الرعية من عباد الله، العدو من الصديق ، ولكن المسألة ظلت غامضة واصبحت واحدا من اسرار الامن القومي .
في اي خطاب لزعيم عربي ترد مفردة المؤامرة اكثر من مرة ، وكأنه يريد توجيه رسالة الى شعبه  تفيد بان وجوده في منصبه ، يعني الرخاء والاستقرار والرفاهية وتحقيق التنمية الاقتصادية وحتى الوصول الى بطولة كأس العالم ، والمؤامرة من وجهة نظره تعني ازاحته او اقالته وربما خلعه ، وحينذاك يفقد شعبه  منجزات ومكتسبات لا توجد في كل دول العالم الثالث والثاني والاول  ، وما ان ينتهي الزعيم من "خطبته التاريخية" حتى يتولى الاعلام الرسمي تحشيد الرأي العام  للوقوف صفا واحدا لإحباط  مخططات المتآمرين ، ثم تنهال برقيات  إعلان  الولاء  والتأييد لطويل العمر تجدد البيعة ،  وتؤكد بذل الغالي والنفيس للدفاع عن البلاط والقصر الجمهوري .
لا يقتصر الحديث عن مفردة  المؤامرة  على الزعماء والأوساط السياسية ، بل  انتقلت الى عامة الناس ، ومنهم والدة وزير عراقي في العهد الملكي ، كانت تتدخل في عمله بصفة مستشار لصاحب المعالي ، ومن ارشاداتها انها كانت تجبر ابنها على ان تكون في حقيبة سفره الليفة وكيس الحمام ، لاستخدامها في الاستحمام بفنادق العواصم الاجنبية ، وان يغسل يديه بالصابون في حال اضطر الى مصافحة  مسؤول في الدول الاستعمارية، الوزير كان حريصا جدا على تطبيق ارشادات ونصائح الحجية الوالدة ، لانها وبحسب اعتقاده  تمتلك  مجسات خارقة في كشف المؤامرات ، ثم احباطها باستخدام الليفة والصابونة مع كيس الحمام لتطهير البدن من نجاسة  المستعمرين الطامعين  بالسيطرة  على الثروة الوطنية النفط والغاز وتمر الزهدي .
الصحفي الراحل  ابراهيم عبد الرحمن ابو رحومي اكتشف في منتصف  سبعينات القرن الماضي  علاقة المؤامرة بالليفة والصابونة ففي يوم  اعلان  إحباط  ما كان يعرف  بمؤامرة ناظم كزار ،  كان ابو رحومي مع   ثلاثة  من زملائه كان يستقلون  سيارة فوكس واكن ويرددون اهزوجة  "جبنالك ليفة وصابونة" ، وعند مرورهم بالقرب من القصر الجمهوري استوقفهم رجال الأمن،  وبعد سؤال وجواب  تم التوصل الى حقيقة ان الاربعة وبتأثير "قناني الفريدة " رددوا الأهزوجة ، ولا علم لهم بالمؤامرة، اخلي سبيلهم مع  منعهم  من العودة وسلوك الطريق القريب من القصر الجمهوري .
  الراحل ابو رحومي خرج من تلك الواقعة  وكما رواها لزملائه، باستنتاج  بان علاقة الليفة بمؤامرة ناظم كزار أخذت مديات ابعد ، وخاصة عندما يعلن المسؤولون  تطهير الأرض من دنس الأعداء ، والتطهير يعني تنظيف المكان بالسلاح او بواسطة الليفة والصابونة او  كيس الحمام .وتبا للمتآمرين .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram